لمن نكتب ونرسم ونعزف؟

00:50 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما يتعالى المبدع، أياً كان مجال إبداعه وتميزه، على الناس وجمهوره، فهو يجرد هذا الإبداع من قيمته، بل يكسر روح هذا التوهج. ونرى مثل هذا التعالي لدى بعض الفنانين والأدباء، مع أن صفتي «الفنانين«و«الأدباء»، عامتان، وتندرج تحت كل واحدة منهما العديد من المهن والمواهب، فالفنان قد يكون ممثلاً أو رساماً أو نحاتاً أو موسيقياً وغيرها، وفي الأدب، قد يكون شاعراً أو قاصاً أو روائياً، أو غيرها من الأجناس الأدبية.
أعود للقول إن هناك البعض، وهم قلة، ممن يمارسون الفن، على سبيل المثال الرسم، عندما ينتهي أحدهم من لوحة ما، وتسأل عن موضوعها لأنه مبهم وغير واضح يرد بحدة، بأنه لا يمكن معرفة قراءة معانيها من العامة، وهنا تسأل: لمن ترسم إذن؟ والحال نفسه عندما يؤلف أحدهم نصاً إبداعياً واضحاً في ذهنه وعقله، ويفشل في شدّ انتباه القارئ وتشويقه، وعندما تسأله عن بعض الجوانب فيه، يقول إنه يكتب لذوي العقول ومتذوقي الأدب.
وطبيعة الحال هذه انتقائية، المبدع يتوجه للناس جميعاً، وكلما اتسعت قاعدته كان إبداعه أكثر تميزاً وتوهجاً وانتشاراً. أجمل ما قرأت ويعبر عن هذا الموضوع الروائي الروسي الشهير الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي، والذي كتب: «أنْ نقول: هناك عمل فني جيد، لكن لا يفهمه عامة الناس، كأننا نقول إن هناك أكلاً جيداً جداً، لكن معظم الناس لا يستطيعون أكله». وأعتقد أن هذا التوصيف البليغ من هذا الروائي العالمي في محله تماماً.
 لمن نكتب ونرسم ونعزف؟ الإبداع أياً كان نوعه أو لونه، هو للإنسانية، بمجرد بثّه ونشره يصبح عاماً يتداوله الجميع ويعطون رأيهم فيه وفق وجهات نظرهم، فلا تتحمس لإبداعك وتخشى عليه من النقد والملاحظة. ليس مِلكاً لك، ولا تطلب رضا الناس. لذا لا تبرر أن إبداعك لفئة دون أخرى، ولا تحدد إطاراً للناس، خلاله تقول من يتأثر ومن لا يتأثر، هذا يتنافى مع روح الإبداع والتميز. وظيفتك تقديم منجزك وترك الساحة والتفرغ لعمل إبداعي آخر، لا تدافع، ولا توضح، ولا تبرر. توجه إلى عمل إبداعي أكثر تميزاً وتشويقاً.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"