عادي

لنرفع شعار المعرض

00:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

محمد إسماعيل زاهر

بعد سنوات وسنوات من العمل الثقافي المؤسسي الجاد يحق لنا جميعاً أن نرفع اليوم شعار: «العالم يقرأ من الشارقة»، وهو الشعار الذي يعبر عن حاضر ومستقبل الثقافة في أرض تنبت الكتاب وكل ما ينفع الناس، يخاطب عقولهم ويستقر في وجدانهم، يشكل وعيهم ويرسخ بداخلهم الحق والخير والجمال.

نرفع الشعار مع انطلاقة معرض الشارقة للكتاب، ذلك المحفل المعرفي الذي ننتظره كل عام ليتوج فعاليات لا تهدأ في مختلف أوجه النشاط الثقافي، فعاليات أصبحت عصية على الحصر أو التصنيف، داخلية وخارجية، عربية ودولية، حتى أصبحت الشارقة مرادفة لمعنى الثقافة والتنوير في الكثير من بقاع العالم.

نرفع الشعار، ونشعر بالسعادة، فها هو المعرض ينطلق في ظل جائحة لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ قرن، والمغزى واضح، والدلالة حاضرة، فالفعل الثقافي مستمر، انطلاقاً من رؤية تمنح الأولوية للإنسان، لروحه وضميره، ومن قراءة متمعنة في التاريخ. وإذا كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قد قال يوماً: «نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة»، فكل عاشق للمعرفة يستطيع أن يسير على دربه ويستلهم مقولته ليردد أن الثقافة بدورها باقية على الرغم من الأوبئة والحروب والصراعات.

 نرفع الشعار ونحن على قناعة بأن الشارقة عملياً، تغرس في كل مكان بذرة للأمل، ينمو من خلالها كتاب، هنا بإمكاننا الإشارة إلى عشرات البذور التي زرعتها إمارة المعرفة ليس آخرها مبادرة ترميم مكتبات عدة في بيروت بعد انفجار المرفأ، بإشراف الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين.

نرفع الشعار، ونحن نرحب بالآخرين هنا، فالكتاب لقاح، لحظة تفاؤل وإقبال على الحياة، فبعد أشهر لم يكن فيها من حديث إلا عن الوباء، وتأثيره النفسي السلبي على العلاقات بين البشر، ها هي القراءة تستطيع المداواة وتجاوز الأزمات والمحن، فالقراءة درس في التاريخ عن إرادة الإنسان التي لم تعرف المستحيل، حكمة نتعلمها ونرددها للأجيال المقبلة ونحن نتطلع نحو غد لا يمكن إلا أن يكون أفضل من الراهن.

نرفع الشعار، ونتأمل في البوصلة الثقافية، لقد أصبحت الشارقة مركزاً مرموقاً، ضيفة على أهم معارض الكتب، وعاصمة عالمية للكتاب، إنجاز يحمل رسالة سلام ومحبة، واستثمار في البشر، وفرصة لكي يستعيد العرب موقعهم الحضاري الذي يستحقونه.

نرفع الشعار، ونحن نستعد لكي نناقش ما ينتظرنا في المستقبل، الذي عشنا مقدماته خلال الأشهر الماضية، فجميع اللقاءات والجلسات والأمسيات الثقافية عقدت عن بعد، وهو ما سيتكرر في فعاليات المعرض، فعلى الجميع التفكير في تأثير ذلك على الحياة بوجه عام وعلى الثقافة بصفة خاصة.

نرفع الشعار، ونتأمل فيه المرة تلو الأخرى، فعندما يقرأ العالم من الشارقة، هو لا يمارس قراءة الكتب وحسب، لكنه يقرأ الوجوه المبتسمة، والشوارع الأصيلة، والأحجار التي تخفي وراءها قصصاً وحكايات، والمعارض الفنية التي ترتقي بالذائقة، والأمسيات الشعرية التي تستعيد ألق ديوان العرب، والعروض المسرحية التي تُفعّل الحوار الهادئ وتحلق بالوجدان، هنا يقرأ العالم..ويقرأ، فالشارقة نفسها تحولت إلى كتاب.

الشارقة كتاب، لا تنتهي أوراقه، قرأنا فيه فصولاً عدة ولا نزال ننتظر المزيد، أشعرتنا دائماً بجوع نحو المعرفة نهم، لا تشبعه إلا الكلمات. لقد علمتنا الشارقة أن الثقافة ظمأ لا ترويه إلا الحروف. وهل يجوع الإنسان أو يظمأ في أرض تنبت الكتاب وكل ما ينفع الناس؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"