العرب.. لماذا يتقاتلون؟

03:56 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر
توارى الاهتمام بالعلم والتنمية منذ بدأت احتجاجات النخب العربية ضد أنظمتها بهدف إسقاطها، وانشغل العرب في هذه البلدان بحروبهم ونزاعاتهم الداخلية، واستفرد «الإسرائيليون» بالفلسطينيين ليذيقوهم الويل، سواء بالقتل أو بالتنكيل من خلال الاعتقالات أو مداهمة المنازل، والأخطر طبعاً مصادرة الأراضي التي تجري كل يوم من خلال تسمين المستوطنات القائمة، وبناء أخرى.
على سبيل المثال، عندما أضرب الأسرى في سجون الاحتلال قبل أشهر قليلة، لم يجدوا الدعم والمؤازرة من العرب، كما كان في حالات سابقة، لأنهم كانوا مشغولين بالأوضاع التي يعيشونها في بلدانهم، ففي غضون ست سنوات من الاحتجاجات التي سادت الكثير من الدول العربية، حصلت الكثير من المتغيرات، وتغيرت الكثير من المفاهيم حول السيادة، والوطنية، والحفاظ على القانون، وعلى الدولة، وعلى الرغبة في محاربة الظلم والفساد، وكلها شعارات لم تعد تنطلي على أحد، فما يجري لا علاقة له بهذه العناوين، فالسيادة في معظم البلاد العربية منتهكة، والأنظمة والقوانين تم دوسها بجنازير الدبابات، فيما ضاعت الوطنية في مهب الريح مع استمرار القتل المجاني، حاله حال ما يحدث في فلسطين، بل وأسوأ بكثير.
يومياً يتم انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة من قبل «إسرائيل»، وهذا الأمر قد يبدو مفهوماً، لأن «إسرائيل» دولة محتلة، لكن ما بال العرب يتقاتلون فيما بينهم؟ ماذا كسب المتقاتلون في البلاد العربية، أنظمة ومعارضة؟ وماذا حققوا من إنجازات لمصلحة الدولة والمواطن البسيط؟
خلال العام 2011 ظن كثيرون أن رياح التغيير التي حملتها صحوة الاحتجاجات للشعوب العربية يمكنها أن تصحح مسار الأخطاء التي وقعت فيها الأنظمة، لكن مع الأسف حلت بدائل أسوأ من تلك التي كانت قائمة، وعوضاً عن الإصلاح حل الخراب، واستبدل النظام والقانون بالفوضى العارمة في كل مكان.
لهذه الأسباب، وغيرها الكثير، توارت القضية الفلسطينية وصارت أخبارها عبارة عن إسقاط واجب لدى وسائل الإعلام العربية، وصار المواطن العربي يلاحق عمليات الكر والفر في المعارك التي تدور رحاها في سوريا والعراق وليبيا واليمن، إضافة إلى العمليات الإرهابية في مصر والسعودية والبحرين، التي تحاول خلط الأوراق لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه «إسرائيل».
القتل المجاني، والاضطهاد الواقع على الفلسطينيين، تحولا إلى أخبار مستهلكة، بعد أن طغت عليها مشاهد القتال المدمر في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن، وصرنا نحتفل بإنجاز ولو بسيط، يتحقق في إطار عودة الاستقرار للبلدان التي تعيش أوضاعاً صعبة، كما شاهدنا مؤخراً عند استعادة الموصل من أيدي تنظيم «داعش» في العراق، وتحرير مدينة بنغازي الليبية من أيدي تنظيم «القاعدة»، واستعادة صرواح في مأرب اليمنية من أيدي الحوثيين، وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
لم يعد خبر فلسطين يثير اهتمام الإعلام العربي، وقد تمر أيام لا تذكر فيها فلسطين في هذه الوسائل، ولا يتعاطى البعض مع أخبار فلسطين إلا إذا كانت من النوع الذي لا يستطيع الإعلام تجاوزها، بحكم اهتمام العالم بها، كما حدث مؤخراً في المعركة التي أدارها المقدسيون ضد «إسرائيل»، والتي عرفت ب«معركة الأقصى».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"