شركات المسؤولية المحدودة وتوفيق أوضاعها

01:18 صباحا
قراءة 4 دقائق
محمد أبوشعبان*

قرار باعتبار نصوص قانون الشركات الجديد سارية في عقود تأسيس وأنظمة الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة العاملة في الإمارات
قبل أقل من عام تقريباً ذكرنا في إحدى المقالات هنا على هذه الصفحات بأن قانون الشركات التجاري رقم (2) لسنة 2015، يحمل في طياته مادة مثيرة للجدل هي المادة (374) والمتعلقة بتوفيق أوضاع الشركات وهي حسب المادة (9) من القانون فإن هذه الشركات لها خمسة أشكال: «شركة التضامن، التوصية البسيطة، ذات المسؤولية المحدودة، المساهمة العامة، والمساهمة الخاصة».
نصت المادة رقم (374) على «إلزام الشركات القائمة التي تسري عليها أحكام هذا القانون توفيق أوضاعها بما يتفق وأحكام القانون خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ العمل بأحكامه، ويجوز مد هذه المدة لفترة أخرى مماثلة بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير».
وفعلاً جاء قرار الحكومة بتاريخ 1 يوليو 2016 كما كان متوقعاً بتمديد مهلة توفيق أوضاع الشركات القائمة في الدولة مع أحكام قانون شركات الجديد سنة إضافية تبدأ من 1 يوليو 2016 وتنتهي في 30 يونيو 2017.
يومها عبرنا عن أهمية هذا القرار والذي كان يعتبر خطوة تدل على مرونة المناخ التشريعي، ولإعطاء الشركات - خصوصاً ذات المسؤولية المحدودة - فرصة ووقتاً لتوفيق أوضاعها من خلال تعديل عقد تأسيسها ونظامها الأساسي بما يتفق مع أحكام القانون الجديد، إلا أننا كنا نعتقد بأن مثل هذه الخطوة هي بمثابة حل مؤقت وزمني، دون منح أية إعفاءات أو استثناءات لبعض الشركات - خصوصاً ذات المسؤولية المحدودة - من الالتزام الذي فرضته المادة (374).
وقتها تساءلنا عن واقعية وإمكانية تطبيق النتائج المترتبة من عدم قيام الشركات بتوفيق أوضاعها من خلال تعديل عقد تأسيسها ونظامها الأساسي بما يتوافق مع أحكام قانون الشركات الجديد، فحسب البند (2) من المادة نفسها نصت على أن الشركة تعتبر حُلت وفقاً لأحكام هذا القانون إذا لم توفق أوضاعها أو عقوبة مالية حسب ما نصت عليه المادة (357) نتيجة تأخر الشركات في توفيق أوضاعها وقد حددت بغرامة مقدارها ألفا درهم عن كل يوم تأخير تتخلف فيه الشركة عن تعديل عقد تأسيسها ونظامها الأساسي لتتفق وأحكام هذا القانون، ويبدأ احتساب هذه الغرامة من اليوم التالي لتاريخ انتهاء المدة المقررة لتوفيق الأوضاع، وتساءلنا أيضاً كيف يتم حل الشركة وما هي مسؤولية أصحاب هذه الشركات نتيجة عدم توفيق أوضاع شركاتهم، وكيف سيتم التعامل مع التزامات الشركات التي لم تصوب أوضاعها خلال الفترة المسموح بها؟ وكيف سيتم فرض الغرامة المالية وفي حالة تراكم هذه الغرامة فكيف سيتم تحصيلها على أساس أن الشركة حلت بحكم القانون.
القرار الوزاري الجديد رقم (694) لسنة 2016 - والذي نرحب به ونثني عليه - بشأن توفيق أوضاع الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة وأحكام قانون الشركات التجارية الجديد، جاء أولاً كردّ لحكم المادة (374) ونهاية للالتزامات المترتبة على بعض أشكال الشركات التي تضمنها القرار، كما جاء أيضاً لينهي التساؤلات التي طرحناها سابقاً بشكل نهائي. حيث نص القرار على أن أحكامه تسري على الشركات التجارية التي تتخذ الشكل القانوني للشركة ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة فقط ولا تسري أحكام هذا القرار على شركات المساهمة العامة، والمساهمة الخاصة.
وحسب هذا القرار فإن شركات ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة ليست بحاجة إلى توفيق أوضاعها من خلال تعديل عقد تأسيسها ونظامها الأساسي بما يتفق مع أحكام القانون الجديد، وفي نفس الوقت يمنح هذا القرار استمرارية العمل بعقود التأسيس والأنظمة الأساسية للشركات القائمة. حيث إن القرار اعتبر أية عبارة أو نص أو مادة وردت بتلك العقود أو الأنظمة لا تتفق وأحكام القانون الشركات الجديد قد عُدلت وحلّت محلها نصوص القانون من تاريخ العمل بهذا القرار، وتلتزم الشركات بتلك النصوص المعدلة قانوناً وتُعتبر قد قامت بتوفيق أوضاعها ومستوفية لحكم المادة (374) من القانون.
السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تضمن القرار خصوصاً شركات ذات المسؤولية المحدودة؟ فحسب الإحصاءات المتوفرة فإن النصيب الكبير لعدد الشركات الموجودة في دولة الإمارات هي شركات ذات المسؤولية المحدودة والبالغ عددها نحو 220 ألف شركة، وهو رقم كبير جداً مقارنة بأشكال أخرى للشركات مثل المساهمة العامة، والمساهمة الخاصة. أيضاً فإن شركات ذات المسؤولية المحدودة قد لا يكون لديها دراية بالمتغيرات التي جاء بها القانون ولا كيفية تصويب أوضاعها وليست لديها المعرفة القانونية لعمل ذلك بالرغم من أن التعديلات التي جاء بها قانون الشركات محدود بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة. وعليه فإن هذا القرار بإعفاء الشركات ذات المسؤولية المحدودة تصويب أوضاعها يعتبر في غاية الأهمية لعدة أسباب، منها التخفيف على الدوائر المعنية متابعة التعديلات التي ستقوم بها شركات ذات المسؤولية المحدودة والتي قد تستنزف طاقاتها. ومن جهة أخرى التخفيف على أصحاب هذه الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة أعباء الإجراءات والوقت والتكلفة التي قد تأخذها إجراءات توفيق أوضاع شركاتهم.
وفي النهاية، فإن قرار استثناء شركات ذات المسؤولية المحدودة والتضامن والتوصية البسيطة من توفيق أوضاعها، جاء في مكانه ويتماشى مع تطلعات أصحاب الشركات وخصوصاً ذات المسؤولية المحدودة والتي تمثل الأغلبية العظمى في قطاع الشركات في الدولة والذي يعتبر العصب الرئيسي للشركات في اقتصاد أية دولة.

* مستشار قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​*مستشار قانوني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"