«ألم البطن المتكرر».. مرض مُزمن للأطفال

00:02 صباحا
قراءة 6 دقائق

يعد ألم ووجع البطن سواء المتكرر أو المزمن عند الأطفال أمراً شائعاً، وهو في الغالب حالة غير خطيرة، غير أنه يصيب الطفل لفترة طويلة، ويستمر الألم لعدة ساعات أو مرة كل عدة أيام ثم يختفي ليعود للظهور مرة أخرى.
يتفق الأطباء على أن تعريف هذه الحالة هو صدور 3 شكاوى على الأقل خلال 3 أشهر، بشرط أن يكون الألم شديدا لدرجة أن يؤثر على نشاط الطفل، ولم يتم الوصول إلى سبب الألم إلا في حوالي 5% إلى 10% فقط، وفي الغالب فإن تشخيص مثل هذه الحالات يكون ألماً بطنياً وظيفياً غير نوعي سببه التوتر أو الشدة النفسية عند الطفل.
تكون هذه النوعية من الألم مسؤولة عن حوالي 5% من زيارات الأطفال للطبيب، كما أنها تؤدي لغياب الطفل عن مدرسته، وتسبب حالة من القلق للطفل والأسرة، وفي هذا الموضوع سوف نقدم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بهذه المشكلة، وأيضا طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المنزلية والطبية، للتخلص من هذه الحالة المزعجة.

الإمساك والغازات

يشير الأطباء إلى أن هناك عددا من الأسباب العضوية وراء الإصابة بألم البطن المتكرر عند الأطفال، وفي المعتاد فإن الإمساك والغازات تعتبر من أكثر هذه الأسباب وراء الإصابة بآلام البطن لدى الصغار، وهذه الحالة يمكن أن تسبب في أحيان كثيرة عدم قدرة الطفل على الإخراج لمدة يومين أو أكثر، وحتى في حال دخوله الحمام بصفة يومية، فليس مؤكدا أنه يتخلص مما في معدته تماما.
يكون الأطفال عرضة للإصابة بالغازات أكثر من الكبار، وهذه الغازات في معظم الأحيان تسبب لهم شعورا بالألم في البطن، خاصة في حالة عدم القدرة على تحمل اللاكتوز.
يعاني بعض الأطفال من ضمن أسباب الألم المتكرر من الارتجاع المعدي المريئي، الذي يتكرر من وقت لآخر، وخاصة في الأشهر الأولى، ومن المفروض أن يتوقف الارتجاع بعد بلوغ الشهر السادس.
كما يعاني الطفل بسبب متلازمة الأمعاء المتهيجة إلى جانب آلام البطن من الانتفاخ والغازات والإمساك أو الإسهال، كما أن أصحاب هذه المتلازمة يعانون من أمعاء حساسة تجاه أنواع معينة من الطعام، وهذا سبب لألم البطن.
يصاب الطفل بألم البطن الشديد بسبب ما يسمى الصداع النصفي البطني، وهذا الألم يستمر من ساعات وحتى أيام، كما يؤدي هذا الاضطراب إلى فقدان الشهية والتقيؤ، بالإضافة إلى الصداع والغثيان، وفي العادة فإن هذا الاضطراب يكون متوارثا في العائلة.

آلام غير نوعية

تعد أعراض ألم البطن المتكرر الوظيفي غير نوعية، وفي الغالب فإن غياب ما يمكن الاستدلال به على وجود سبب عضوي للألم يؤدي إلى اعتباره وظيفيا، وما يوحي بأن الألم وظيفي هو زواله في نهاية الأسبوع وأيام العطلات.
يميل الألم الوظيفي إلى أن يكون حول السرة وفي الغالب فإن الطفل يصعب عليه تحديد مواصفاته، ويمكن صرف نظر الطفل عنه من خلال عدم التركيز عليه وشغل ذهن الطفل بأمور أخرى.
ويمكن أن يوصف الأطفال المصابون بالألم الوظيفي، بأنهم أشخاص قلقون يميلون إلى أن يحجموا عن مشاركة شؤونهم مع الآخرين، ويكونون جادين فما يخص وضعهم المدرسي، ويمكن أن تمر على الطفل فترات تخلو من المشاكل، حيث يبدو الطفل على ما يرام، ويكون نموه ضمن الحدود الطبيعية، ويمكن أن يبدو خلال نوبة الألم شاحب اللون.
تتميز متلازمة الأمعاء المتهيجة بألم مترافق مع إسهال وإمساك متقطعين دون سبب عضوي لها، وتعتبر من الحالات العائلية، وتترافق هذه المتلازمة مع حدوث مشاكل في الأمعاء.
ويمكن أن يكون سبب الألم المعاناة من تخمة غير قرحية، وفي هذه الحالة يعاني المريض من أعراض مرض هضمي، ويستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية، وذلك على الرغم من عدم وجود أسباب غير طبيعية تظهر عند إجراء منظار للقسم العلوي من الجهاز الهضمي.
يمكن أن تصاحب آلام البطن متاعب مصحوبة بحمى أو إسهال أو قيء، وتعد هذه الأمور مؤشرا على وجود التهاب، كذلك عند ملاحظة دم في بول الطفل أو فضلاته فيجب معرفة السبب وراء ذلك، وفي الغالب فإن الطبيب يسأل عن التاريخ المرضي للأسرة، حتى يعرف إن كانت هناك متاعب وظيفية مثل تهيج القولون، أو المعدة أو أمراض في الأمعاء أو عدم تحمل مواد غذائية معينة.

