قرارات «العمل» الجديدة ..تحفز القطاع وتصون حقوق الأطراف

00:47 صباحا
قراءة 8 دقائق
محمد أبو شعبان

المتطلع على التشريعات والقوانين والقرارات الوزارية التي سنّت منذ هذا العام، سيدرك أن هذه السنة هي سنة قانونية بامتياز، وسيدرك أيضاً مدى الاهتمام الكبير والحرص الشديد اللذين توليهما الحكومة الرشيدة سواء الاتحادية أم المحلية في دولة الإمارات، ومدى مرونتها في مواكبة التغيرات والتطورات المستمرة سواء كانت اقتصادية أو مالية من أجل تطوير المنظومة التشريعية والقانونية من أجل خلق بيئة مثالية ونموذج يحتذى به ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي.

القرارات الوزارية الجديدة الصادرة من وزارة العمل هي من التشريعات الحديثة والتي ستبدأ وزارة العمل اعتباراً من مطلع العام المقبل 2016 تطبيقها، والتي تعد إضافة نوعية جديدة تعمل على دعم وتعزيز البيئة القانونية المتقدمة التي تتمتع بها دولة الإمارات بشكل عام وترسيخ وتقوية العلاقة العمالية وتوازنها بشكل خاص.
ولكن يسرنا هنا قبل التعرج على هذه القرارات أن نقدم أولاً نبذة عن عقد العمل وأنواعه، ومن ثم سنحلل القرارات الجديدة ومدى أهميتها للعناصر الأساسية التي تشكل عقد العمل. قدم قانون العمل تعريفاً لعقد العمل تحت المادة رقم (1) «هو كل اتفاق محدد المدة أو غير محدد المدة، يبرم بين صاحب العمل والعامل، يتعهد فيه الأخير بأن يعمل في خدمة صاحب العمل وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به صاحب العمل».
المتأمل بهذا التعريف يرى ما يأتي، أولاً نوع العقد، أن عقد العمل يتفرع إلى نوعين من عقود العمل، عقد عمل محدد المدة وعقد عمل غير محدد المدة. ثانياً أطراف العقد: إن أطراف عقد العمل هم صاحب العمل سواء شخص طبيعي أو اعتباري والعامل وهو شخص طبيعي سواء كان ذكراً أو أنثى. ثالثاً المقابل: يقدم العامل عملاً سواء كان جهداً فردياً أو فنياً أو جسمانياً، وبالمقابل يقدم صاحب العمل أجراً وغالباً ما يكون نقداً.
لابد هنا التركيز على أنواع عقود العمل لنتمكن من استعراض القرارات الجديدة بشكل أكثر سلاسة، فقد نصت مادة رقم (36) من قانون العمل بشكل عام عن محتوى عقد العمل ب «أن يحدد في عقد العمل بوجه خاص تاريخ إبرامه وتاريخ بدء العمل ونوعه ومحله ومدته إذا كان محدد المدة ومقدار الأجر». أمّا المادة رقم (38) فقد نصت من نفس القانون على تعريف عقد محدد المدة ب «يكون عقد العمل لمدة غير محددة أو لمدة محددة، فإذا حددت مدته وجب ألا تجاوز أربع سنوات، ويجوز باتفاق الطرفين تجديد هذا العقد لمدة أخرى مماثلة أو لمدة أقل مرة واحدة أو أكثر. وفي حالة تجديد العقد تعتبر المدة أو المدد الجديدة امتداداً للمدة الأصلية وتضاف إليها في احتساب مدة الخدمة الإجمالية للعامل».
بالمقابل فإن المادة رقم (39) من قانون العمل حددت عقد العمل غير محدد المدة ب «يعتبر عقد العمل غير محدد المدة منذ بدء تكوينه في أي من الحالات الآتية...... إذا كان مبرماً لمدة غير محددة أو إذا كان مكتوباً ومبرماً لمدة محددة، واستمر الطرفان في تنفيذه بعد انقضاء مدته من دون اتفاق كتابي بينهما.....»
بناء على ما ذكر أعلاه، فيسرنا الآن أن نعرج على ما جاء في قرارات وزارة العمل الجديدة والتي تتكوّن من ثلاثة قرارات، وهي:
* العمل بنماذج العقود المعتمدة من وزارة العمل.
*حالات انتهاء علاقة العمل.
* منح العامل تصريح عمل جديداً للانتقال من منشأة إلى أخرى بعد انتهاء علاقة عمله مع المنشأة المنقول منها.
الهدف من هذه القرارات هو المحافظة على بيئة عمل تتميز بالشفافية والوضوح وجذب الكفاءات التي تضيف لاقتصاد الدولة في ظل الحرص على حقوق أصحاب العمل والعمال، والتأكيد على طبيعة علاقة العمل التعاقدية بين طرفيها والتي تقوم على الرضا المتبادل، وعلى أساس أن يؤدي كل طرف من طرفي علاقة العمل ما عليه من التزامات ويحصل على ما له من حقوق كما هو منصوص عليه في عقد العمل. وأخيراً، تلبية احتياجات أصحاب العمل من العمال من داخل الدولة أو خارجها، بما يضمن استمرارية منشآتهم في المساهمة الفاعلة في اقتصاد الدولة.

