"الغالبون" قصة حقيقية عن المقاومة

تدور أحداثه ما بين 1982 - 1985 إبان الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان
05:36 صباحا
قراءة 5 دقائق

تسترجع أرض الجنوب اللبناني في هذه الأيام ذكريات حقبة معاصرة وفترة عصيبة، عاشها أهلها بين أعوام 1982- 1985 إبان الاجتياح الإسرائيلي، إنما من خلال مسلسل الغالبون للكاتب السوري د . فتح الله عمر والمخرج باسل الخطيب الذي يحاكي عمل المقاومة خلال تلك الفترة ويشارك فيه أكثر من 200 فنان لبناني وعشرات الكومبارس . يركز المسلسل على نموذجين من المقاومين أحدهما انخرط في عمل المقاومة الميدانية والآخر أنيطت به مهمة أمنية اخترق خلالها الصهاينة ضمن قصة غاية في الإثارة والتشويق،لا تخلو من حكايات حب والعلاقات الاجتماعية .

الخليج زارت بلدتي أنصار وحومين التحتا الجنوبيتين لمواكبة التصوير . الكل في حالة استنفار: الممثلون والكومبارس والفنيون وفريق الإنتاج . . بانتظار أكشن المخرج باسل الخطيب . لتبدأ معه التدريبات العسكرية ومعها يبدأ المخرج بالتقاط زوايا عدة للمشهد الواحد . ثمة مشاهد استدعى تكرار تصويرها أكثر من مرة . ولا تزال عين المخرج على الكاميرا يراقب ويدير . لا يخلو الأمر من ردة فعل غاضبة تصدر من المخرج نتيجة هفوة ما ارتكبها العامل الفني عند قذف سحب الدخان الاصطناعي . ولكنها لحظات وتسود علامات الرضا عند تنفيذ مجموعة المتدربين للمهمة بنجاح، يعلن المخرج بعدها استراحة المحارب وأخذ قسط من الراحة، وهو ما فتح المجال لحديث جانبي مع المخرج الذي أكد اقتصار المشاركة على الممثلين اللبنانيين، كونهم الأقدر على تجسيد الأدوار . فهم أبناء البلد الذي عانى قهر الاحتلال . يبدي الخطيب ارتياحه لعملية التصوير، وللعمل بحد ذاته ويقول العمل يرصد تاريخ لبنان المعاصر والأحداث التي لعبت دوراً في إعادة رسم خارطة المنطقة، وهي أحداث مازالت ماثلة في ذاكرة الناس . ونحن ملتزمون بتقديم أقرب صورة ممكنة إليها، من خلال إلقاء الضوء على كيفية تشكل النهج الجديد للمقاومة .

والغالبون يسرد فترة تاريخية مهمة ليس في تاريخ لبنان وحسب، بل في المنطقة العربية كلها . مثنياً على المشاركين في العمل لمست عندهم التزاماً وإحساساً كبيراً بالمسؤولية، لشعورهم بالمشاركة كفنانين وكأبناء هذا البلد، في عمل مهم .

وكشف المشرف العام على الإنتاج أحمد حوماني عن أن فكرة تنفيذ عمل درامي عن المقاومة في لبنان وما حققته كانت في ذهن معظم شركات الإنتاج والكتّاب على امتداد الوطن العربي منذ العام ،2000 وقال: كانت الإشكالية في كتابة النص الذي يعطي صورة واقعية ومتكاملة عن المقاومة .

وقد استطاع الكاتب السوري فتح الله عمر من خلال نص المسلسل،ملامسة البيئة الاجتماعية والسياسية والعسكرية للعمل المقاوم من خلال اطلاعاته الواسعة حول ما كتب عن المقاومة والشهداء والمعاناة وذلك على زهاء ثلاث سنوات .

ولكن هل سيستطيع المسلسل إعطاء الصورة الواضحة لمفهوم العمل المقاوم بشكل يستقطب جميع الأفرقاء؟ يقول حوماني أعتقد أن الجميع لديه البعد الواحد للعمل المقاوم . المسلسل سيظهر معظم أطياف القوى الوطنية التي شاركت بالعمل المقاوم منذ العام 1982 ولغاية العام ،1985 وبذلك يلامس المسلسل الواقع . ولأن هذه الفترة قريبة من الذاكرة، لا يمكن بأي شكل من الأشكال التغيير في الوقائع . وإذ أكد حوماني زن وقائع هذه الفترة وأحداثها لا يمكن حصرها في مسلسل من ثلاثين حلقة، كان القرار باختيار هذه الفترة التي تعطي فكرة عن العمل المقاوم بمفهومه العام . وأنه بالرغم من كل الجبروت الإسرائيلي والانهزام العربي، استطاعت مجموعات من المقاومة أن تبرز من تلقاء أنفسها، وتؤسس لعمل مقاوم أساسي . في تلك الفترة لم ينل الشهداء حقهم في الإعلام، نظراً للكم الهائل من الإرهاب والمجازر، لافتاً إلى أن الموازنة توفرت بالكامل لتأمين كل ما يتطلب لإنجاز عمل فني على مستوى إنجازات المقاومة . وعلى الرغم من ذلك واجهتنا صعوبة في العثور على أماكن تصوير تشبه زمن الاجتياح الإسرائيلي وما تلاه، خاصة بعد حرب تموز/يوليو 2006 التي أتت على معالم كثيرة من القرى الجنوبية، والمنازل اختلفت .

