فيروز والمدن العربية

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

ما من مطربة غنت عن وإلى العواصم والمدن العربيّة كما فعلت فيروز، وبعض هذه الأغاني كانت تخصصها للمدن التي تزورها لإحياء حفلاتها فيها، وكان لفلسطين حصة منها، فمن منا لا يعرف أغنية «زهرة المدائن»، التي غنتها عن القدس المحتلة بعد احتلالها عام 1967، إضافة إلى أغنيتها «سيف فليشهر»، من كلمات سعيد عقل.
ولسعيد عقل أيضاً غنت «يا شام عاد الصيف» التي كانت تُدشن بها حفلها السنوي في افتتاح معرض دمشق الدولي، وعن دمشق أيضاً غنت: «سائليني حين عطرت السلام/ كيف غار الورد واعتل الخزام/ أنا لو رحت أسترضي الشذا/ لانثنى لبنان عطراً يا شآم».
بالإضافة إلى القدس ودمشق، غنت فيروز لبلدان ومدن عربيّة مختلفة، فعن بغداد غنت أثناء حفلها في العاصمة العراقية: «بغداد والشعراء والصورُ/ ذَهَبُ الزمان وضوعُهُ العَطرُ/ يا ألف ليلةَ يا مُكَمّلة الأعراس/ يغسل وجهك القمرُ». وفيروز التي أعادت تقديم عدد من الأغاني المصرية الشهيرة بتوزيع جديد للأخوين الرحباني، مثل أغنية سيد درويش «الحلوة دي»، وأغنية «شط اسكندرية»، خصّت مصر بأغنية «مصر عادت شمسك الذهب»، وأهدت الأردن الأغنية التي تقول: «عمان في القلب/ أنت الجمر والجاه/ ببالي عودي/ مري مثلما الآه».
وفعلت الشيء نفسه لمدن المغرب العربي، ومن ذلك أغنيتها عن تونس التي قدمتها في أول حفل لها هناك في ستينات القرن الماضي، والتي جاء في مطلعها: «إليك من لبنان أغنية صديقة/ يا تونس الشقيقة يا وردة البلدان/ إليك يا سليلة الملاحم/ يا نجمة القصائد القديمة».
وفي عام 1962 أهدت فيروز، من كلمات الأخوين رحباني، المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد أغنية «صديقتي جميلة»، التي كانت في سجون المستعمرين الفرنسيين، وبالمثل حيّت فيروز المغرب، في أغنية جاء في كلماتها: «من وطني تحية الرجولة/ إلى شواطئ المغرب الأبية».
ولا يمكن نسيان أغنيتها عن مكّة المكرّمة، التي نظر إليها كعلامة من علامات التسامح الديني، وتآخي الأديان، وتعايش أهلها في مجتمعاتنا، قبل أن تعمّ موجة التطرف والتعصب والكراهية بكافة صورها في العالم العربي، خاصة أن كاتب الكلمات، سعيد عقل، وملحنيها، الأخوين رحباني، ومغنيتها فيروز هم جميعاً مسيحيون، ولم يجدوا أي غضاضة في أن يقدّموا أغنية لقبلة المسلمين.
وحين أحيت فيروز حفلاً في الكويت في ستينات العقد الماضي، وعلى جري عادتها في حفلاتها في البلدان العربية، أهدتها أغنية من كلمات الأخوين رحباني: «غني الكويت وغني علاها ويومها الوطنيّا»، وفي عام 1984، غنت فيروز، في زيارة لها لدولة الإمارات كلمات قصيدة جاء في مطلعها: «عادت الرّايات تجتاحُ المدى/ وجعَلْنا موعِدَ المجد غَدا/ يا إماراتٍ على أبوابها يصرُخ/ البحر وينهدُّ الصدى».
[email protected]

https://tinyurl.com/y9k52u9n

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"