انحراف الوتيرة الأنفية صعوبة في التنفس

05:03 صباحا
قراءة 6 دقائق


يتكون التجويف الأنفي من قسمين متساويين، وذلك من خلال الحاجز الأنفي، وهو جدار رقيق يقع بين فتحتي الأنف، ويتكون بدوره من أجزاء عظمية وغضروفية، ووظيفته جعل التنفس عملية انسيابية مستمرة.
ويصاب البعض بما يسمى انحراف الوتيرة الأنفية، أو انحراف الحاجز الأنفي؛ حيث تميل الغضاريف والعظام التي يتكون منها الحاجز الأنفي، مما يتسبب بجعل أحد الممرات الأنفية أصغر من الآخر، وبالتالي تصبح هناك صعوبات في عملية التنفس.
تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 75% من البشر يعانون هذه المشكلة، وإن كان الكثيرون يتعايشون معها، ولا يحتاجون في الأغلب إلا لبعض العلاجات التي تخفف من أعراضها.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة انحراف الوتيرة الأنفية بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تظهر، وكذلك تقديم طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


انسداد الأنف


توضح دراسة أمريكية حديثة، أن انحراف الوتيرة الأنفية يتفاقم في بعض الأحيان، مؤدياً إلى انسداد إحدى فتحتي الأنف، وهو ما يتسبب على المدى البعيد في جفاف الأنف، وبالتالي الإصابة بنزف الأنف المتكرر، ويمكن أن يعود انسداد الأنف إلى انحراف ممرات الأنف، أو تورم الأنسجة المبطنة لها، أو كلا الأمرين معاً.
ويتضمن علاج انحراف الوتيرة الأنفية الأولى التخفيف من أعراضه التي تؤثر في بطانة الأنف، وبالتالي تسبب انسداد فتحتي الأنف.
ويشمل العلاج مضادات الاحتقان، والهستامين، والمضادات الموضعية الأنفية، والتي تخفف من أعراض الانسداد والحساسية وخلافه.
ويبقي الخيار الجراحي مطروحاً في الحالات التي لا تتحسن فيها الأعراض، وتهدف الجراحة في هذه الحالة إلى تصحيح انحراف الحاجز الأنفي.


الولادة والحوادث


يقع الحاجز الأنفي بين فتحتي الأنف، وعندما يصاب الشخص بانحراف الوتيرة، فإن هذا الحاجز ينحرف إلى أحد الجانبين، بدلاً من وضعه الطبيعي في المنتصف، كما ذكرنا سابقاً.
وتوجد عدد من العوامل التي تؤدي إلى هذه الحالة، ومنها إصابة الرضع؛ حيث ترجع الإصابة إلى مرحلة تطور الجنين، وبالتالي فلا تظهر إلا عند الولادة.
ويمكن أن ترجع مشكلة انحراف الحاجز الأنفي إلى تعرض الشخص لحادث أدى إلى إصابة الأنف، كأن يصطدم بشيء ما أو يتعرض للسقوط أرضاً أو ينزلق.
وتؤدي كذلك ممارسة بعض أنواع الرياضة أو حوادث السيارات، إلى هذه المشكلة، وتتسبب كل هذه الأشكال السابقة بإزاحة الحاجز الأنفي من موضعه إلى أحد الجانبين.
السن والجيوب الأنفية
يتأثر هيكل الأنف نتيجة الشيخوخة الطبيعية، وهو الأمر الذي يجعل انحراف الوتيرة الأنفية يزداد سوءا مع تقدم الشخص في العمر.
ويتسبب التهاب الجيوب الأنفية وتطور الإصابة بها بحدوث تغيرات في كمية انتفاخ وتورم الأنسجة الأنفية، وهو الأمر الذي ربما أدى إلى ضيق في الممرات الأنفية بالحاجز الأنفي، وبالتالي يحدث انسداد الأنف. ويشير الباحثون إلى أن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بانحراف الوتيرة الأنفية، ومن ذلك ممارسة بعض الرياضات التي تتسم بالاحتكاك المباشر، وكذلك عدم اتخاذ التدابير الاحترازية أثناء ركوب السيارة أو الدراجة البخارية، كارتداء حزام الأمان أو الخوذة لحماية الوجه.


