رياح التغيير آتية إلى بعض مجالس الإدارة ما لم تطور أداءها

00:17 صباحا
قراءة 4 دقائق

محمد أبوشعبان *

قوة مجالس الإدارة وحرفيتها في قيادة الشركات وخبراتها وطريقة تعاطيها مع أنشطة الشركة وترجمة أعمالها إلى أرض الواقع وابتكارها لأدوات تجارية وأنشطة جديدة، تعطي قوة جذب للاستثمارات الأجنبية.

في مقال سابق بعنوان «عضوية مجلس الإدارة مسؤولية وليست منصباً فخرياً» قمت بتسليط الضوء على المسؤولية القانونية لأعضاء مجالس الإدارة وعلى الأخص في الشركات المساهمة العامة.

هذا المقال يطرح بصراحة تساؤلات عاجلة وفي غاية الأهمية عن أداء بعض إدارات الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية في دولة الإمارات. ولا بد أولاً من الإشارة إلى أن الشركات المساهمة العامة تعتبر المكوّن الدائم والأساسي والمهم ومرآة الاقتصاد، تعكس القوة المالية والاستثمارية للسوق المالي، حيث إن مثل هذه الشركات هي حاضنة الأعمال الكبيرة وتساهم في النهضة الاقتصادية للدول ورفعتها.

وعليه، فإن قوة مجالس الإدارة وحرفيتها في قيادة هذا النوع من الشركات، الأكثر تعقيداً، وخبراتها وطريقة تعاطيها مع أنشطة الشركة وترجمة أعمالها إلى أرض الواقع وابتكارها لأدوات تجارية وأنشطة جديدة، يعطي قوة جذب للاستثمارات الأجنبية من خلال شراء أسهم أو حصص رئيسية في هذه الشركات لتحقيق عوائد مالية مجزية.

أما إذا كانت هذه المجالس ضعيفة ومنشغلة عن أعمال الشركة، ولم تنفذ ما تتحدث عنه لمصلحة الشركة ومساهميها أو أن تكون نظرتهم فقط مقيدة في السعر السوقي للسهم، فإن ذلك سيكون عاملاً رئيسياً لإضعاف السوق المالي وعنصراً طارداً للمستثمرين وخصوصاً رأس المال الأجنبي، وسبباً أساسياً لعزوف المساهمين عن شراء أسهم جديدة، لا بل وقد يدفعهم لبيع أسهمهم والخروج من السوق.

الأسوأ من ذلك هو تحقيق نسب أرباح متدنية إن لم تكن خسائر فادحة، وما يلحق ذلك من عمليات إعادة هيكلة وتخفيض لرأس المال وغير ذلك مما يضعف الثقة العامة للمستثمرين.

وبناءً على ذلك، وفي ظل الوضع الراهن للسوق المالي المحلي وحول العالم، فإننا نطرح العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إطلاق العنان سواء لرؤساء وأعضاء المجالس أو الجهات المعنية أو للمساهمين والمستثمرين وللمراقب لأداء السوق واتجاهه، للتأمل والبحث عن إجابات حقيقية لها، وهي كالتالي:

ما هو سر اهتمام الكثير بالتربع على منصب رئيس أو عضو في إحدى مجالس الإدارة بالرغم من أن هذا المنصب مثقل بالواجبات الصعبة ويحمل في طياته الكثير من المسؤولية التي قد تصل إلى المسؤولية الجزائية؟ أين رئيس أو أعضاء مجالس الإدارة في ظل وضع السوق المالي الحالي؟ وأين خططهم المستقبلية واستراتيجياتهم؟ أين استشرافهم لأنشطة شركاتهم وهل هم يبحثون عن الفرص خارج الأنشطة التقليدي من خلال تعديل أنظمتها الأساسية أسوة بما قامت به بعض الشركات الرائدة في الدولة؟ وهل يبحثون عن المصلحة العامة وتوفير الحماية لجميع المساهمين وتحقيق الحد الأقصى من الأرباح أم أنهم يسعون فقط لإرضاء المساهم الرئيسي الذي قام بتعيينهم؟ أم أنهم فقط ينظرون لمصحتهم الآنية في الحصول على المكافآت السنوية؟ وهل فعلاً يحاول المجلس أن يبتكر أدوات تجارية جديدة لتقوية أساسيات وأداء الشركة؟ وهل يوجد دور رقابي للمساهمين لعزل أو محاسبة مجالس الإدارة الخاملة والصامتة والتي ترى بعضوية مجلس الإدارة أنها منصب فخري مع مكافئة مالية سنوية، دون الاكتراث بتحقيق الأرباح للمساهمين أو الاهتمام بمصالحهم؟ ولماذا لا نسمع عن قيام أي من رؤساء أو أعضاء مجالس الإدارة بالاستقالة إلا فيما ندر؟

بالطبع، هذه التساؤلات مطروحة على بعض مجالس الإدارة وليست جميعها، حيث يوجد لدينا في الدولة مجالس إدارة لشركات مساهمة عامة في غاية المهنية وتعتبر مدرسة ونموذجاً ومثالاً يحتذى به. حيث أثبتت طرقهم في الإدارة استثنائية وميزة لجهة الابتكار، ويجب على بعض الرؤساء في مجالس الإدارة للشركات الأخرى التعلم من هذه التجارب.

وبناء على التساؤلات نقدم توصيات للارتقاء بدور رئيس مجلس الإدارة والأعضاء، والتي ستنعكس على السوق إيجاباً:

أول هذه التوصيات أن يتحرك صغار المساهمين للاشتراك في الجمعيات العمومية وانتخاب رؤساء مجالس الإدارة والأعضاء ومراقبة المعلومات التي تفصح عنها مجالس الإدارة وفق أحكام القانون والتعاون مع الجهات المعنية للقيام بعمليات تقييم روتينية ودورية على مجالس الإدارة والقرارات التي قاموا بإصدارها حتى يتم التأكد من أن هذه المجالس هي بالفعل مؤهلة وقادرة على تنفيذ استراتيجيات الشركة وتحقيق المنفعة المرجوة.

ثانياً، البحث عن أصحاب الاختصاص والخبرات والمطالبة بعزل العضو الذي لا تكون له قيمة مضافة للشركة.

ثالثاً، عدم ترك المساهمين لمجالس الإدارة من دون محاسبة، وألا يسمحوا لمجالس إداراتهم بالتخلف عن قيامهم بالواجبات المنوطة بهم أو أن يتخلفوا عن الركب الربحي .وأخيراً، نتمنى هنا ألا يقوم المساهمون الرئيسيون (القادرون على التأثير في انتخابات مجلس الإدارة بفضل مساهمتهم الكبيرة وقوتهم التصويتية) بانتخاب أشخاص معينين نظراً لعلاقات شخصية ومحاباة فقط أو نظراً لأنهم موظفون لديهم وسيعملون لمصلحة المساهم المؤثر، بل نوصيهم بأن يقوموا بانتخاب رئيس وأعضاء مجالس الإدارة من أشخاص يتمتعون بخبرات كبيرة ومؤهلات علمية تنسجم مع أنشطة الشركة وتتوافق مع تطلعات المساهمين.

* مستشار قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​*مستشار قانوني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"