الكتاب إلى الدماغ مباشرة

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف هو شوق المثقفين إلى أن يفي إيلون ماسك بوعده؟ شركة «نيورالينك» في سان فرانسيسكو، تنام ملء جفونها عن شوارد التكنولوجيا، في الرقمي والذكاء الاصطناعي والخلايا العصبية الاصطناعية، وأهل الكلمة ينوحون يا ليلُ الرقائقُ والشرائحُ متى غدها؟ «نيورالينك» تأسست سنة 2016، واقتحمت الميدان على طريقة المعري: «وإني وإن كنت الأخير زمانه.. لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ»، وإن شئت على طريقة «الكاوبوي»، حين يرفس مصراعي الباب المتحركين شاهراً مسدّسين معاً.
كسالى القراءة، الذين يعشقونها ولا يصبرون عليها، يريدون الكتاب في رشفة، لوعتهم وتسهيدهم أشد، عيونهم على دروب الشبكة: متى تحقق «نيورالينك» الحلم الكبير؟ الشركة من غاياتها إقامة اتصالات مباشرة بين الدماغ والذكاء الاصطناعي، عبر شريحة صغيرة تزرع تحت فروة الرأس، مساحة هذه الرقاقة أقل من سم مربع.
القضية فيها ألف تعقيد وعقبة، حتى لا يتوهم المثقفون أنها مجرد سلق بيض تكنولوجي. لن يجرؤ القلم على الخوض في التفاصيل العلمية فيرتكب ذنبين معاً: تشويه نقل المعلومات، وانعدام الأمانة إزاء القارئ.
بإيجاز: تكمن عقبات معينة في ضرورة التعامل الدقيق الحساس مع الخلايا العصبية وتشابكاتها في الدماغ البشري، بالنحو الذي يجعلها عند تنزيل كتاب كامل، من الذكاء الاصطناعي إلى الدماغ مباشرة (تماماً كما لو كان من موقع شبكي إلى القرص الصلب في حاسوبك)، تتعامل معه الذاكرة كما لو كان الشخص قد قرأ الكتاب سطراً سطراً.
إذا تحقق الحلم فإن إيلون ماسك سيقام له في كل حي وحارة تمثال يصدح لمن يقف عنده: «شبّيك، لبّيك، كتب الشرق تجيك، وكتب الغرب تجيك، ومكتبة الكونجرس تنصبّ بين أذنيك». 
ثمة أمور تحتاج إلى حلول، لأن المساس بأدمغة الناس مسؤولية صحية وقانونية. لكن، لا مجال للاعتقاد أن المرام بعيد المنال، إذا كان هذا مراماً بعيداً، غير أن الغاية التي تسير إليها الإنسانية، لا يُسبر لها غور، ولا يدرك لها مدى. هذا هو منطلق الفرس في التربية والتنشئة، لأننا في قلب الانتقال إلى نموذج فكري جديد (باراديجم)، نظام بيئي (إيكوسيستم) مختلف، هو حضارة رقمية، فيها طرائق إدراك غير مألوفة، حواس إضافية غير مسبوقة، إلخ إلخ...
لزوم ما يلزم: النتيجة التأملية، كل ذلك والعقل البشري لا يزال في السطر الأول من الصفحة الأولى من عجائب فيزياء الكم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"