جيف إيملت لـ«الخليج»: بعد النظر أن ترى منشأة طاقة نووية في بحر نفط

يحاول جيفري ايملت، أو جيف كما يحب أن تناديه، أن يظهر كل جوانب تفاؤله بالاقتصاد العالمي والأمريكي تحديداً، فهو لا ينظر إلى الوراء، ولا يرى في الركود سوى بداية الطريق الى التعافي. ولكن، في الوقت نفسه عليك أن تكتشف بنفسك، أن رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي لأكبر شركة في العالم، يعلم علم اليقين بأن المسألة بحاجة الى وقت، ولذلك فانه يقوم بجولة في افريقيا ومنطقة الخليج والشرق الأوسط تشمل دولة الامارات والسعودية وقطر وتركيا وغانا بحثاً عن فرص الشراكة.

والشراكة في مفهوم ايملت، رئيس مجموعة جنرال الكتريك العالمية، الذي كان يتحدث الى الخليج وعدد من الصحف المحلية الناطقة بالانجليزية في دبي أمس، هي الشراكة الاستراتيجية والتحالف طويل الأمد القائم على المصالح المشتركة، وفي هذا الاطار كشف ايملت عن تطلع المجموعة لإقامة مشروع طاقة نووية في المنطقة.

أما عن دولة الامارات، التي يعتبرها ايملت شريكاً حقيقياً ومنطلقاً لتعزيز أعمال المجموعة في المنطقة، فأكد أن الشراكات القائمة مع مبادلة وطيران الاتحاد في أبوظبي، وطيران الامارات وعدد من المشاريع في دبي، ستواصل التقدم نحو تطوير الأعمال، والدخول في أطر عمل جديدة، معبراً عن رغبة حقيقية في تأسيس شراكة أكبر مع دبي.

كشف إيملت عن دراسة امكانية أن يقوم أحد صناديق مبادلة للاستثمار (في اطار المشروع المشترك) بالتركيز على المنطقة من خلال بناء منصات تأجير أو آليات إقراض متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وقال ايملت، الذي اختير ضمن قائمة أقوى الشخصيات على مستوى العالم، ان قطاع الطاقة المتجددة هو أحد أوجه العلاقة القوية التي تربط المجموعة بدولة الامارات، ومنها مدينة مصدر، الذي أكد أنه يعتقد شخصياً أنه سيكون نموذجاً ناجحاً.

• نووي في بحر نفط

لا تزال جنرال الكتريك حريصة على الحصول على عقود طاقة نووية في المنطقة، رغم غيابها عن صفقات بناء وتشغيل 4 مفاعلات نووية في دولة الامارات.

وقال رئيس الشركة: نود القيام بمشروع طاقة نووية في المنطقة كبديل متاح عن الطاقة البتروكيماوية، وحاولنا كسب عقد محطة نووية في أبوظبي، ونحن نتطلع لبناء مشروع نووي في منطقة الشرق الأوسط.

وأردف ايملت بالقول: من التعليقات التي أقولها دوماً كيف سبقت أبوظبي الولايات المتحدة في انشاء محطات طاقة نووية؟ كيف تفسر منطقياً أن تجد بناء محطات طاقة نووية في بحر من النفط؟ انها القناعة في أهمية تطوير بدائل للطاقة . وهذا ما لم تقتنع به الولايات المتحدة أكبر مستهل للطاقة بعد.

وتابع: من الجيد أن نرى في المنطقة هنا أن لديها رؤية بعيدة المدى. وعن مشروع مصدر قال: لدينا شراكة مع مصدر في المشروع الذي نعتبره مشروعاً جيداً.

• أعمال المجموعة حول العالم

تعتبر منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا منطقة نمو حيوية لجنرال الكتريك، وكشف جيف ايملت، أن خطة 2010 تسعى لنمو الأعمال في المنطقة بين 10 و15%، وقال ايملت: ما زلنا نتعافى من التباطؤ الحاد لذا من الصعب أن نتوقع النمو بضعفي أو 3 أضعاف اجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة، هذا لن يكون واقعياً.

وأضاف: نحن بداية بحاجة لنرى كيف سيكون وضع الاقتصاد العالمي، لكن في نفس الوقت سنشعر بالاحباط لو أننا لم نحقق نسبة نمو سنوي دون 10% في منطقة الشرق الاوسط وإفريقيا، مع العلم أننا سجلنا نمواً في الأعمال وصل الى 30% في الصين العام الماضي.

