جولة الرئيس الصيني شي جين بينغ في جنوب شرق آسيا التي بدأت يوم الاثنين الماضي في فيتنام، وانتقل بعدها إلى ماليزيا، وانتهت أمس في كمبوديا، وهي أول زياراته الخارجية هذا العام، تأتي في ذروة حرب الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دول العالم، وخصوصاً على الصين التي نالها النصيب الأوفر من هذه الرسوم.
لذلك، فإن هذه الجولة هدفها الرئيسي هو مواجهة هذه الحرب، والسعي إلى إقامة شكل جديد من التحالفات مع الدول الآسيوية المتضررة، وتجاوز الخلافات الإقليمية بشأن بحر الصين الجنوبي.
يحاول العملاق الآسيوي من خلال هذه الجولة الثلاثية الظهور كشريك اقتصادي موثوق و«غير مهيمن»، خلافاً لواشنطن بعدما فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية طالت الصين ب 125 في المئة، و46 في المئة على فيتنام، و24 في المئة على ماليزيا، و49 في المئة على كمبوديا، لذلك فإن هذه الجولة هدفها تعزيز علاقات الصين مع جيرانها في جنوب شرق آسيا لتعويض تداعيات الحرب التجارية الأمريكية، وبناء «مجتمع مصير مشترك استراتيجي»، و«كتابة فصل جديد في حسن الجوار والصداقة والتعاون»، على حد قول شي.
إن هذه الجولة لا تتعلق فقط بالصداقة وتوثيق العلاقات، وتنسيق الرد على ضرائب ترامب، بل بإعادة توجيه مركز الثقل الإقليمي نحو الصين.
يذكر أن الصين أول شريك تجاري لماليزيا منذ 16 عاماً على التوالي، وفي عام 2024 بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين وماليزيا 212.04 مليار دولار أمريكي، واستقبلت ماليزيا في العام نفسه 3.8 مليون زائر صيني. كما كانت الصين أكبر شريك تجاري لكمبوديا لمدة 11 عاماً، وارتفع حجم التجارة بنسبة 17.5 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 16.02 مليار دولار، كما استثمرت الشركات الصينية أكثر من 10 مليارات دولار في كمبوديا.
ووقّع الرئيس الصيني 45 اتفاقية مع فيتنام تتناول مختلف الحقول التجارية والصناعية والعلمية والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية وسلاسل التوريد، كما دعا الجانبان إلى إدارة الخلافات البحرية بالحوار، في إشارة إلى النزاع في بحر الصين الجنوبي.. وتعتبر فيتنام أكبر شريك اقتصادي للصين بين دول الآسيان التي استوردت سلعاً من الصين العام الماضي بقيمة إجمالية بلغت 586.5 مليار دولار، كانت حصة فيتنام منها 161.9 مليار دولار.
دعا الرئيس الصيني خلال جولته إلى «معارضة الهيمنة والأحادية والحمائية بشكل مشترك»، كما دعا إلى «تنفيذ مبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، من أجل حماية النزاهة والعدالة الدولية بشكل مشترك، وحماية السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في آسيا وخارجها»، ما يعني أن الزعيم الصيني يطرح شعارات تتناقض تماماً مع شعارات الرئيس الأمريكي التي تقوم على مبدأ القوة والهيمنة ورفض العولمة والتشكيك بمبدأ سيادة الدول، ويعني أيضاً أن حرباً تجارية مفتوحة بدأت بين الولايات المتحدة والصين، وسوف تأخذ مداها، طالما أن هناك إصراراً أمريكياً على عدم التراجع، وإعلان الصين بأنها لن تستسلم، وسوف تقاتل حتى النهاية.
خلال جولته الآسيوية ردّد شي المثل الصيني الذي يقول «في الرحلة الطويلة تُختبر قوة الحصان، وعلى مر الزمان يتجلّى جوهر الإنسان»، مؤكداً صمود الصين وقبولها التحدي.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