الإطار العام للأحداث يدور حول قصة حقيقية، تبدأ أحداثها مع شابين يستعدان للسفر إلى فرنسا بهدف التحصيل العلمي، ثم يتراجعان ويقرران الانخراط في صفوف المقاومة، إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام ،1982 أما لجهة التفاصيل، فتناط بفارس (الفنان مازن معضم) تنفيذ مهمات أمنية أكثر منها عسكرية . .

وقد اعتبر معضم أن الدور من الأدوار الصعبة والمركبة،ويكاد يكون الدور الأصعب في المسلسل، نظراً لما يتطلب منه من اتخاذ مواقف متنوعة ومتعددة . وقال لقد استفزني الدور لذلك أحببت أن أؤديه .

الفنانة دارين حمزة بتول، معلمة الدين تعيش حالة من الصراع الدرامي والشك يراودها حول طبيعة العمل الذي يمارسه العميل المزدوج والحبيب فارس . تقول وجدت في هذا الدور تحدياً لاستنفاد قدراتي وطاقاتي التمثيلية، وبالتالي تأدية دور الفتاة الملتزمة بعدما سبق لي واختبرت الشعور النقيض، كجاسوسة إسرائيلية في كوهين .

الفنان طوني عيسى أو علي في المسلسل، شاب في ريعان الشباب تعرف إلى العمل المقاوم، عندما التحق بمعسكر جنتا للتدريب العسكري . . ما أهّله لاستلام قيادة مجموعة قامت بتنفيذ العمليات الناجحة ضد الاحتلال يقع في أحدها أسيراً حيث يتعرض لأشد أنواع العذاب . من دون أن ينسيه العمل الجهادي أن يعيش قصة حب مع زينب (بولين حداد) . وهو دور اعتبره تجربة جديدة في عملي التمثيلي متمنياً أن يترك الدور بصمته في مسيرته الفنية .

الممثل يوسف حداد الذي طالما راوده حلم تأدية دور الشاب المقاوم وجده في راغب، علماً بأنه كان مرشحاً لدور البطولة لكن فارق العمر حال دون ذلك . وقال: انتمائي لهذا المسلسل انتماء روحي وليس مادياً . أحببت أن أعيش التجربة التي يعيشها أبطالنا . وعندما دخلت في تفاصيل الدور أدركت إرادة المقاومين العظيمة، وبالتالي التخلي عن ملذات الحياة في سبيل حلم المحافظة على طهارة الأرض، الأمر الذي انعكس على حياتي . من هنا أقول، لو أقدمت إسرائيل على عدوان جديد، من المؤكد أني سأتدرب على حمل السلاح للدفاع عن وطني .

الفنان فؤاد شرف الدين، الذي يلعب دور الكولونيل الإسرائيلي آمر المعتقل، أشار إلى حجم التحدي الذي واجهه لكي أستحق لقب ممثل، أما التحدي الثاني بأن أرتدي بدلة الجندي الإسرائيلي والتحدث بلغته . ولذلك استعنت بأستاذ للغة العبرية، يضيف أتعبتني الشخصية عندما ارتديت البذلة العسكرية . نظرت إلى المرآة وكرهت نفسي . ومن هنا ثمة تمنٍ يراود مخيلته لغاية تاريخ عرض العمل، مفاده أن يكره الجمهور الشخصية دون أن يطال مفعول الكره شخصه . لافتاً إلى أنه الأفضل لغاية اليوم عمّا أنجز في السابق . ومبدياً في الوقت نفسه بعض التحفظات والملاحظات على مضمون النص الدرامي، إلا أنه يصل إلى نتيجة اعتبار العمل خطوة أولى لتسجيل التاريخ،على أمل استكمالها بخطوات لاحقة . ومتوقعاً أن يحظى العمل بأكبر نسبة من المشاهدة العربية، لما عانيناه جميعاً من كافة أنواع الاستعمار . كذلك الفنان آلان الزغبي الذي يؤدي دور الضابط الإسرائيلي (مايجر خليل) قال بصفتي ممثلاً ولكوني قبلت الدور فسألعبه بحذافيره وسأحاول تقمص الشخصية في العمل الذي يوضح كيفية تعامل العدو الإسرائيلي وقساوته وشراسته وأطماعه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"