صعوبة التنفس


يعاني المصاب بانحراف الوتيرة الأنفية من بعض الأعراض، وفي الأغلب، فإن الكثيرين لا تظهر عليهم أعراض بارزة، ولا يعرفون أنهم مصابون بهذه المشكلة.
ويمكن أن تسبب هذه الحالة بانسداد فتحة أو فتحتي الأنف، وبالتالي يجد المصاب صعوبة في التنفس، وربما زاد الأمر حدة في حالة الإصابة بالزكام أو الحساسية، مما يتسبب بتورم الممرات الأنفية وضيقها.
ويؤدي سطح الحاجز الأنفي الجاف إلى حدوث نزيف بالأنف أو ما يعرف بالرعاف، كما يعاني المصاب آلاماً في الوجه، وذلك لأن انحراف الحاجز الأنفي الشديد الذي يؤثر في الجزء الداخلي للجدار الأنفي، ربما كان سبباً بآلام الوجه أحادية الجانب.


التنفس الصاخب


يتسبب انحراف الوتيرة الأنفية في حدوث تنفس صاخب أثناء النوم، وهو الأمر الذي يعانيه الرضع والأطفال الصغار، وربما كان وراءه تورم الأنسجة داخل الأنف.
ويعتبر انسداد أحد جانبي الأنف، وتبادله مع الجانب الثاني من الأنف أمراً طبيعياً، وهو يعود إلى ما يعرف بالدورة الأنفية، ويتسبب الانتباه لهذه الدورة في الإحساس بأن انسداد الأنف غير طبيعي.
ويمكن أن يتسبب انحراف الحاجز الأنفي في تفضيل المصاب النوم على جانب معين، وذلك بهدف تحسين عملية التنفس من الأنف ليلاً.


جفاف الفم


وينصح في حالات انسداد أحد فتحتي الأنف أو كلتيهما بشكل متكرر، مع عدم الاستجابة للعلاج بالحصول على استشارة الطبيب، وكذلك عند الإصابة بالرعاف بصورة مستمرة، أو عند تكرار التهابات الجيوب الأنفية.
تتسبب حالات انحراف الوتيرة الأنفية الشديدة في بعض المضاعفات، وذلك نتيجة انسداد الأنف، وتشمل هذه المضاعفات جفاف الفم، والذي يرجع تنفس المصاب من الفم بشكل دائم.
ويصاب باضطرابات خلال النوم، لأنه لا يستطيع أن يتنفس بشكل دائم ليلاً، كما يعاني الضغط أو الاحتقان في ممرات الأنف.


منظار الفحص


يبدأ الطبيب عند تشخيص انحراف الحاجز الأنفي بمعرفة الأعراض التي يعانيها المصاب، ثم يفحص الأنف مستخدماً في ذلك منظار الأنف، وهو جهاز به ضوء شديد، ومصنوع بشكل يسمح له بالدخول في فتحتي الأنف.
ويمكن أن يلجأ إلى فحص الجزء الخلفي من الأنف، وذلك باستخدام أنبوب طويل مزود بضوء ساطع، وربما يقوم بفحص أنسجة الأنف قبل استعمال البخاخ الأنفي وبعده.
ويعتمد على هذه الاختبارات في تحديد هل هناك انحراف في الوتيرة الأنفية أم لا، وكذلك إلى أي مدى وصلت الإصابة.


التحكم في الأعراض


يهدف العلاج الأولي لانحراف الحاجز الأنفي إلى التحكم بالأعراض المؤثرة في بطانة الأنف، والتي تتسبب بانسداد فتحتي الأنف.
ويشمل العلاج مضادات الاحتقان، وهي أدوية تخفف الانتفاخ وتورم أنسجة الأنف، مما يجعل المجاري التنفسية مفتوحة إلى حد كبير، وتتوفر هذه المضادات كحبوب أو بخاخات موضعية. وينصح الأطباء عند استخدام البخاخات الموضعية بالحذر، لأن تكرار استخدامها سيؤدي إلى الاعتياد عليها، وبالتالي فإن الأعراض بعد التوقف عن استخدامها ستكون أسوأ.
ويجب الانتباه إلى أن لمضادات الاحتقان بعض الآثار الجانبية، ومنها زيادة معدل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم.