مؤشرات على المرض

يمكن للطبيب من خلال تحسس البطن الوصول إلى مؤشرات على وجود التهاب على سبيل المثال، حيث يكون البطن صلبا، ويكون في كثير من الأحيان سبب شكوى الطفل معاناته من مشكلة الإمساك، وإذا لم يستطع خلال حديثه مع الطبيب تحديد آخر مرة تبرز فيها، فيمكن للطبيب أن يعطيه مادة مسهلة قبل أن يواصل التشخيص.
تعطي اختبارات عينات الدم والفضلات المعملية دلائل على بعض الأمراض، مثل الحساسية والأمراض المعدية وعدم تحمل بعض أنواع الطعام، وتساعد الموجات فوق الصوتية كذلك في اكتشاف أمراض مثل الالتهابات، وفي حالة استقصاء جميع الأسباب العضوية، فإن هذه الآلام ربما ترجع إلى أسباب نفسية مثل الخوف من المدرسة والامتحانات.
ينبغي الانتباه إلى أنه رغم أن ألم البطن المتكرر لدى الطفل يزعج العائلة، إلا أن كثرة إجراء الفحوص والتحاليل والأشعات يمكن أن يزيد من قلق الطفل والعائلة معا، ويمكن ألا يكون لكل هذه الإجراءات ضرورة في أكثر الحالات، وهي مشكلة يمر بها الكثير من الأطفال دون سبب واضح أو محدد.

ابحث عن السبب

يتم علاج ألم البطن المتكرر من خلال علاج السبب وراء الألم، وعلى سبيل المثال في حالة الإصابة بالإمساك والغازات يكون العلاج من خلال توفير قدر كاف من الألياف والسوائل في طعام الطفل، مع تجنب الأطعمة التي تسبب الإمساك مثل الأرز والبطاطس والمكرونة والموز والألبان.
تتم استشارة الطبيب في حالة إصابة الطفل بالارتجاع المعدي المريئي، للحصول على الدواء المناسب لهذا الاضطراب، مع تجنب الأطعمة التي تثير الارتجاع، مثل الأطعمة السريعة الدسمة والأطعمة الحمضية وكذلك الحارة والكافيين والشيكولاتة، مع تقديم مضادات الحموضة.
ويتم الإكثار من الألياف مع تقليل الدهون في حالة الإصابة بمتلازمة الأمعاء المتهيجة، بالإضافة إلى تقليل الأطعمة والمشروبات التي بها كميات كبيرة من سكر الفركتوز.
كما يجب الحصول على استشارة الطبيب في حالة الإصابة بالصداع النصفي البطني، حتى يصف الدواء الذي يحول دون هذه الآلام، مع التأكد من أن الطفل يحصل على كفايته من النوم، وتنظيم الوجبات بما في ذلك الوجبات الصغيرة.

ليس خطيراً

يمكن اللجوء إلى معالجة الأعراض من خلال مسكنات الألم ومضادات تشنج الأمعاء، ويأتي ذلك بعد استبعاد أي سبب عضوي وراء الألم المتكرر، مع تهدئة الطفل والأهل وبث الطمأنينة داخلهم بأن الألم وظيفي، وبالتالي فهو ليس خطيرا، وغالبا يختفي مع مرور الوقت، ولا يعني هذا التقليل من أهمية الألم الوظيفي لدى الطفل، بل يجب أن يتم أخذه بكل الجدية لأنه ألم حقيقي.
ينصح الخبراء بالعمل على تشتيت انتباه الطفل في مثل هذه الحالات، بدلا من التركيز على الألم والرضوخ لرغبة الطفل في عدم الذهاب للمدرسة، وفي حالات معينة يمكن التفكير في توجيه الطفل إلى العلاج النفسي، عند اكتشاف أن الألم وراءه أسباب نفسية مثل الخوف من المدرسة أو الاختبارات.

التعاطف كعلاج

تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن الألم البطني إحدى الظواهر المنتشرة في مرحلة الطفولة، وهذه المشكلة تنتشر بين أكثر من 10% من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وفي سنها، وفي حوالي من 80% إلى 90% من حالات الألم لا يكون وراء الإصابة بها سبب عضوي.
وتكون الفسيولوجيا المرضية لها مجهولة، وفي الغالب فإنها ترتبط بالتوتر النفسي والقلق والاكتئاب، وتشير الأبحاث إلى أن التعامل بنوع من التعاطف مع شكوى الأطفال مع هذه النوعية من الألم، أثبت نجاحه في 30% إلى 40% من الحالات، مع تسجيل تحسن في شعور الطفل وعودته إلى ممارسة نشاطه المعتاد.
وينصح الخبراء بعدد من النصائح تجنب الطفل التعرض لألم البطن المتكرر ذو المنشأ العضوي، ومن هذه الإجراءات شرب الطفل لكميات كبيرة من الماء، ويمكن تقسيم طعام الطفل إلى وجبات صغيرة على فترات متقاربة.
يجب تقليل نسبة الدهون بالطعام مع تقليل الأطعمة التي تسبب الانتفاخ كالأطعمة المحفوظة والجاهزة، ويفيد الطفل تناول الخضراوات والفواكه والأطعمة الغنية بالألياف، وأخيراً فإن ممارسة الرياضة يكون لها دور في الوقاية من هذه الآلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"