وتابع ايملت بالقول: الولايات المتحدة سوق مهم لنا لكن 60% من عائداتنا تأتي من الخارج، وخاصة لقطاعات البنية التحتية، ولدى جنرال الكتريك العديد من القطاعات التي تتميز بآفاق نمو هائلة على مستوى المنطقة من الطاقة والطيران والرعاية الصحية والمياه . كما أن هناك آفاق نمو هائلة على المستوى الجغرافي كإفريقيا حيث هناك عجز في موارد الطاقة والمياه والرعاية الصحية وآلاف الميجاوات من الطاقة الكهربائية، كما يشهد غرب إفريقيا اكتشافات نفط وغاز يومية، ونحن نتوقع نمواً ممتازا لاقتصاديات المنطقة لما تتمتع به من امكانات.

وعن تطلعات جنرال الكتريك للمرحلة المقبلة في المنطقة قال ايملت: نقوم في جي اي كابيتال حالياً بالتركيز على التمويل مثل تمويل الطائرات ومشاريع الطاقة.

وعلى مستوى العالم يقول ايملت: رأينا عودة أسواق الخدمات المالية الى وضعها الطبيعي ونرى أن الأسوأ صار وراءنا في هذا الاطار، أما كيف سنعود للنمو فما زال علينا أن ننتظر لنرى.

واضاف: وعلى مستوى المنطقة لن ندخل في مشروع ضخم على مستوى الخدمات المالية من دون شريك.

• الشراكة مع مبادلة

أشاد جيف ايملت بعلاقة الشراكة التي تجمع جنرال الكتريك مع شركة مبادلة للتنمية، قائلا إن العلاقة مع مبادلة، قائمة على عدة اتفاقيات، وأكد أن هذه العلاقة استراتيجية، وستستمر وقتاً طويلاً، مؤكداً أن التوجهات المشتركة لكلا الطرفين أدت الى اقامة علاقة جديّة، وكشف ايملت في هذا الاطار، أن اتفاق تأسيس مؤسسة مالية بين الطرفين دخل حيز التنفيذ في الربع الأخير من ،2009 وتم البدء ببناء فرق عمل متكاملة ودراسة عدد من الفرص، على أن تبدأ النتائج الأولية بالظهور بدءاً من العام الجاري.

وبناء على الاتفاقية الموقعة بين مبادلة وجنرال الكتريك خلال 2009 لإطلاق مشروع مشترك للتمويل التجاري برأسمال 8 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، تم انشاء مؤسسة مالية، تتخصص في مجال الإقراض التجاري، وتمويل المشاريع والأعمال.

وكشف ايملت عن انجاز تأسيس مركز تدريب الكوادر القيادية المستقبلية في مجال الأعمال، وقال: قمنا بتأسيس وحدتي أبحاث ودراسات ستعمل ضمن مشروع مدينة مصدر، هذا فضلاً عن مشاريع الطاقة المتجددة والطيران.

وأضاف: فعلياً لدينا أربع شراكات رئيسية انطلقت بفاعلية من خلال الاتفاق الاستراتيجي بين الطرفين، ومبادلة شريك في جنرال الكتريك وتمتلك حصة في أسهم المجموعة، وهذه ننظر اليها باهتمام.

ويرى ايملت شراكات مستقبلية فالعلاقة بين الطرفين قوية، وتتوجه الى الأمور برؤية متقاربة، وقال: لا نزال في المراحل الأولى من الشراكة.

وعن مجالات العمل الأخرى التي يمكن لمبادلة الشراكة فيها كالرعاية الصحية وغيرها قال ايملت: عندما تنظر الى جنرال الكتريك تجد التركيز على صناعة البنية التحتية والقطاع المالي، وهذا نفسه ما تركز عليه مبادلة، لذلك يمكن القول إن التركيز كبير على قطاعي الطيران والطاقة، ونتطلع لجمع القوى للاستثمار في مناطق مختلفة كافريقيا مثلاً.

وتابع: لاحظنا من البداية أننا نتعامل مع شريك قوي ومستقر يملك رؤية، كما لاحظنا أن هذا الشريك هو ليس مجرد صندوق سيادي، بل أعتقد أنني يمكنني وصف مبادلة بشركة موازية لجنرال الكتريك في الشرق الأوسط، وبما أن المتغيرات حول العالم سريعة، فمن المريح لنا أن يكون لدينا شريك لديه الديناميكية للتحرك سريعاً معنا.