تخفيف الالتهابات


يمكن أن يلجأ الطبيب المعالج إلى مضادات الهيستامين، والتي تستعمل للوقاية من أعراض الحساسية، وتشمل هذه الأعراض انسداد الأنف والسيلان الأنفي.
وتساعد أحياناً كثيرة في حالات لا يكون سببها الحساسية، كأعراض نزلات البرد، ويجب الانتباه إلى أن بعض هذه المضادات ربما سببت النعاس، وبالتالي أثرت في قدرة الشخص على أداء المهام التي تحتاج إلى تركيز.
وتساعد بخاخات الستيرويد الأنفية الموضعية في تخفيف التهابات الممرات الأنفية، غير أنها تحتاج إلى روشتة طبية لصرفها.
وتحتاج فترة تتراوح من أسبوع إلى 3 أسابيع، حتى تصل إلى أقصى تأثير لها، ولذلك فعلى المريض أن يلتزم بتعليمات الطبيب أثناء استخدام هذا الدواء.
ويلاحظ أن هذه الأدوية تعالج الأغشية المتورمة في الأنف فقط، غير أنها لا تصحح انحراف الوتيرة الأنفية، والذي يحتاج إلى التدخل الجراحي.


التدخل الجراحي


يلجأ الطبيب في كثير من الأحيان إلى التدخل الجراحي لتصحيح انحراف الحاجز الأنفي، وذلك في الحالات التي لا تتحسن فيها الأعراض بسبب انحراف الوتيرة، بالرغم من خيارات العلاج.
ويتم إعادة الحاجز الأنفي إلى مكانه الطبيعي خلال العملية، وربما اضطر الطبيب إلى قص أو إزالة جزء من الحاجز الأنفي، قبل تثبيته في مكانه المخصص، ويعتمد التحسن الذي يحدث في الحالة بعد إجراء الجراحة على شدة انحراف الوتيرة.
ويمكن أن يعيد الطبيب خلال هذه العملية الجراحية تشكيل هيكل الأنف، والذي يشمل تعديل شكل الغضاريف الأنفية أو العظام، وذلك حتى يتغير شكلها أو حجمها أو كلا الأمرين.


ضوابط التصحيح


تشير دراسة بريطانية جديدة إلى أن العمر المناسب لإجراء عملية تصحيح الحاجز الأنفي يكون بعد اكتمال النمو العظمي للأنف، وفي الأغلب في عمر 16 سنة، ويجب مراعاة الأمراض المزمنة التي ربما كان المريض يعانيها كضغط الدم، والسكري.
ويقول أحد الباحثين إن المصاب يتعافى بصورة تدريجية خلال فترة تتراوح من 30 إلى 45 يوماً، ولابد من الانتباه إلى أنه بعد العودة إلى العمل يجب عدم تعرض الأنف لأي إصابة، وكذلك تجنب الأسباب التي تهيج الأغشية المخاطية في الأنف.
ويقوم الطبيب بوضع حشوات أنفية، ومهمتها أن تمنع النزيف، وتزال بعد 24 ساعة، كما أنه يضع بلاستيكات داخل الأنف تمتع الالتصاقات وتحافظ على قوام الوتيرة، وتزال بعد 7 أيام من إجراء العملية.
وتشمل الآثار الجانبية لعملية تعديل الوتيرة الأنفية حدوث نزيف، أو ثقب في الوتيرة الأنفية، وربما حدثت التصاقات داخل الأنف، أو عدم تصحيح وضع الوتيرة بشكل كامل، وفي بعض الحالات تحدث التهابات في الأنف.
ويعتمد نجاح هذه العملية على أمرين أساسيين، الأول هو مهارة الجراح الذي يقوم بها، والأمر الثاني التزام المريض بتعليمات الحفاظ على أنفه في الأسابيع التالية على إجراء العملية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"