عادي
نبض المواقع

«مقتل بائع الكتب».. مأساة المثقف في ظل الحرب

04:16 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة:علاء الدين محمود

لقيت رواية «مقتل بائع الكتب» للكاتب العراقي سعد محمد عبد الرحيم، الصادرة عن دار سطور للنشر والتوزيع، صدى كبيراً وسط القراء العرب، وهي من الروايات التي وصلت إلى مرحلة القائمة القصيرة في جائزة «البوكر العربية» لهذا العام.
تتناول الرواية بشكل أساسي مأساة المثقف العراقي أثناء الحروب، عندما تحكي قصة شخص ثري مجهول يكلف الصحفي «ماجد بغدادي» بتأليف كتاب عن حياة بائع كتب عجوز يدعى محمود المرزوق، قُتل في شارع بمدينته بعقوبة في وضح النهار وسط جموع الناس، ويقتضي الاتفاق من الصحفي تتبع مسار حياته وملابسات مقتله.
وإذا كانت الرواية قد انفتحت في مشاهدها الأولى على حبكة بوليسية، إلا أنها تمر بمنعطفات عديدة، وتحتشد فيها الصور السردية. حيث ينغمس الصحفي في حياة المرزوق الصاخبة والمركبة، ويتعرض للاعتقال في مرات عديدة، غير أن الصدفة تخدم الرجل فيسافر إلى باريس، وبراغ حيث يتعرض للمتاعب السياسية هناك، إلى أن يعود أخيراً إلى العراق ويُقتل في مدينة بعقوبة في زمن الحرب.
تتناول الرواية بشكل أساسي حياة المثقفين العراقيين ومواقفهم في أزمنة الحرب، تحت وطأة النظم الشمولية، فهي تعكس عن قرب حجم معاناة المثقف، ولئن انتهت سيرة المثقف مرزوق بموته، إلا أن حياة أخرى تنهض، تلك التي تحركها الأسئلة الحارقة، لترسم المأساة في أبشع صورها، فالكاتب يستعيد المرزوق من جديد عبر معاناته وحكاياته وأثره في الحياة عبر دفاتر يومياته، صوره الفوتوغرافية، لوحاته المرسومة، رسائل أقرانه عنه، حكايات من عاصروه في المعتقل وفي بلدة «بعقوبة»، ليبقى سبب مقتله من الأسرار الغامضة في الرواية.
وقد أبدى الكثير من القراء على مواقع «مراجعات الكتب»، دهشتهم من إحكام الكاتب سيطرته على تلك التفاصيل الغريبة والمتنافرة، والمحتشدة بالغرائبيات، من خلال تنويع الكاتب في أساليب السرد، لتتماهى مع التعقيدات
في حياة بطل الرواية وكذلك تعدد الشخوص التي عرفها، والحيوات التي عاشها.
يقول أحد القراء: «الكاتب كان منكباً على بلورة فكرة العراق الجريح، لينسج مجموعة من الأفكار الصغيرة على محيط الفكرة الكبرى، مستخدماً فيها تقنية المذكرات والمتون السردية للشخصيات الرئيسة، التي تكشف نفسها عبر طريقة الفلاش باك، مصوراً الواقع العراقي البائس لدرجة يصعب تصورها، حيث يتناول حال المثقفين العراقيين منذ ستينات القرن الماضي حتى قبل تداعيات الحرب الأمريكية على العراق».
فيما يقول قارئ آخر: «الرواية محاولة فنية استثنائية للغور في سيرة شخصية مغمورة لها إبداعاتها الفنية المبتورة، السرد تميز بغموض صاغه الكاتب في شكل يجذب القارئ».
غير أن البعض يرى كذلك بعض العيوب التي لازمت الرواية من حيث التنميط، فصورة المثقف في الرواية لم تختلف عن تلك الصورة التي ترسم غالباً للمثقف اليساري.
كما ذهب بعض القراء إلى أن الفكرة كان من الممكن أن تتحول إلى رواية عظيمة، غير أن الحبكة اعتراها ضعف، وجاء السرد مملاً في بعض الأحيان، في ما رأى آخرون أن التقنيات السردية تم استثمارها بشكل جيد، وأن الرواية وظفت عدداً من الفنون كالتحقيق الصحفي، فضلاً عن الوصف الدقيق للأماكن فيما يشبه اللقطات الفوتوغرافية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"