ورداً على سؤال حول حصة مبادلة في جي اي، ومدى علاقة هذه الحصة بالمشاريع المشتركة والربحية، قال ايملت: الشراكة قائمة على الربح، والطرفان لهما مصالحهما، والشراكة قائمة على أساس أن كل طرف سيحقق أرباحاً، وجنرال الكتريك لا تنظر الى الموضوع بالنسب المئوية، بل علاقة استراتيجية تؤمن لها النمو المتواصل والتوسع السريع في المنطقة، وهذا ما توفره لنا شراكتنا مع مبادلة.

• تركيز على الرعاية الصحية

قطاع الرعاية الصحية، هو الهدف الأهم لجنرال الكتريك في المنطقة، وبحسب جيفري ايملت، فان المنطقة تحتاج الى الكثير في هذا المجال، وقال: أزور المنطقة مرتين سنوياً، وخلال لقاءاتي بالمسؤولين أرى أن قطاع الرعاية الصحية يحتل الأولوية، ولذلك نحن نعزز استثماراتنا في هذا المجال، في سبيل تأمين منتجات متطورة بأسعار تنافسية معقولة.

وأضاف: أعتقد أن العلاقات ستقوى بشراكات في مجال الرعاية الصحية، وستكون هذه الرابط الأقوى في العلاقة المستقبلية، فهذه المنطقة تعتبر مميزة لإحداث تغير نوعي في مجال الرعاية الصحية.

• النمو الاقتصادي حول العالم

فضلاً عن رئاسته لجنرال الكتريك، يشغل جيف ايملت أيضاً عدداً من المناصب الاقتصادية الهامة في الولايات المتحدة الأمريكية أبرزها أنه عضو المجلس الاقتصادي الاستشاري للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وعضو مجلس ادارة الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ورداً على سؤال الخليج عن رؤيته للاقتصاد الأمريكي في 2010 و،2011 قال ايملت: أفضّل ألا أتحدث عن الاقتصاد من المنظور الكلاسيكي، ولكني استمعت الى خطاب الاتحاد للرئيس أوباما ووجدته متفائلاً ويتحدث بعزيمة عن أساليب خلق الوظائف وأعتقد أن النمو 2 أو 3% يعتبر جيداً في هذه المرحلة.

وتابع: القلق الأكبر في أمريكا هو خلق الوظائف.. نعم أمريكا في حاجة الى النمو.

ويرى رئيس جنرال الكتريك أن النمو البطيء في الدول المتقدمة خلال المرحلة الحالية يعتبر ايجابياً، ونرى نمواً أكثر ديناميكية في الأسواق الناشئة كما نتوقع أن تواصل الصين النمو القوي، ويضيف: باتت المنطقة والامارات تحديداً أكثر تأثراً بالعالم ويعتمد النمو فيها على ما نشهده في الصين والهند والتعافي في الولايات المتحدة.

وقال: منذ 1980 حتى انفجار فقاعة التكنولوجيا كان الاقتصاد الامريكي هو المهيمن، النفط كان رخيص التكلفة وكان العالم يسوده السلام، لكن منذ ذلك الوقت كان هناك تذبذبات أكثر مع تغيير ديناميكية العولمة . على قطاعات الاعمال تغيير أنظمة شركاتها بحيث لا تقبع الشركات في انتظار عودة الأمور الى طبيعتها بل ان تسعى لإيجاد سبل للتأقلم والاستفادة من الواقع الجديد.

وعن العودة الى مستويات النمو المرتفعة قال: يجب ألا نفكر الى الوراء، لا يهمنا اطلاقاً العودة الى الوراء، نحن نعيش في عالم تحقق فيه الاسواق الناشئة بسرعة ويجب حماية سمعة الشركات وهذا ما يهمنا ان تتحضر له الشركة . طبعاً إذا عادت الأمور إلى طبيعتها سيكون أمراً رائعاً لكن يجب ألا نقبع في انتظاره، على الشركات أن تكون أكثر قدرة على التواؤم مع الواقع الجديد في عالم اليوم.

