فوائد القراءة

01:11 صباحا
قراءة دقيقتين

يتحدث معظم الناس عن فوائد القراءة، إذ إنها تكوّن للإنسان حصيلة لغوية كبيرة فتجعل منه متحدثاً بارعاً، وتزيد خبرته في الحياة، وتمكنه من أن يفكر بعمق فتصبح له أفكار جديدة غير التقليدية والسائدة. القراءة رياضة العقل وغذاؤه، طالما كررنا ذلك، لكن الحقيقة أن تأثيرها لا يقتصر على العقل فقط، أو على شخصية الإنسان، بل هناك أمر أكثر أهمية، وهو تأثيرها على الجسد. نعم، صدق أو لا تصدق، فقد أجرت جامعة بنسلفانيا الأمريكية دراسة على 1800شخص نصفهم يقرأ والنصف الآخر لا يقرأ، وتم إجراء فحص طبي لهم، فتبين أن الذين يقرأون كانوا أصحاء تماماً، أما الذين لا يقرأون فكانوا يعانون أمراضاً مختلفة، ومنها الضغط والسكر والقولون وقرحة المعدة، غير اضطرابات النوم والقلق والتوتر.
ذلك لأن القراءة تؤثر في مشاعر الإنسان ونفسيته وأحاسيسه وهكذا تؤثر في هرموناته. على سبيل المثال، السكر يرتفع وينخفض نتيجة لعوامل نفسية، وغيره من الأمراض الجسدية الأخرى. القراءة تعزل الإنسان عن الضغوط لذلك تقلل من التوتر، وتجعل الإنسان ينظر إلى الحياة بطريقة وأفكار مختلفة، تزيد الراحة النفسية، وأخيراً بعد أن ثبت كل هذا علمياً تم اعتماد «العلاج بالقراءة» كعلاج طبي مجدٍ.
كنت أتحدث عن العلاج بالقراءة لإحدى الزميلات وذلك عندما قرأت من هاتفها خبراً عن منظمة الصحة العالمية، والتي اختارت اسم «طاعون العصر» لمرض التوتر، فالتوتر ضمن الأسباب المؤدية إلى 70-80% من الأمراض البدنية. كنت أخبرها كيف أن القراءة تحارب التوتر والضغوط، واجهتني بشدة وردت بأن كل شيء في العالم أصبح بائساً، حتى الكتب! لا أعرف كيف أطلقت هذا الحكم، فالكتب صادرة من حقب زمنية مختلفة، ليست مثل الأخبار التي تهتم بمشاكل هذا العصر وفي لحظة محددة، ومن جنسيات متعددة وأنواعها كثيرة، لذلك فأنا أعتقد أن هذه الزميلة أخطأت باختيارها للكتب، الذي أثّر على نظرتها للقراءة وبذلك هي حرمت نفسها من فائدة عظيمة. مع الأسف أن أمثالها كثيرون، وقد كنت منهم في يوم من الأيام على سبيل المثال عندما قرأت عن رئيس جنوب إفريقيا السياسي المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا، كنت لا أقلب صفحة إلا بعد أن أذرف الكثير من الدموع تأثراً بنضاله وتضحياته، فهو لم يقض على العنصرية فقط بل كافح الإيدز وأنشأ ملاجئ للأطفال المشردين، وتحولت جنوب إفريقيا إلى وجهة سياحية عالمية بعد أن كانت مرتعاً للأمراض والفقر.
غيرت توجهي وقرأت روايات الخيال العلمي وقصص النجاح الملهمة، لأكتشف في ما بعد أن القراءة نموذج مصغر للحياة بتنوعها واتساعها. لا تظلموا القراءة عندما لا تجيدون اختيار الكتب، فكما يُقال: «الشيء الأندر من الكتاب الجيد هو القارئ الجيد».

[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"