واحدة من فوائد التطور البشري

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

بين يدينا عدة مفاهيم تتفق جميع الأديان السماوية على حيويتها وأهميتها، وكانت محل اعتزاز وتقدير في كل حضارة بشرية، ومع أن هناك اتفاقاً على صحتها وفائدتها وأثرها على الفرد والمجتمع، فإنك قد تجد رفضاً أو تعالياً عليها أو تسطيحاً لدورها أو تجاهلاً لفائدتها. هذه المفاهيم يمكن تسميتها بالقيم، وهي متعددة ومتنوعة، وهي ضابط أخلاقي للمجتمعات قبل التطور البشري ووجود القوانين بشكل ملاصق وقوي للإنسان. قيم مثل: الأمانة، الإخلاص، الصدق، العدل، الإنصاف، التسامح، الإيثار، إتقان العمل، واحترام الآخرين.. جميعها قيم وجدت منذ فجر التاريخ البشري، وحتى يومنا هذا تنبض بالحياة بحيوية وأهمية بالغة، لذا سارعت المجتمعات إلى أن تكون هذه القيم جزءاً من تشريعاتها القانونية، حيث لم تترك المجال للفرد بأن يتقيد بأي قيمة يرغب فيها ويهمل الأخرى. على سبيل المثال قيمة الجودة في العمل والإخلاص، ضدها أو عكسها الإهمال والتلاعب، هنا جاءت قوانين العمل وقالت كلمتها العليا، إن وجدت قيمة الجودة والإخلاص لدى الموظف، فخير وبركة، وإن تم تجاهلها فإنه سيعاقب وفق نصوص القانون، حيث يتم قياس الأداء ومراقبة الإنتاجية ونحوها من الإجراءات. 
الحال نفسه تجده في قيمة مثل الصدق، قد يكذب أحدهم في جلسة مع أصدقائه، ويضفي بعضاً من الأحداث غير الصحيحة على قصته لأي سبب لديه، لكن عندما يتمادى في الكذب ليصبح صناعة تمس المجتمع واستقراره، هنا يتدخل القانون للردع والعقاب، مثل نشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي والكذب والتحريف، هنا تكون جريمة مخلة بالمجتمع واستقراره وعملاً فيه تظليل وتحريف للحقائق، والحال نفسه في قيمة مثل الأمانة، حيث تعدت مفهومها الفردي ليصبح لها وقع عام على جميع أفراد المجتمع، ويتم تجريم التفريط في الأمانة أياً كان نوعها أو مكانها، عندما تكون موظفاً عاماً، هناك حقوق للآخرين تتطلب الأمانة، وعند إهمالها ستكون للقانون كلمته. 
قيمة مثل التسامح، لم يعد هذا المبدأ منوطاً بالفرد وتربيته ومبادئه؛ بل بات حاجة اجتماعية، وعند الخروج عنه ستكون هناك عقوبات نصت عليها القوانين والأنظمة؛ لأن ضد التسامح أو عكسه، العداوة والكراهية، وهي مدمرة لأي مجتمع ينشد التطور والتقدم والبناء والنهوض الحضاري. 
وهكذا نجد أن القيم التي وضعت منذ فجر البشرية كمبادئ للإنسان  يمكن التحلي بها ولتكون صفات يُعرف بها هذا أو ذاك  باتت اليوم محمية بالقوانين والأنظمة، ولم يعد للإنسان إلا التوجه نحوها والتحلي بها. هذه واحدة من فوائد التطور البشري.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"