الكتابة عيادة مجانية

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

توصّل عالم النّفس الشّهير «جيمس بكير» سنة 1986م إلى طريقة مبتكرة في العلاج النّفسي، بعد أن طلب من مجموعة طلاب الكتابة عن أصعب موقف تعرّضوا له في حياتهم لمدة 15 دقيقة يوميّاً، ليكتشف بعد 6 أشهر أنهم أصبحوا يتمتّعون بصحّة أفضل، فبدأ علم النّفس في دراسة العلاقة بين ما يُعرف ب «الكتابة العلاجيّة أو التعبيريّة» وعمل الجهاز المناعيّ عند الإنسان.
جميعنا نمرّ بضغوطات حياتيّة جرّاء المسؤوليّات الملقاة على عاتقنا، ما يدفعنا إلى اللجوء لأشخاص مقرّبين، أو طلب المساعدة الطبيّة والعلاج النّفسيّ. ومع ارتفاع تكاليف جلسات العلاج النّفسي، والمدة الطويلة التي يستغرقها، يبرز العلاج بالكتابة كواحد من أقلّ العلاجات السلوكيّة تكلفة وأكثرها سهولة في التطبيق.
كيف تبدأ؟
إنّ العلاج بالكتابة آمن نسبيّاً لعدم ارتباطه بأيّ آثار جانبيّة سلبيّة، ويمكن ممارسته في أيّ مكان وزمان مناسب للشّخص، إلى جانب أنّه مناسب لجميع الفئات العمريّة بدءاً من الأطفال - فور تعلّمهم الكتابة -وحتّى كبار السّن، كما يمكن تطبيقه دون حاجة إلى طبيب أو معالج، فكلّ ما تحتاجه هو ورقة وقلم ومكان مناسب.
يمكنك أن تكتب أيّ شيء تريده دون تسلسل أو ترتيب معيّن أو اعتبار لدقّة الكلمات، بل بوسعك أيضاً مسح أيّ شيء كتبته فور الانتهاء من كتابته، أو الاحتفاظ به لنفسك وإعادة قراءته متى شئت، أو مشاركته مع أيّ شخص تثق فيه، وكل هذه المزايا الإيجابيّة تعطي الشّخص طمأنينة تساعده على التحسّن الأكيد.
في بداية ثلاثينات القرن العشرين، عانت إحداهن الكثير من التّجارب القاسية، فكانت الورقة والقلم ملاذها الوحيد، مشيرة إلى ذلك بقولها: «ما إن تبوح بأمر لأيّ طبيب حتى يصبح من المستحيل التّراجع عنه، لكنّ الورقة تبقى تحت تصرّفك، بإمكانك تمزيقها أو إعادة قراءتها في أي وقت تشاء».
وتتمثّل فوائد الكتابة العلاجيّة المنتظمة في التّذكير بالأحداث المهمّة، وإيجاد المعنى، ورؤية الجوانب المشرقة في المآسي التي تعصف بنا، والسّماح للمريض بتجسيد أفكاره ورؤية مخاوفه، لتتكشّف الحلول أمام ناظريه.
وقد أثبتت هذه الطّريقة نجاحاً كبيراً في معالجة قدامى المحاربين في فيتنام والسّجناء ممّن يعانون أمراضاً نفسيّة، حيث تحسّنت حالتهم بعد أن طُلب منهم كتابة ما يشعرون به. كما أشارت دراسة حديثة إلى أنّ الكتابة التعبيريّة تمتاز بالقدرة على تحسين أداء الجهاز المناعي، وتخفيف حدّة أعراض بعض الأمراض.
وبصورة عامة، تكمن قوة الورقة والقلم في طريقة العلاج بالكتابة في ذهن من يكتب، وقدرته على سرد أسباب معاناته، ليكتشف طرق التعامل معها والشعور بالتحسن مع مرور الوقت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"