الناشر

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

يلتقي اليوم في الشارقة أكثر من 2500 ناشر وعارض ومختص في صناعة الكتاب، من 112 دولة عربية وأجنبية، وذلك في الدورة 14 لمؤتمر الناشرين، والمؤتمر كالعادة يسبق افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب بأيام قليلة، وهو حدث دولي كبير، بل الأكبر في العالم على مستوى تخصصه وآليات تداولاته ومقارباته الفكرية والمهنية، وأصبح المؤتمر، عبر سياق دوراته الماضية، وما نجم عنها من تقاليد وأفكار ذات صلة بصناعة النشر العالمية، علامة ثقافية في العالم وفي الإمارات، والمؤتمر أيضاً يتوازى في عالميته التعددية مع عالمية معرض الشارقة الدولي للكتاب، وأصبح مرة ثانية فضاءً تشاركياً للآلاف من الناشرين المشاركين مباشرة في المؤتمر، إلى جانب المشاركين في المعرض. هذه تظاهرة بل ظاهرة عالمية أساسها صناعة الكتاب واحترام مهنية وأخلاقيات هذه الصناعة التي هي في حقيقة الأمر من أنبل وأرقى الصناعات الإبداعية، وذلك لاتصالها المباشر بالإنسان وفطرته على الثقافة التي تشمل الفنون والجماليات والمعرفة، وهذه معاً تقع تحت عنوان واحد هو: «الكتاب».
ولد مؤتمر الناشرين من رحم معرض الكتاب في الشارقة، وانتظم في دورات سنوية أوجدت صيغة دولية جديدة للمعرض، الأصل فيها هو: «الكتاب».
المعرض منذ الثمانينات وإلى اليوم يتوجه في أهدافه ورؤيته إلى القارئ وثقافة القراءة التي يؤسسها الكتاب، وكذلك، يتوجه مؤتمر الناشرين، ضمنياً وعملياً، إلى الكتاب الذي هو أساس القراءة.
معرض الكتاب ومؤتمر الناشرين أفق ثقافي واحد، بدءاً من المحلية الإماراتية، مروراً بالمدى العربي، وانتهاء بصورة العالم الواحد الذي يقرأ بالمئات أو بالآلاف من اللغات، لكن في حقيقة هذا العالم أنه كله يقرأ بلغة واحدة، هي لغة ثقافة الحياة.
بكلمة ثانية، مؤتمر الناشرين الدولي في الشارقة هو مؤتمر لغات إلى جانب كونه مؤتمر صناعة كتاب، ومهما تعددت لغات الكتب التي يصنعها الناشرون، فإنما هي كتاب واحد، والقرّاء حول العالم يقرأون ملايين الكتب، وفي حقيقة أمرهم أنهم يقرأون كتاباً واحداً: كتاب الحياة.
من هذه الزاوية الكونية الإنسانية، يمكن قراءة الروح الأخرى أو الروح الثانية في مؤتمر الناشرين.
الناشر لا يصنع كتاباً وينتهي الأمر، بل هو يقارب بين البشر باللغة، أو يؤالف بين الشعوب بالكتب.. بكل هذا الحبر والورق الذي هو شعر ورواية وتاريخ وفلسفة وعلم وجمال.
اقرأ الناشر بعين مختلفة عن كونه صانع كتب. اقرأه إذا أردت بوصفه رحّالة أو مسافراً أو ناقلاً للمعرفة من مكان إلى آخر.. إنه على نحو ما جوّال في الأرض الدنيا الصغيرة هذه تحت السماء، ويبحث عن شيء ما في الكتب.
هل الناشر.. شاعر؟
على نحو ما.. نعم، بل هو مغامر، وربما، من باب المغامرة ذهب بعض شعراء العالم إلى النشر. (شاعر ناشر)، أو (كاتب ناشر)، ولأن الروح تغلب العقل نجح هؤلاء المغامرون.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2c3b6ptc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"