هل صعب سنّ هذا القانون؟

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

بين يدي كلمات بليغة للفيلسوف وعالم المنطق والمؤرخ والناقد الاجتماعي البريطاني برتراند أرثر ويليام راسل، الذي عاش أكثر من مئة عام ورحل في عام 1970م، وبعد العمر المديد الذي قضاه في التأليف والفلسفة والعلوم، تصبح آراؤه وكلماته محل تقدير واحتفاء. في تلك الكلمة تحديداً قال: «حين تكون الحرية ضارة يجب أن نلجأ إلى القانون». ومع أن هذا الفيلسوف توفي قبل انطلاق شبكة الإنترنت بخمسين عاماً، وقبل انطلاق مواقع التواصل الاجتماعي، فكلماته تصلح للتعامل معها، لأننا نلاحظ أن هذه الثورة المعلوماتية التي نعيشها قد قفزت وتجاوزت القوانين الحالية أو القوانين التي تعارف الكل عليها، وبتنا في حاجة ماسة وملحة لسن قوانين جديدة تتناسب مع هذا العالم المعلوماتي والفضاء السحيق الافتراضي الذي خلاله تواصل العالم بعضه مع بعض. نحتاج لقوانين تنمي العلاقات البشرية وتقويها، وتبني جسراً من التعاون والتفاهم والثقة، أما أن نترك الفضاء المعلوماتي، كما هو، فإننا قد نشهد ضياعاً للكثير من الحقوق الفكرية والأدبية، وسنعيش حقبة لا تصبح للمبتكرات والأفكار الخلاقة أي قيمة أمام ضياعها وتقاذفها وسرقتها، فضلاً عن هذا سنشهد تنامياً في الهجوم على الأبرياء والتلفظ والتنمر عليهم وإقصائهم وتخويفهم لمجرد أنهم يختلفون في الرأي مع ثلة تسيطر أو  تجيد العزف على أوتار مواقع التواصل الاجتماعي.
 والحال نفسها تنطبق مع مواضيع مثل نشر الأكاذيب وبث الشائعات لأغراض سياسية أو غير أخلاقية، وهو ما يعني الحط من قدر الأفراد والمجتمعات على حد سواء. نحن بحاجة لقوانين عامة وخاصة، قوانين محلية ودولية، قوانين تبدأ بتنظيم وضع الشركات التي تقدم خدمات التواصل الاجتماعي، والتي تضخمت حتى باتت تتحكم في الرأي العام للناس وتقصي من تريد وتدعم من تريد.
 يجب أن يكون هذا الفضاء عادلاً ومتوازناً وموضع ثقة الجميع. كما هو ماثل وملاحظ تنتشر عمليات نصب واحتيال، وتفقد حقوق مالية وأدبية للكثير من الناس، وتضيع أفكار خلاقة ومبدعة، ولا يصل المذنبون والمعتدون للعدالة، فلا محاسبة ولا قوانين رادعة، فهل هذه حرية؟
كل يوم نرى شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف ثوابت وقيماً وقادة مخلصين وأكاذيب تستهدف أفراداً عرف عنهم الوفاء والتسامح، ولا تحرك هذه الشركات الكبرى ساكناً. ليس المطلوب تكميم الأفواه، لكن المطلوب أن يعرف الجميع أنهم إن كذبوا أو شاركوا في بث الشائعات، أو شجعوا الإرهاب، سينالون العقاب وفق القانون، فهل صعب سنّ هذا القانون؟!

[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"