عادي
روايتها وصلت إلى القائمة القصيرة لـ «البوكر»

أميرة غنيم: الكتابة التاريخية معادلة دقيقة

22:38 مساء
قراءة 4 دقائق
أميرة غنيم

حوار: نجاة الفارس

أكدت الروائية التونسية أميرة غنيم، أن الإمارات استطاعت منذ فترة طويلة، أن تنفرد بمكانة مرموقة في المشهد الثقافي العربي، موضحة أن روايتها «نازلة دار الأكابر» التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) تسرد قصة حب متخيلة بين المصلح التنويري الطاهر الحداد وفتاة تدعى زبيدة بنت علي الرصاع، ولفتت إلى أن مزج التاريخي بالمتخيل معادلة دقيقة واجهتها خلال بناء الحبكة الروائية.

وأضافت في حوار مع «الخليج»، أن القراءة شكلت شخصيتها كروائية وباحثة، وأن الوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر هو فوز مرموق؛ لأنه دليل على تميز المنتج الروائي.

* كم استغرقت كتابة الرواية؟ وكيف انبثقت فكرتها؟

استغرقت كتابة الرواية شهوراً ما عدتُ أحصيها ما بين الصيغة الأولية للمخطوط والتعديلات عليه بالحذف والإضافة، فالمراجعات والتصحيحات التي تنجز مع الناشر وصولاً إلى اختيار صورة الغلاف وما إلى ذلك من تفاصيل تستغرق وقتاً طويلاً.

أما فكرتُها فقد انبثقت من مجموعة أبيات في ديوان الطاهر الحداد كنتُ اطلعت عليها صدفة وأنا أكتب مقالاً عن فكر الحداد لصحيفة عربية، لفتت انتباهي تلك الأبيات لخروجها عن الأغراض التقليدية المسيطرة على ديوان المصلح الاجتماعي الذي تمحور مجمل نظمه حول قيم الوطنية والتحرر والتربية الاجتماعية، فقد كان المتكلم فيها يشكو لواعج نفسه وحرقة قلبه جراء رحيل مَن يخاطبهم. من هذه الأبيات تسللت إلى رأسي زبيدة بطلة «نازلة دار الأكابر»، فقد تخيلتُها موضوع الشوق واللهفة والمخاطبة بتلك الأبيات، ومن هذا نشأت فكرة الرواية، بما هي في المنطلق البسيط قصة حب متخيلة بين الطاهر الحداد وزبيدة بنت علي الرصاع.

تحديات

* ما أهم التحديات التي واجهتِها أثناء كتابة الرواية؟

مزج المتخيل بالتاريخي هو أصعب ما واجهني من تحديات في بناء الحبكة الروائية، فقد كنت أمام معادلة دقيقة إذا فسدت خاب المسعى وضاعت فتنة الحكاية. والمقبل على مشروع كهذا، مثل الذي يمشي على الحبال المعلقة يسهل أن تزل به القدم فيندق عنق الرواية بحادثٍ مؤسف، وقد كنتُ واعية لهذه الصعوبة وأنا أستعيد العالم الروائي لفترة الثلاثينات في تونس بشخصياتها المرجعية، بتناقضاتها وصراعاتها وبيئتها المميزة، وكان التداخل بين التاريخي والخيالي مربكاً فعلاً للسارد، لا سيما وهو يجتهد كي لا تظهر آثار هذا التداخل لعين القارئ فتُقام في ذهنه الفواصل والحدود، بما قد يُفسد متعته في الاستسلام لغواية السرد.

* كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي في الإمارات؟

منذ فترة طويلة استطاعت الإمارات أن تنفرد بمكانة مرموقة في المشهد الثقافي العربي، لا بسبب معارض الكتب العديدة وإشعاعاتها الدولية، وإنما أيضاً بسبب تسابق إماراتها في ما بينها تسابقاً محموداً لاحتضان جوائز أدبية وعلمية مرموقة، مفتوحة لأدباء الساحة العربية وباحثيها بلا تقييد جغرافي ولا وصاية على اللجان.

* ما هي الأمور التي أسهمت في تشكيل شخصيتكِ كروائية وكاتبة؟

القراءة أساسا. تنضاف إليها مكتسبات المدرسة التونسية بصرامتها الأكاديمية وجودة تعليمها لا سيما في الفترة التي كنت جالسة فيها على مقاعد الدرس، وعدد من الأصدقاء أيضاً كان لهم دور في توجيهي إلى هذه الوجهة دون أن يفطنوا إلى ذلك.

* ماذا يعني وصول روايتك إلى القائمة القصيرة لجائزة «البوكر؟»

جائزة «البوكر» تشريف عظيم واعتراف أدبي مرموق، يحقق لصاحبه من دون شك، نقلة نوعية في مسيرته الأدبية. فثمة فترة ما قبل «البوكر» لا سيما للكاتب المغمور، وفترة ما بعد «البوكر» التي تنفتح فيها على مصراعيها فرص ثمينة لبلوغ أكبر عدد ممكن من القراء في العالم العربي وخارجه عن طريق الترجمة. أما الوصول إلى القائمة القصيرة فهو أيضاً فوز مرموق؛ لأنه دليل على تميز المنتج الروائي تميزاً مكّنه من الذهاب بعيداً في السباق، وهو أيضاً فرصة نادرة للتعريف بالرواية خارج الإطار المحلي، ولفت نظر النقاد إليها، بما يمنحها أجنحة نحو جمهور أوسع.

* إلى أي مدى أنصف النقاد أعمالك؟

لقيت «نازلة دار الأكابر» حفاوة نقدية كبيرة، وكتب عنها بعض النقاد والروائيين في العالم العربي، ومجرد قراءتهم لها (في رأيي) إنصاف كبير، فالقراءة لا تسمح فقط بالوقوف على ثراء النص، وإنما تسهم في إغنائه. وقد غنمت الرواية منذ صدورها قراءات متنوعة لا بالعربية فحسب، وإنما بالفرنسية والإنجليزية والإيطالية أيضاً، ينضاف إليها ما جادت به عليها قرائح القراء من مراجعات قيمة على صفحات التواصل الاجتماعي أسهمت في التعريف بها وساعدت على انتشارها.

تأثير

* من هم الكتاب الذين أثّروا في مسيرتك؟

لم يؤثر في مسيرتي كتاب، وإنما أثرت فيها من دون شك نصوص عربية وغير عربية، ولكنني لا أعرف صدقاً، وعلى وجه الدقة، نوعية هذا التأثير ولا مجاله. ففي الكتابة جانب غير واعٍ قائم على استرجاع ما نسيناه وإخراجه مُخرجاً جديداً لا يشبه، بأية حال، صورته الأولى. وفي العموم أذكر أنني كنت مغرمة في صباي غراماً كبيراً بغادة السمان، ونجيب محفوظ، ومحمود المسعدي، وأمين معلوف، وكنت من عشاق شعر السياب ومحمود درويش وبودلير. أما اليوم فأحب كتّاباً وكاتبات من المعاصرين والمعاصرات أخشى أن أذكر بعضهم فأُغفل البعض الآخر.

* ماذا عن مشروعكم القادم؟

أنكب الآن على رواية جديدة، كتبت نصفها تقريباً، وهي رواية مختلفة في عوالمها عن روايتي الأولى (الملف الأصفر) وروايتي الثانية (نازلة دار الأكابر)، لكنها تستأنف القول في قضايا تشغلني، وأعني تسليط ضوء جديد بأدوات الخيال السردي على أحداث وطنية وشخصيات رمزية لها مكانة في المخيال الجمعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"