اتحاد مصارف الإمارات.. وزمام المبادرة

04:08 صباحا
قراءة 4 دقائق
محمد أبوشعبان *

المبادرة تعتبر في غاية الأهمية حيث من خلالها ستمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني عدم قدرتها على الوفاء باستحقاقاتهم نتيجة نقص في السيولة من إعادة هيكلة دفعات الاستحقاقات الخاصة بها،
حين أقر اتحاد مصارف الإمارات نهاية الشهر الماضي مبادرة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تواجه صعوبات في سداد مديونيتها، فإنه يثبت للجميع بأن الأمور يجب أن تدار باتخاذ المبادرات الجدية وبخطوات استباقية واضحة وعدم الانتظار لحدوث المشاكل للتفكير في حلها.
فقيام الاتحاد بمثل هذه المبادرة يعطي مثالاً يحتذى به لرواد الأعمال في القطاع الخاص للأخذ بزمام المبادرة لدرء أي خطر محتمل مستقبلي وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي بانتظار تدخل الحكومة لاتخاذ الإجراءات أو الخطوات أو لتعديل وسن القوانين لتلبية ما يحتاج إليه القطاع الخاص.
فالقطاع الخاص يجب أن يتحمل جزءاً من المسؤولية في المسيرة الوطنية والمشاركة في خلق اقتصاد وطني مثالي، ويكون له دور استباقي فعّال ومتناغم مع رؤية الحكومة الرشيدة. حيث إننا نعيش في عصر أصبح فيه القطاع الخاص شريكاً استراتيجياً للحكومات في تنفيذ العديد من المشروعات والمبادرات التي تدخل ضمن خطط التنمية الاقتصادية لأي دولة.
مجلس إدارة اتحاد مصارف الإمارات والممثلة برئيسها عبد العزيز الغرير يبرهن لنا عبقرية هذا الاتحاد ومدى نضوجه من خلال هذه المبادرة والتي لعبت دوراً في الحفاظ على قطاعين في غاية الأهمية وتجنيبهما أي مخاطر مستقبلية قد تحدق بهما. نحن هنا نتحدث عن أهم الركائز الاقتصادية لأي دولة، وهي القطاع المصرفي وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. وبلا شك فإن القطاعين المصرفي والشركات الصغيرة والمتوسطة يعتبران النواة الأساسية لاقتصاد الدولة، ويتعين على جميع الجهات والمؤسسات المعنية أن تضمن حيوية هذين القطاعين وسلامتهما على المدى القريب والبعيد.
فالمبادرة التي قام بها الاتحاد جاءت لضمان استمرارية التميز الذي يتمتع به القطاع المصرفي وفي نفس الوقت لمساعدة أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة على إدارة أمورهم المالية، وهذا من شأنه أن يعزز الاقتصاد المحلي برمته. فهذه المبادرة كما وضح رئيس الاتحاد بأنها «بادرة التزام أخلاقي من البنوك تجاه قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة التي تمثل جزءاً مهماً من اقتصاد الدولة. فهي بمثابة قانون إعسار مصغر يخدم مصلحة الشركات المتوسطة والصغيرة التي لديها مقومات النمو على المدى الطويل لكنها تواجه مشاكل ربما تكون خارجة عن سيطرتها وراجعة لظروف السوق على المدى القصير».
فقد تحدثنا سابقاً عن أهمية التنظيم المالي وعن مسألة الإفلاس سواء الأفراد أم الشركات وعن التساؤلات القانونية بخصوص كيفية التعامل مع الالتزامات المالية للأفراد والشركات فيما يخص القروض والنتائج المترتبة على عدم الوفاء بالأقساط البنكية. ونحن جداً سعداء لإطلاق هذه المبادرة والتي تتماشى مع حاجة السوق وتطلعات المستثمرين والقانونيين، حيث أن سبب طرح مثل هذه المبادرة جاء نتيجة ارتفاع مستويات التعثر التي سجلتها المصارف المقرضة للشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات.
فالمبادرة تعتبر في غاية الأهمية حيث من خلالها ستمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني عدم قدرتها على الوفاء باستحقاقاتهم نتيجة نقص في السيولة من إعادة هيكلة دفعات الاستحقاقات الخاصة بها، وقد يُسمح لها أيضاً بتعليق الدفعات مؤقتاً بدعم من الدائنين. أيضاً فإن أهمية المبادرة الجديدة تنبع من كونها تساعد على إعادة التوازن إلى قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلي، ومن شأنها تعزيز الثقة والولاء لدى أصحاب هذه المؤسسات تجاه المصارف.
أما عن أهداف هذه المبادرة، فإنها جمة ومؤثرة في قطاع البنوك والشركات. فيما يخص الشركات فهي تهدف إلى تخفيف الضغط المترتب على الشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على تجاوز تعسرها المؤقت والوفاء بالتزاماتها المالية ، وهذا من شأنه أن يهدف لدعم اقتصاد الدولة بأكمله. كما أن هذه المبادرة ستسهم في تعزيز نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوفر منصة ملائمة لنمو القطاع خلال الأعوام المقبلة، وتعيد التوازن إلى القطاع، والثقة بين البنوك والشركات. أمّا على صعيد القطاع المصرفي، فإن هذه المبادرة ستعود حتماًً بالفائدة على البنوك للحفاظ على مصالحها وأعمالها وضمان استرداد المبالغ المتعثرة.
ومن أحد أهداف هذه المبادرة، أن تقوم بوضع حد لظاهرة هروب ملاك الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تواجه مشاكل تجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية في موعد استحقاقها.
أما فيما يتعلق بآلية هذه المبادرة، فإنها تعمل على أساس كل حالة على حدى، ووفقاً لمعطياتها الخاصة وللمردود المالي للشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
أما فيما يخص بدور الاتحاد في هذه المبادرة، فإنه سيلعب دوراً تنسيقياً، إذ تشمل مهامه تلقي الإخطارات من المصارف، التي قدمت قروضاً للمتعاملين من أصحاب الشركات الذين تعثروا في الدفع، أو تلك التي تشعر بقلق من أن الشركات المقترضة من بنوك عدة تعاني ضغطاً مالياً. وسيكون الاتحاد نقطة اتصال للشركات المقترضة، لمساعدتها في إعادة جدولة ديونها، عندما يكون المقرض أكثر من مصرف واحد.

*مستشار قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​*مستشار قانوني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"