الذكاء الاصطناعي يرسم خارطة الحياة المستقبلية

21:00 مساء
قراءة 3 دقائق

يُعد التطور الرقمي من أهم ركائز المستقبل، خصوصاً مع التطور الهائل والمتسارع الذي يشهده العالم في ظل الثورة الصناعية الرابعة وتزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تمتاز بمعدلات خطأ قليلة جداً مقارنة بمعدلات الإنسان، مع فارق التميز في خفض تكلفة الإنتاج والكفاءة في العمل والسرعة الكبيرة في الإنجاز.
ويمثل الذكاء الاصطناعي أهم مخرجات الثورة الصناعية الرابعة ومرحلة رئيسية في تطور العالم، وذلك بسبب تعدد استخداماته في جميع مجالات الحياة العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والطبية والتعليمية والخدمية، بالإضافة إلى قطاعات الطاقة المتجددة، والمياه والبيئة والفضاء. وباتت استثمارات الذكاء الاصطناعي تحتل مكانة كبيرة في موازنات الدول والحكومات والمؤسسات الكبيرة. ومن المتوقع أن تضيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى الاقتصاد العالمي نحو 13 تريليون دولار بحلول عام 2030، بإضافة قدرها 1.2% لنمو الاقتصاد العالمي سنوياً، و320 مليار دولار في اقتصاد منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2030، بنمو سنوي يقدر بنحو 20 إلى 34% في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط تتقدمهم الإمارات وتليها الملكة العربية السعودية.
وتمتاز الأساليب القائمة على الذكاء الاصطناعي بأنها تقوم بمعالجة جميع التحديات التي تواجه الإنسان. ففي قطاع الزراعة، تعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على رصد المحاصيل وتقييمها، وتصوير الأراضي الزراعية ورسم الخرائط، ورش المحاصيل بالمبيدات بشكل سريع وآمن، وإرسال البيانات بشكل فوري إلى برمجيات تقوم بتحليلها وتوجيه المزارعين إلى تنفيذ الإجراءات بشكل أفضل.
ويمكن للذكاء الاصطناعي في مجال عمل المؤسسات تقديم توصيات تهدف إلى تحسين اندماج الموظفين وتحديد الشخص الأمثل لتولّي دور معين، أو تنفيذ المهام المتكررة مثل إعداد الفواتير والتسوية، أو اقتراح أفضل الإجراءات المطلوبة في أقسام المبيعات والتسويق لتحسين الحملات التسويقية وتحديد الفئات المستهدفة. كما يمكن أن تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة سلاسل الإمداد والتنبؤ بالطلب من خلال تحليل المدخلات، مثل معدل النمو السكاني وأنماط الطلب السابقة للسلع الغذائية. كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة المخزون والتسليم وتخصيص التصاميم والإنتاج وتوقعات طلب المستهلكين والتنبؤ بطلباتهم بشكل استباقي.
ويتميز قطاع الرعاية الصحية، بأعلى حالات الاستخدام لتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تدعم عمليات التشخيص في مجالات مثل، الكشف المبكر عن الأوبئة المحتملة ورصد حالات المرض، والتصوير المقطعي وغيرها. وخلال جائحة كوفيد-19، تم توظيف الذكاء الاصطناعي في العديد من دول العالم لمكافحة الجائحة والتصدي لها. فعلى سبيل المثال، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لإبلاغ السلطات الصحية عن زيادة عدد الأشخاص الموجودين في الأماكن العامة، ورصد تدفق الأشخاص والمركبات على طول الطرق من خلال الرادارات. كما استخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي لتوفير بيئة أكثر أماناً للأطباء والممرضين عند علاج المرضى. إلى جانب ذلك، أثبتت تجربة وباء كوفيد-19 أن الروبوتات يمكن أن تقوم بالمهام الضرورية لمواجهة الأزمات في الحالات التي تعتبر غير آمنة للبشر، مثل انتشار روبوتات التنظيف الآلية التي قامت بتأدية العديد من المهام مثل تعقيم الأماكن العامة والمباني باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، مساعِدةً بذلك في الحفاظ على السلامة العامة.
وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيغزو العديد من القطاعات الأخرى في مقدمتها قطاع التجزئة الذي سيضيف له نحو 800 مليار دولار، وقطاع السفر الذي سيضاف له 480 مليار دولار، بالإضافة إلى قطاع البنوك الذي سيستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي بنحو 345 مليار.
ويبالغ الكثيرون في مخاوفهم من تبعات الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأنها ستجلب معها احتمالية أن تحل الآلات محل العمل البشري، وبالتالي فقدان كثير من الناس لوظائفهم وزيادة البطالة. فلا شك أن بعض الوظائف ستتأثر، ولكن سيحل مكانها وظائف أخرى جديدة لم تكن من قبل. وتشير الدراسات إلى أن بيئة العمل في عام 2035 ستكون تحت سيطرة البشر، ولن تحل الروبوتات والآلات العاملة بالذكاء الاصطناعي محلهم على الصورة التي توقعتها الدراسات السابقة، بل سيغير الذكاء الاصطناعي طبيعة الوظائف ويرفع الإنتاجية والكفاءة من دون أن يحل مكان البشر.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي واقعاً ملموساً وجزءاً مهماً في العديد من نواحي الحياة، وإذا ما تم توظيفه بالشكل الصحيح سيكون مفيداً وسيساعد بشكل إيجابي في تشكيل معارف ومهارات أجيال المستقبل. وهناك العديد من قصص النجاح التي تثبت قيمة الذكاء الاصطناعي، فالمؤسسات التي تضيف التعلم الآلي والتفاعل الإدراكي إلى عمليات الأعمال التقليدية يمكنها أن تحسن بشدة من تجربة المستخدمين وتعزز من الكفاءة والإنتاجية، بالإضافة إلى قدرات الأعمال والارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
* مدير عام «مجموعة أورينت بلانيت»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

* مدير عام «مجموعة أورينت بلانيت»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"