الصبر والمرونة وحسن الظن.. وصفة الوئام الأسري

تجربة شيخة المعبر تؤكد أهمية التوجيه
00:31 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة مها عادل:

الأسرة نواة المجتمع، وإذا صلُحت أنتجت لنا عائلة مستقرة ناجحة وأبناء أصحاء نفسياً وبدنياً، ما ينعكس بالضرورة على مجتمعاتنا العربية، وينتج لنا شعباً من الأسوياء القادرين على صياغة المستقبل ومواجهة تحدياته. تلك هي المهمة التي تتخذها على عاتقها إدارة التوجيه الأسري بالمحكمة الشرعية بالشارقة، التي تسعى من خلالها لحل النزاعات الأسرية بين الزوجين بشكل ودي بعيداً عن قاعات المحاكم.
ويسعى كل الموجهين بالإدارة إلى رأب صدع الخلافات الزوجية، حفاظاً على الأسرة واستقرارها وسلامة الأبناء وصحتهم النفسية. ويزداد التحدي الذي تحمله هذه المهمة صعوبة كل يوم، عندما يكون الوسيط بين الزوجين امرأة بمجتمع عربي ذكوري النزعة وتحمل على عاتقها مسؤولية توصيل النصيحة والإرشاد بشكل مفيد ومقنع للطرفين.
الباحثة القانونية والموجهة الأسرية شيخة أحمد المعبر، تقول: «الموجه الأسري، أحرف قليلة لكنها تحمل في طياتها معاني عظيمة، ويجب عليه ألّا يخالف فعله منطقه، وأن يتحلى بتقوى الله وأن يكون ملماً بالعلم الشرعي والقانون، وأن يتحلى بالصبر والمرونة والحكمة والفطنة وسعة الصدر والابتسامة وألا يبقى كالماء الراكد، بل يبحث ويسأل ويتعلم، فالتدريب المستمر هو سبيل النجاح».

وتضيف المعبر: «للتوجيه الأسري دور عظيم وفعال في المجتمع، وفي إصلاح ذات البين، ولم شمل الأسرة، ووضع حلول ناجحة، والتوصل إلى إجازة اتفاق لضمان حقوق الأطراف، وبيان واجباتهم، ونسأل الله أن يكون لنا دور إيجابي في كل بيت حتى تكون أسر الإمارات كلها أسراً صحية، فنحن نسعى للجانب الوقائي قبل العلاجي بتضافر جهود المؤسسات».