وأضاف: على الشركات أن تكون أكثر مرونة من المنافسين، فعلى مستوى المنطقة نحن أكثر شركة آمنة لمشاركتها في الأعمال في أي من دول المنطقة، نحن شركاء جيدون وجديرون بالثقة.

• مجالات العمل

القطاعات الرئيسية التي نتطلع لها في المنطقة في البنية التحتية والنفط والغاز الذي سيبقى عملاً جيداً بالنسبة لنا والمياه والرعاية الصحية والطيران والطاقة والموارد البديلة، والخدمات المالية أيضاً قطاع جيد، قوانين جديدة لكن منافسة أقل . أداء جيد لنا على مستوى إقراض المشاريع المتوسطة والصغيرة هذا المجال جيد لنا للنمو في المنطقة . لدينا جميع التقنيات اللازمة لكافة بدائل الطاقة، لكننا نرغب في زيادة الأنشطة المتعلقة بهذه البدائل في المنطقة وخلق شراكات على هذا الصعيد.

تلقى البدائل اهتماماً من 102 دولة في العالم ومنها أمريكا والصين.

نريد تطوير تقنيات نستطيع من خلالها تقديم بدائل جيدة وبتكلفة مناسبة وعائد جيد للمستثمر.

عندما قدمنا إلى المنطقة رأينا رغبة عارمة في تحويل الثروات التي خلقتها عائدات النفط إلى قاعدة اقتصادية أوسع، وهذه الرؤية اقترنت بالفعل وبالاستثمارات، وقدمنا لهم التقنيات اللازمة لذلك.

• جي اي

تأسست جنرال الكتريك فعلياً في عام ،1892 جراء دمج توماس أديسون الشركة العامة للكهرباء الخفيفة التي أطلقها في 1878 مع طومسون هيوستن.

وتعتبر جنرال الكتريك، من أقدم الشركات الأمريكية، فهي الوحيدة المتبقية على مؤشر داو جونز الصناعي منذ ادراجها على المؤشر الأصلي في عام 1896.

وهي أكبر شركة في العالم، وأكثرها تنوعاً، فهي تعمل في مجالات التكنولوجيا والاعلام والخدمات المالية ومنتجاتها وخدماتها تتنوع بين محركات الطائرات وتوليد الطاقة ومعالجة المياه والتكنولوجيا الأمنية الى التصوير الطبي، والأعمال التجارية وتمويل المستهلك، ومحتوى وسائل الاعلام والمنتجات الصناعية، تخدم العملاء في أكثر من 120 دولة مع أكثر من 320 ألف موظف حول العالم .

وفي مكتبها الاقليمي في دبي، يصل عدد الموظفين الى 600 موظف،ئوأكد جيفري ايملت أن هذا المركز الاقليمي يعمل بكامل طاقته والموظفون يعيشون وسط مجتمع متنوع براحة واستقرار .

ووقعت الشركة مجموعة كبيرة من الشراكات الاستراتيجية العالمية في مجال البنية التحتية والتمويل ووسائل الاعلام المتخصصة، لتلبي الطلب على البنية التحتية؛ ولمواكبة نمو التركيبة السكانية التي تحتاج الى الرعاية الصحية، والتمويل، والمعلومات والترفيه، والتكنولوجيات البيئية، والطاقة المتجددة .

• البحث والتطوير

أكد جيفري ايملت أن الشركة مستمرة في الاستثمار في مجال البحث والتطوير، رغم تراجع حجم الاستثمار العالمي في هذا المجال، وكانت جنرال الكتريك استثمرت في عام 2008 وحده، 15 مليار دولار في البحث والتطوير، لتسجل 2537 براءة اختراع وملكية فكرية عالمية في ذلك العام .

وحققت الشركة في الربع الأخير من 2009 أرباحاً ب 3،1 مليار دولار، وتتوقع العودة الى النمو في 2011 .

• برنانكي ومكافآت التنفيذيين

رداً على سؤال عن رأيه ببن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي من المقرر التصويت على تجديد ولايته في الكونغرس الامريكي، قال جيف ايملت: الناس تثق ببرنانكي الذي قام بدور وأداء جيدين خلال الأزمة التي أعتبرها غير مسبوقة، وقد كان قيادياً جيداً .

أما عن مكافآت التنفيذيين فقال: يجب أن تكون تعويضات الرؤساء التنفيذيين على درجة كافية من الشفافية .