«لقد وجهتني عجلة القيادة في رأسي، مجازياً وحرفياً، في اتجاه جديد في حياتي». هذا ما فكرت به جوليا هيل بعد أن تعافت من تبعات حادث سيارة تعرضت له أفقدها قدرتها على الكلام والحركة لمدة عام حين اخترق مقود السيارة جمجمتها.
هذا الحادث كان سبباً لأن تفكر بطريقة مختلفة في حياتها التي عاشتها لوظيفتها بالمركز الأول حين عملت نادلة في مطعم ثم مديرة له، فبدأت رحلتها لاكتشاف الروح، الأمر الذي جعلها تنضم للقضية البيئية التي تعارض تدمير غابات الخشب الأحمر في كاليفورنيا، قائلة: أيقظني الحادث على أهمية اللحظة، وفعل كل ما بوسعي لإحداث تأثير إيجابي على المستقبل.
بدأت الرحلة حين تطوعت مع مجموعة للجلوس بشكل متناوب على الأشجار في منطقة الغابات الحمراء التي كانت تقطع أشجارها المعمّرة من قبل إحدى الشركات لصناعة الكراسي، فطلب من المجموعة التطوع لمدة أسبوع لكنّ أحداً لم يتقدم ففعلتها جوليا هيل، وتسلقت شجرة طولها يزيد على ٥٥ متراً.
ولم تكن المدة أسبوعاً، بل تحولت إلى ٧٣٨ يوماً بين عامي ١٩٩٧و ١٩٩٩م، عانت فيها الظروف الجوية القاسية كالثلوج والأمطار، وصعوبة إيصال المؤن لها، وصعوبة العيش على جذع شجرة كان هو رصيفها وبيتها وجهازها للمشي الرياضي. وتعلمت العديد من مهارات البقاء على قيد الحياة أثناء إقامتها في الشجرة التي أسمتها «لونا»، كعدم غسل قدميها إلا قليلاً، واستخدامها لكيس النوم والهواتف التي تعمل بالطاقة الشمسية وغيرها من الحيل التي مكنتها من الصمود.
هذا الإصرار وهذه الرغبة في التغيير كانا سبباً لتعاطف وسائل الإعلام وكثير من المنظمات والجهات حتى اضطرت الشركة إلى التراجع عن قرار قطع الأشجار مقابل ٥٠ ألف دولار جمعها الناشطون بالتعاون مع جوليا هيل.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت جوليا هيل متحدثة تحفيزية تعقد نحو 250 حدثاً سنوياً، ومؤلفة كتب تعتبر من أكثر الكتب مبيعاً ككتابها «إرث لونا» ومشاركتها في كتاب «واحد يصنع الفرق».
إصرار جوليا هيل وإيمانها بنفسها وبقضيتها جعلاها تغير قرارات رسمية واقتصادية، وجعلاها تكون مصدر إلهام لغيرها وحافظاً على البيئة وعلى الأشجار المعمّرة التي تبلغ من العمر ١٥٠٠ عام تقريباً، وهو ما يعادل أضعاف عمر الشركة المعتدية، ما يؤكد أن الأصالة تغلب أي طارئ أو كائن مؤقت لا جذور له، فصاحب القضية يفوق المعتدي قوة وقدرة على الصمود.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







