بوتين رئيساً لفترة رابعة

04:34 صباحا
قراءة دقيقتين
عاصم عبد الخالق

لا يبدي الغرب اهتماماً يذكر بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى في روسيا في 19 مارس/‏‏آذار المقبل. السبب المباشر هو أنه لا ينتظر مفاجآت. النتيجة معروفة مقدماً: فوز بوتين واستمراره لفترة رئاسية رابعة، وهذا يعني أنه لن يطرأ تغيير يذكر على علاقاته المتوترة مع الولايات المتحدة. ويرى كثير من المحللين الأمريكيين أن بقاء بوتين، يضمن حداً أدنى من الاستقرار، سواء للعلاقات الدولية أو الوضع الداخلي، وأن الولايات المتحدة وبعد ما يقرب من 17 عاماً من التعامل معه، كرئيس مباشر أو رئيس واقعي في مقعد رئيس الوزراء، أصبحت لديها الخبرة الكافية للتعامل معه .
ومع ذلك تطرح مجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية، وجهة نظر مغايرة. فإذا كان العالم والروس سيتيقظون صبيحة اليوم التالي، ليجدوا أنه لم يتغير شيء بإعادة انتخاب بوتين، فإن ذلك الحدث سيكون طلقة البداية للعد التنازلي للأزمات !
تعرض المجلة رؤية متكاملة بقلم المحلل السياسي نيكولاس جفوسديف، الباحث في كلية الحرب البحرية الأمريكية، والذي يرى أن الانتخابات لن تحل مشكلتين أساسيتين الأولى تتعلق بالوضع الداخلي،والثانية بالعلاقات المتأزمة مع الولايات المتحدة.
بدأ بوتين فترته الرئاسية الأولى عام 2000 باعتباره المنقذ الذي جاء لمنع سقوط بلاده في فوضى كارثية. وتحت شعار إعادة الأعمار، وتعويض خسائر التسعينات، استهلك فترة حكمه الثانية، ثم كانت لعبة الكراسي التي تبادل فيها المقاعد مع رئيس وزرائه ميدفيدف، ليعود إلى الكرملين متسلحاً بشعار براق، هو استعادة المجد الروسي الغابر، وإعادة روسيا كقوة عظمى. أخيراً يستعد لدورته الرابعة. يكتفي هذه المرة بتسويق ما يرى أنه إنجازات حققها، ولذلك تحمل لافتاته الانتخابية شعار: «رجل قوي لروسيا قوية». وهو بكل المعايير حقق جملة نجاحات سياسية واقتصادية وعسكرية تحسب له.
المشكلة التي لن تحلها الانتخابات، بل قد تفاقمها، هي العلاقات المتأزمة مع الولايات المتحدة والغرب. والحقيقية أن هذه المشكلة لا يتحمل وزرها بوتين، وستظل قائمة حتى بعد رحيله. وهناك انطباع خاطئ بين قطاع واسع من الأمريكيين، بأن الأزمة مع موسكو سببها الرئيس الروسي الحالي، وهي نظرة تتجاهل التعارض الحقيقي والعميق في مصالح وأهداف الدولتين، بما يجعل الاختلاف بل الصراع بينهما حتمياً، بصرف النظر عمن يجلس في الكرملين أو البيت الأبيض.
قد يأتي رئيس روسي جديد أكثر مرونة من بوتين، وربما يكون مستعداً لحل وسط بشأن الأزمة الأوكرانية، وقد يبدي استعداداً للانسحاب من سوريا. ومع ذلك لن تنتهي المشاكل مع واشنطن. لا يمكن لأي رئيس روسي مهما بلغت ليبراليته وافتتانه بالغرب، أن يقبل خضوع بلاده للزعامة الأمريكية للعالم.
روسيا ليست دولة عادية أو صغيرة. الأمة الروسية لديها اعتزاز هائل بتاريخها وإرثها الثقافي والحضاري، ولديها كبرياؤها القومية. وفوق هذا لديها طموحاتها الوطنية، ومصالحها الخارجية ونفوذها العالمي. المواطن الروسي العادي واعياً في أعماقه بهذا الثراء الحضاري، وأي رئيس، بوتين أو غيره، هو أولاً مواطن روسي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"