عزف غير منفرد على القانون

04:25 صباحا
قراءة 3 دقائق
حبيب الصايغ

تذهب العبارة إلى الاستعارة، فليس في الموضوع موسيقى ولا من يعزفون. إنما ينصرف القصد إلى القانون الذي نحترم بقدر ما يؤثر في حياتنا وحياة المجتمع، وإنما ينصرف إلى القوانين ومشاريع القوانين، باعتبار أن لبعضها تاريخه الخاص وسيرته الذاتية غير الاعتيادية، ما يمكن أن يروى ليكون محل نظر واعتبار، وباعتبار أن بعضها كان حديث المجالس ورهن مطالبات إعادة النظر والتعديل وما زال. أول الحديث، والذكرى تنفع المؤمنين، عن قانون الشركات العامة الذي ظل محل التداول والأخذ والرد قرابة عقود ثلاثة، ثم وجد طريقه إلى الحياة بعد ولادة أشبه ما تكون بالقيصرية، وقد ظل، فترات طويلة، عالقاً، على تعاقب الوزراء والتعديلات الوزارية.
الآن هذا القانون حاضر ويؤدي دوره كما يجب، وقد قصد بالتذكير به كمدخل، التأكيد على أن القوانين في الإمارات، في الأغلب الأعم، نتيجة شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع، وقد أسهم استمزاج آراء قطاع الأعمال وآراء الحكومات المحلية، بطبيعة الحال، في «تطويل» مدة ولادة قانون الشركات العتيد، ولو تقدم أحد بحكاية هذا القانون إلى موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية لأضيف بسهولة.
لم يكن العزف على ذلك القانون منفرداً لما يقارب العقود الثلاثة، كما لم يكن العزف على قانون العمل وتعديلاته المفترضة منفرداً. لقد كان عزفاً جماعياً بامتياز، وكانت له ضجته ونقاشه المجتمعي بين الحين والآخر، وفي هذا القانون لا يفهم أكثر من قانون الشركات، هذا التأخير المخل بالفكرة من أولها إلى آخرها، فكلما مر زمن في مجتمع متغير كالإمارات كانت الحاجة إلى التعديل أكبر، وربما تجاوزنا بعد ذلك جزئية التعديل إلى كلية تغيير القانون جذرياً، فلهذا القانون علاقة وثيقة بتوطين القطاع الخاص، وبتجسير الهوة الهائلة بين امتيازات القطاعين الحكومي والخاص (عطلة يوم السبت وحدها تمثل فارقاً قدره 54 يوماً في السنة).
ومعلوم أن الاعتراضات من بعض قطاع الأعمال، فهل تعود تعديلات قانون علاقات العمل إلى الواجهة؟
من القوانين المهمة المرشحة، على مدى فترات زمنية طويلة، للتعديل، نظراً للتطبيق ومخرجات التجربة، قانون الأحوال الشخصية، حيث تشير فئات اجتماعية إلى تأثير سلبي لبعض مواده، فكم رصد ذلك أو شكل نوعاً من الاقتناع على الصعيد الرسمي؟
ولقد عزف على وتر قانون الجمعيات ذات النفع طويلاً، وقالت فئاته المعنية، حتى في لقاءات مع جهات الاختصاص، إنه لم يعد يلبي حتى الاحتياجات الأساسية، خصوصاً في أفق تقدم المؤسسة الحكومية مقابل مؤسسة المجتمع المدني، فيما المطلوب تحقيق نوع من التوازن والاتزان، فهل ظلت نية المراجعة قائمة؟ أفيدونا.
ويظل العزف الجماعي على قانون الموارد البشرية، متبوعاً بطلب النظر المستمر في قوانين وأنظمة التأمينات والمعاشات، قائماً، فهل يدخل ذلك في الخطط القريبة أو البعيدة؟
ثم حدث عن الإعلام والعزف غير المنفرد على قانونه ولا حرج، فوسط اتفاق عام على عدم صلاحية قانون المطبوعات والنشر الحالي للحاضر والزمن المقبل، تمت مراجعات عدة أنتجت مشروع قانون الأنشطة الإعلامية الذي تولد اقتناع أكيد عند أهل الاختصاص تجاوبت معه الجهات العليا الموقرة بأنه لا ينسجم واحتياجات وطموحات الإمارات في راهنها المضيء كان ذلك منذ سنوات طويلة، فماذا عن مستقبل أصبح حاضراً الآن، وماذا عن مستقبل يأتي أسرع مما يتوقع أو يتصور؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"