الكتب.. نعمة وخيرات

22:26 مساء
قراءة دقيقتين


يوسف أبو لوز

أسمّي الكتب التي أشتريها من المعارض والمكتبات والأرصفة والأكشاك التي تبيع الكتب القديمة النعمة والخيرات، حتى لو كانت أسعارها مرتفعة، وهكذا، لك أن تتصوّر صديقي القارئ سعادة شخص مريض بالكتب وهو يحصل على كتاب جيد مستعمل بسعر رمزي جداً في معارض الكتب القديمة أو على الرصيف، ولهذه السعادة قصة أخرى سأحكيها في وقت آخر.
خيرات أمس من معرض الشارقة الدولي للكتاب كانت ثلاثة كتب: اثنان دفعت ثمنهما، والثالث كان هدية عزيزة على قلبي من الأخ أحمد العلي مدير دار «روايات»، الدار النوعية الرّائعة المنبثقة عن الدار الأم «كلمات» التي أسّستها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في العام 2007. أما دار «روايات» فهي ليست متخصصة في إصدار الروايات فقط، بل تنشر عناوين مختلفة ومتعددة في الأدب والجماليات والفنون، ومن بينها هذا الكتاب الذي أهدي إليّ وعنوانه «أشعار زبيغنيف هربرت» الشاعر البولندي (1924-1998).
هذه أوّل مرّة أقرأ لهذا الشاعر الذي نقله الكاتب العراقي هاتف جنابي من البولندية إلى العربية مباشرة، ما يعني أنك أمام شعر طازج لم يفقد شيئاً من روحه لأنه مُترجم إلى العربية من دون اللجوء إلى اللغات الوسيطة أو اللغات الثالثة في الترجمة وهي غالباً: الإنجليزية، والفرنسية والألمانية، ولا بدّ من العودة إلى حياة وأثر هذا الشاعر من خلال تقديم هاتف جَنّابي له، ولكن الآن، أكتفي بهذا المقطع من شعره، فربما يعرف القارئ روح هذا الشعر ولو باختصار شديد. يقول هربرت في قصيدة بعنوان «الأشياء»: «الأشياء الميّتة هي حسنة دائماً ولا يمكن، للأسف، قدحُها. لم يتسنّ لي أبداً أن أرى كرسياً يضع ساقاً على ساق، ولا سريراً منتصباً. وكذا الطاولات حتى حينما تكون مُجْهدةً فهي لا تجرؤ أن تحني ركبتها».
سأحصل بفرح غامر على الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الإيراني سهراب سبهري (1928-1980)، وكنت قرأت قصائد متفرّقة منذ سنوات لهذا الشاعر الذي دلّني عليه التشكيلي الإماراتي حسن شريف، ولكن للمرة الأولى أعرف أن سبهري رسّام «ومن صفاته الأخلاقية البارزة تواضعه وخجله الشديدان، كما أنه كان كريماً وأهدى العديد من لوحاته الفنية لأصدقائه». ومن شعره هذا المقطع: «لَفَّ ظلام كاللبلاب على الأكواخ وأشجار الحنّاء والقيقب، وكنّا لا نزال في الحصاد والمناجل في أكفّنا، بقينا حتى انحلَّ حبل الليل عن أعناق الأكواخ، وجاء الغد، جاء النهار ورحل».
الكتاب الممتع الثالث لكاتب اقرأ له للمرة الأولى هو «هنري كول»، وُلِدَ في اليابان لأم فرنسية وأب أمريكي. هو شاعر أيضاً وكتابه «باريس الأورفية» هو سياحة أدبية في باريس. كتابة ناعمة تراوح بين اليوميات والمذكرات. سرد على شيء من الشعرية «الخفية» على البوح، على التأمّل. كتابة تقرأ في كل أوقات اليوم، والأجمل أن تقرأ في الصباح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"