العمل بنماذج العقود المعتمدة من وزارة العمل:

يقضي القرار الصادر عن وزير العمل في شأن العمل بنماذج العقود المعتمدة من وزارة العمل، بإلزام صاحب العمل بأن يقدم للعامل الأجنبي المزمع استقدامه في دولة المنشأ عرض عمل تفصيلياً، يحتوي على وصف شامل لحقوق وواجبات كل طرف من طرفيه ولشروط وظروف العمل، لضمان أن يكون العامل قد اطلع عليه، ووافق على هذه الشروط، وذلك باللغة التي يفهمها.

كما ينص القرار على أن يرفق بطلب إصدار تصريح العمل لدى وزارة العمل، عرض العمل المشار إليه بعد أن يتم توقيعه من قبل العامل وصاحب العمل، ليتم استخراجه من قاعدة بيانات الوزارة عند وصول العامل إلى الدولة تمهيداً لتوقيعه من صاحب العمل والعامل ومن ثم يسجل رسمياً لدى الوزارة كعقد عمل قانوني بما لا يسمح باستبدال أو تعديل أي من بنوده إلا بعد موافقة الطرفين، وبشرط ألا يخل التعديل بحقوق العامل، وبعد موافقة الوزارة على هذا التعديل.
ونص القرار على الإجراءات ذاتها في حال وجود العامل داخل دولة الإمارات، بحيث يتعين أن يتم توقيع العامل على عرض العمل، وذلك قبل أن يتقدم صاحب العمل للحصول على الموافقة المبدئية لاستخدام هذا العامل.
ما نص عليه هذا القرار يثبت وبشكل قاطع للشك بأن الوزارة تعمل بشكل حثيث على تطوير أنظمتها وبرامجها المعمول بها في مجال حماية العمالة الوافدة المؤقتة وتفادي استغلال العمال، وضمان حقوقهم وحرياتهم وبالتوازي مع ضمان مصالح أصحاب العمل.

حالات انتهاء علاقة العمل:

بشكل عام فقد فرّق القانون إنهاء عقد العمل بين عقد عمل محدد المدة وعقد عمل غير محدد المدة. حيث نصت المواد، ولكنّ هناك حالتين للإنهاء يمكن تطبيقهما على عقد عمل محدد المدة وغير محدد المدة بحد سواء وهي في حالة إذا اتفق الطرفان على إنهاء العقد بالتراضي، وفي حالة قيام صاحب العمل بإنهاء علاقته مع العامل نتيجة ارتكابه مخالفة من المخالفات الواردة في المادة رقم (120) من قانون العمل والتي تحدد عشر حالات، مثل قيام العامل بتقديم أوراق أو شهادات مزورة أو اعتداء العامل على صاحب العمل أو إفشاء أسرار العمل.. إلخ.
أما بخصوص الانتهاء من عقد محدد المدة فقد تعاملت المادة رقم (115 و116) من قانون العمل هذا الإنهاء، وقد نصت على «إذا كان عقد العمل محدد المدة وقام صاحب العمل بفسخه لغير الأسباب المنصوص عليها في المادة رقم (120) كان ملتزماً بتعويض العامل عما أصابه من ضرر....... وذلك كله ما لم يوجد نص في العقد يقضي بغير ذلك». أمّا المادة (116) فقد نصت «إذا فسخ العقد من جهة العامل لغير الأسباب المنصوص عليها في المادة (121) كان العامل ملتزماً بتعويض صاحب العمل عما يكون قد لحقه من خسارة نتيجة فسخ العقد...... وذلك كله ما لم يوجد نص في العقد يقضي بغير ذلك».
بالمقابل فإن قانون العمل تحت المادة رقم (117) قد نظمتها إنهاء عقد غير محدد المدة وقد نصت على «يجوز لكل من صاحب العمل والعامل إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة لسبب مشروع في أي وقت لاحق لانعقاد العقد بعد إنذار الطرف الآخر كتابة قبل انتهائه بثلاثين يوماً على الأقل».
وفي القرار الجديد والصادر من وزارة العمل اعتبر علاقة العمل في حكم المنتهية في أي من الحالات الآتية:
أولاً: ثبوت إخلال صاحب العمل بالتزاماته المقررة قانوناً أو اتفاقاً (على سبيل المثال لا الحصر: حالة عدم سداد الأجور لمدة تزيد على 60 يوماً)،
ثانياً: وفي حالة الشكوى المرفوعة من العامل على المنشأة التي يعمل لديها بسبب عدم إلحاقه بالعمل لإغلاق تلك المنشأة، ويشترط في هذه الحالة وجود تقرير من قطاع التفتيش بالوزارة يثبت عدم مزاولة المنشأة لنشاطها لمدة تزيد على شهرين، على أن يكون العامل قد راجع الوزارة خلال هذه المدة.
وقد كفل هذا القرار وقانون العمل لأي طرف اللجوء للقضاء طلباً للتعويض وأية حقوق أخرى يرتبها له قانون العمل.
منح العامل تصريح عمل جديداً للانتقال من منشأة إلى أخرى: حدد القرار المتعلق بشروط وضوابط منح تصريح عمل جديد للعامل بعد انتهاء علاقة العمل أربع حالات لإصدار التصريح في حال كان عقد العمل بين طرفيه محدد المدة حيث تشمل تلك الحالات:
أولاً: انتهاء مدة العقد دون تجديده.
ثانياً: واتفاق الطرفين (العامل وصاحب العمل) على إنهاء هذا العقد أثناء سريانه، بشرط أن يكون العامل قد أمضى مدة لا تقل عن ستة أشهر لدى صاحب العمل.
ثالثاً: إنهاء صاحب العمل العقد من دون سبب يرجع للعامل، ويشترط في هذه الحالة أن يكون العامل قد أمضى مدة لا تقل عن ستة أشهر لدى صاحب العمل. واستثنى القرار من شرط مضي 6 أشهر على عمل العامل في الحالتين السابقتين، العاملين من ذوي المستويات المهارية الأول والثاني والثالث، وفقاً للتصنيفات المعتمدة لدى الوزارة.
رابعاً: قيام أحد الطرفين بإنهاء علاقة العمل أثناء مدة تجديدها (أياً ما يكون تاريخ التجديد) بشرط الالتزام بإخطار الطرف الآخر كتابة بنيته في إنهاء العقد قبل موعد الإنهاء المُحدد بفترة يتفق عليها الطرفان بحيث لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وإذا كان التجديد قد تم فعلا قبل العمل بهذا القرار، ولم يتفق الطرفان على مدة إخطار، تكون هذه الفترة ثلاثة أشهر. كما اشترط القرار الاستمرار في علاقة العمل طوال مدة الإخطار وأخيراً سداد مقابل للإنهاء حسبما يتفق عليه الطرفان بحيث لا يزيد على الأجر الإجمالي لثلاثة أشهر، وإذا كان التجديد قد تم فعلاً قبل
العمل بهذا القرار، ولم يتفق الطرفان على هذا المقابل، يكون هذا المقابل مساوياً للأجر الإجمالي لثلاثة أشهر.
وفيما يتعلق بشروط وضوابط منح تصريح عمل جديد للعامل بعد انتهاء علاقة العمل في العقود غير محددة المدة فقد حدد القرار ثلاث حالات، وهي:
أولاً: يشمل اتفاق الطرفين على إنهاء العقد أثناء سريانه، بشرط أن يكون العامل قد أمضى مدة لا تقل عن ستة أشهر لدى صاحب العمل.
ثانياً: في حال أنهى أحد الطرفين العقد وقام بإنذار الطرف الآخر بذلك مع استمرار تنفيذ العقد خلال مدة الإنذار المتفق عليها بشرط ألا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبشرط أن يكون العامل قد أمضى لدى صاحب العمل مدة لا تقل عن ستة أشهر.
ثالثاً: في إنهاء صاحب العمل العقد من دون سبب يرجع للعامل ويشترط في هذه الحالة أن يكون العامل قد أمضى مدة لا تقل عن ستة أشهر لدى صاحب العمل. يذكر أن القرار المشار إليه ألغى قرار وزير العمل رقم 1186 لسنة 2010 في شأن ضوابط وشروط منح تصريح عمل جديد للعامل بعد انتهاء علاقة العمل للانتقال إلى منشأة أخرى بناء على ما ذكر أعلاه، فإننا نرى أن مثل هذه القرارات في غاية الأهمية وتعكس مدى حرص الوزارة على إيجاد علاقة متوازنة وشفافة بين أصحاب العمل والعمال. أيضاً فإننا نرى في هذه القرارات فوائد كثيرة وبعيدة المدى حيث إنها لا تنصب فقط على منفعة العامل وصاحب العمل بل تمتد إلى المجتمع بأسره وخلق بيئة اقتصادية واجتماعية مثالية وآمنة لدولة الإمارات.

*مستشار قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​*مستشار قانوني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"