إيمان عبدالله آل علي
في جلسة حديثة عقدها المجلس الوطني الاتحادي، أثيرت قضية بالغة الأهمية تتعلق بمستقبل مئات الطلبة الإماراتيين الذين اختاروا مواصلة تعليمهم العالي خارج الدولة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قرارات لاحقة بعدم الاعتراف بشهاداتهم الأكاديمية، رغم حصولهم مسبقاً على «شهادة لا مانع من الدراسة»، هذه الإشكالية لم تعد مجرد مسألة إدارية أو فنية، بل تحوّلت إلى موضوع مهم يتعلق بمستقبل الطلبة وحقوقهم.
إن منح شهادة «لا مانع» من الجهات الرسمية يفترض أن يشكّل ضمانة مسبقة للطالب، تؤهله لخوض تجربة تعليمية في الخارج، من دون قلق مستقبلي على معادلة شهادته، إلا أن بعض الحالات التي عُرضت في المجلس كشفت أن هذه الشهادة لم تكن كافية، إذ سترفض معادلة تلك الشهادات، بدعوى أن الجامعات أو البرامج الدراسية أصبحت غير معتمدة أو لا تتماشى مع المعايير المستحدثة، وهذا يضع الطالب في موقع ضبابي قانونياً ومهنياً، ويهدد مستقبل مسيرته التعليمية والوظيفية.
لا شك في أن الحفاظ على جودة التعليم، والتأكد من الاعتراف بمؤسسات أكاديمية معتمدة عالمياً أمر ضروري لحماية المجتمع وسوق العمل، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن إطار واضح، وشفاف، ويأخذ في الحسبان الوثائق الرسمية التي حصل عليها الطالب من الجهات المختصة قبل بدء دراسته، فمن غير المقبول أن يتحمل الطالب تبعات إصدار قرارات جديدة أو تحديثات لم يبلغ بها مسبقاً، بل يجب أن تشمل القرارات الجديدة الطلبة الجدد ولا تسري على السابقين.
لقد عبّر عدد من أعضاء المجلس الوطني، عن قلقهم تجاه هذا التباين، داعين إلى إعادة النظر في الإجراءات التنظيمية، وضمان أن تكون شهادة «لا مانع» ملزمة وذات صلاحية قانونية، أو أن ترفق بتفاصيل دقيقة تشرح للطالب الشروط المحتملة للاعتراف بالشهادة لاحقاً.
الحل يكمن في التوازن بين التوجهات الحكومية الهادفة إلى ضبط جودة التعليم وإنصاف الطلبة، ويجب أن يرافق ذلك إنشاء قاعدة بيانات وطنية محدثة ومفتوحة توضح أسماء الجامعات والبرامج المعتمدة وغير المعتمدة، مع إشعار الطلبة بأي تحديث في هذه القوائم عبر قنوات رسمية واضحة. كما أن على وزارة التعليم العالي النظر في حالات الطلبة المتضررين فردياً، بما يضمن العدالة، من دون الإضرار بمستقبلهم الأكاديمي.
في النهاية، الثقة بين المواطن والجهات التعليمية الرسمية في الدولة تبنى على الوضوح، والالتزام، وملف شهادات الطلبة الدارسين في الخارج فرصة لتعزيز هذه الثقة عبر مراجعة السياسات، وتحقيق التوازن بين جودة التعليم وحماية الحقوق المكتسبة.