وعن دراستها وعلاقتها بهذا المجال وأسباب اختيارها له، تقول: «تخصصي الجامعي شريعة، ومن ثم درست سنتين برنامج المتدربين القضائيين، فجمعت بين العلم الشرعي والقانون، وأتممتها بدراسة دبلومات في علم الاجتماع والإرشاد الأسري والنفسي والعلاقات العامة، وما زلت أبحث عن كل ما هو مفيد ومتجدد في مجال عملي. واخترت هذا المجال لحبي للجانب الاجتماعي منذ صغري، فأنا كنت أحلم أن أكون اختصاصية اجتماعية مميزة، كما أحب أن أساعد الجميع، وأمزج بين العلم والموهبة، وبفضل من ربي لم أجد صعوبة في خوض هذه التجربة الرائعة، فأنا موظفة في وزارة العدل منذ عام 1998».
تؤكد أن شعارها الدائم في الحياة، هو ركوب المنَى واقتحام المخاوف، مثل ما يقول أبو القاسم الشابي في قصيدته إرادة الحياة «ومَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَالِ.. يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر»، وهي ابنة وزوجة، في أسر ذات قيم دينية وخلقية وعلمية واجتماعية، أثرت حياتها واستمدت منها القدوة والقوة والطاقة الإيجابية. تقول: «الحمد لله لي دور كبير في أسرتي، وعلى محيط صديقاتي وأقاربي قبل انخراطي في مجال التوجيه الأسري، فالأكبر سناً والأصغر مني لا يبخلون عليّ بالأسئلة والاستشارة وتقبل النصح والعمل به في مجالات الحياة».
وتطلعنا المعبر من خلال خبرتها في معالجة المشاكل الزوجية على أهم أسباب الخلافات الزوجية وأنواعها، قائلة: «الخلافات الأسرية موجودة منذ بداية الخلق، فلا توجد حياة طبيعية بلا خلافات، ولكن الأمر يكمن في كيفية السيطرة عليها»، وتوضح أن الخلافات تنقسم إلى قسمين: ما قبل الزواج، وأهم أسبابها الانخراط في محاكاة المظاهر الاجتماعية والترف غير المبرر في تكاليف الزواج وحفلاته، والآخر أثناء الحياة الزوجية، وأسبابها البعد عن الدين وعدم المحافظة على الواجبات، والضغوط المادية وعدم التكافؤ الاجتماعي والثقافي والعلمي والمادي، وعدم الفهم للثقافة الزوجية أو الإلمام باحتياجات وصفات كلا الطرفين، مؤكدة أن ظهور وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين.
وتقدم المعبر من خلال خبرتها بحل النزاعات والخلافات الزوجية مجموعة من النصائح والتوصيات للأزواج من الجنسين لاتقاء تأجج المشاكل واشتعال الأزمات، وتقول: «أنصح كل زوجة وزوج بتقوى ورضا الله، فلكل طرف منهما حقوق وعليه واجبات، فلو قام كل طرف بواجباته لوصلت بدون مشاحنة، وأن يتجمل كل طرف بالابتسامة، فهي بمثابة إسفنجة عجيبة تمتص الغضب، فضلاً عن التحلي بالصبر والمرونة وحسن الظن، إلى جانب التركيز على الكلمات العذبة والحفاظ على الرومانسية والعاطفة الحانية وأن يحذر كل منهما من حرمان أبنائهم منها، فالبنت بحاجة إلى حضن الأب وأن تسمع الثناء والمديح من أبيها وتتعلم المعاني والآداب من والدتها».
وتقدم المعبر وصفة للزواج الناجح وتوصيات للشباب المقبل على الزواج بحسن الاختيار لشريك الحياة، وأن يكونا متكافئين فضلاً عن السعي للتدريب والتطوير في جميع مجالات حياتهما، وأن يعي الوالدان حدودهما في التدخل في حياة أبنائهم الأسرية، كما تحذر من الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بصورة سلبية، فهي دمرت العديد من البيوت القائمة بنشر تفاصيل الحياة اليومية، كما تؤكد ضرورة اللجوء إلى الاستشارة، حال الشعور بذلك فالوقاية خير من العلاج، كما تتمنى أن تتضمن المناهج التعليمية دراسة المهارات الحياتية عن الأسرة والزواج والأبناء، وألا يتزوج الشباب حتى يحصلوا على رخصة للزواج، وفق دبلوم متخصص يجتازه المقبلون على الزواج قبل زفافهما.

مبادرات وإنج ازات

تعتز شيخة المعبر بما أنجزته خلال مشوارها المهني الحافل وتشعر بالامتنان لكل من دعمها أو شاركها هذه النجاحات، ومنها: فكرة وإعداد لحفل المسلمين الجدد في قصر الثقافة، وتوقيع أول اتفاقية والدية، وتطبيق التمرين التفريغي في الجلسات الإرشادية، والمشاركة في مختبر الإبداع الأسري الذي نظمته إدارة التنمية الأسرية، والمشاركة في وضع الخطة الاستراتيجية للأسر في إمارة الشارقة، وتقديم دورات وبرامج تدريبية في مدارس الإمارة، والمشاركة مع مراكز التنمية والمجلس الأعلى في تقديم العديد من البرامج التدريبية والدورات ضمن مبادرة «جيران»، وكذلك الحصول على 3 دبلومات في الإرشاد الأسري، إلى جانب جلسة إرشادية في حديقة الرمثا.

سعادة وتكريم

تعرب شيخة المعبر، الباحثة القانونية والموجهة الأسرية، عن سعادتها وفخرها وامتنانها لحصولها على جائزة التميز تكريماً لها على مجمل جهودها في مجال التوجيه الأسري. تقول: «حصولي على جائزة التميز في المسؤولية المجتمعية كأفضل موجهة أسرية على مستوى القضاء الاتحادي، يعد شرفاً وفخراً، وأسأل الله أن يعينني على هذه المسؤولية العظيمة، وقلت للمسؤولين في محاكم الدولة: إن هناك العديد من الموجهين الأسريين الأفاضل ومن هم أقدم مني ويستحقون هذا التكريم. وأتقدم بالشكر إلى سلطان البادي وزير العدل، والمستشار محمد البادي وكيل وزارة العدل، والمستشار جمعة إبراهيم العتيبي والدكتور محمد الكمالي، ومركز هاندي هيومن للمؤتمرات والفعاليات وجميع من سعى لي في التكريم فلهم كل الشكر والتقدير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"