عادي

الشركات الصينية.. ليل حالك وطويل

02:21 صباحا
قراءة 5 دقائق

إعداد: أحمد البشير

تبدو الأمور صعبة بالنسبة لشركات التكنولوجيا الصينية في الوقت الراهن، لا سيما الشركات التي تفكر في الإدراج خارج البلاد. وقد تؤدي المشاكل الناجمة عن التوترات سواء داخل حدود الصين أو مع أكبر منافس لها، الولايات المتحدة، إلى توقف الاستثمار الخارجي في سوق التكنولوجيا الصينية.

وقال محللون في تقرير حديث صادر عن بنك «جولدمان ساكس»: إن حملة بكين غير المسبوقة على قطاع التكنولوجيا محت تريليون دولار من قيمة أسهم التكنولوجيا الصينية المدرجة في الخارج، وهي واحدة من أسوأ عمليات البيع في التاريخ.

ومنذ انهيار سعر سهم شركة «ديدي» لخدمات التوصيل بعد طرحها العام الأولي في نيويورك، نتيجة للتدقيق المكثف في سجلات الشركة من قبل المنظمين الصينيين والمشرعين الأمريكيين، قيل: إن موجة من الشركات الصينية الأخرى تراجعت عن خطط لطرح أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة.

وقامت شركات «بايت دانس»، المالكة لمنصة «تيك توك»، ومنصة التجارة الإلكترونية «زايوهونجتشو»، وتطبيق اللياقة البدنية «كيب»، وشركة البيانات الطبية «ليكدوك تكنولويجي» بإيقاف أو إلغاء خطط لإدراجها في بورصة نيويورك، وفقاً لتقارير صادرة عن منصات الأخبار «بلومبيرج» و«وول ستريت جورنال» و«فاينانشال تايمز».

وفي الآونة الأخيرة، أفادت وكالة «بلومبيرج» أن تطبيق التوصيل «لالا موف» ينظر في تحويل خطط اكتتابه العام بمليار دولار من الولايات المتحدة إلى هونج كونج، حيث يقوم المنظمون الصينيون بتضييق الخناق على الاكتتابات العامة الصينية في الخارج.

كبح جماح الشركات

ووفقاً لدوج جوثري، الأستاذ ومدير مركز المبادرات الصينية بكلية «ثندربيرد» للإدارة العالمية التابعة لولاية أريزونا في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»: قد تكون هذه النهاية، مؤقتاً على الأقل، لإدراج الشركات الصينية في الولايات المتحدة، مضيفاً: ترسل الحكومة الصينية إشارة واضحة جداً لشركات التكنولوجيا الصينية وإلى بقية العالم، مفادها أن المؤسسات الصينية يجب أن تعمل بشكل وثيق مع الحكومة الصينية، إذ سيتم كبح جماح الشركات التي نمت بصورة كبيرة جداً وأصبحت عالمية بسرعة، لضمان أنها تعمل في مصلحة أولويات الحكومة الصينية.

زيادة رأس المال الأجنبي

ولطالما كانت عمليات الإدراج في الولايات المتحدة مهمة للشركات الصينية من أجل زيادة رأس المال الأجنبي. وعلى الرغم من التوترات بين البلدين، جمعت الشركات الصينية نحو 13.6 مليار دولار من الإدراجات في الأسواق الأمريكية في العالم، وهو أفضل مبلغ إجمالي تجمعه الشركات منذ عام 2014، عندما طرحت شركة «علي بابا» أسهمها للاكتتاب العام في بورصة نيويورك بقيمة 25 مليار دولار، أي منذ 7 سنوات وفقاً لمنصة «ديلوجيك».

ولا تزال هناك طرق للشركات الصينية للاستفادة من الاستثمار الخارجي حتى لو لم تعد الولايات المتحدة خياراً؛ حيث يمكنها على سبيل المثال طرح أسهمها في بورصة هونج كونج، التي تمتلك مجموعة متنوعة من المستثمرين الدوليين ونظام تنظيمي يفي بالمعايير الدولية ويسمح بالتدفق الحر لرأس المال والمعلومات.

لكن لا يزال لسوق الولايات المتحدة دوره الذي لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه أكبر من أي سوق مالي آخر في العالم، وهذا يعني أن إدراج شركة أسهمها في أمريكا سيساعدها في الحصول على تقييم أعلى وبيع المزيد من الأسهم.

تريليون دولار

ويمتلك المستثمرون الأمريكيون الآن نحو تريليون دولار من الأسهم الصينية. وهذا يشمل ما قيمته 590 مليار دولار من أسهم الشركات الصينية المدرجة في هونج كونج، و330 مليار دولار في الولايات المتحدة، و135 مليار دولار في الصين، وفقاً لتقدير حديث لبنك جولدمان ساكس.

كما قدر «جولدمان ساكس» أن الاقتصاد الرقمي للصين يمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأن قطاع التكنولوجيا يمثل نحو 40% من مؤشر «أم أس سي آي» لأسهم الشركات الصينية، والذي يتتبعه على نطاق واسع مستثمرو الأسهم العالمية ويعدونه معياراً رئيسياً.

الطروحات الأولية بـ «وول ستريت» في مأزق

أعلنت هيئة تنظيم الأوراق المالية الأمريكية، أنها لن تسمح للشركات الصينية بجمع الأموال في الولايات المتحدة ما لم تشرح بشكل كامل هياكلها القانونية وتكشف عن مخاطر تدخل بكين في أعمالها، وفقاً لرويترز.

يؤكد هذا التطور على مخاوف السياسيين في الولايات المتحدة من أن الشركات الصينية تنتهك بشكل منهجي القواعد الأمريكية التي تطلب من الشركات العامة أن تكشف للمستثمرين عن مجموعة من المخاطر المحتملة على أدائها المالي.

وصلت إدراجات الشركات الصينية في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي بلغ 12.8 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات شركة الأبحاث السوقية رفينيتيف، حيث اندفعت الشركات للاستفادة من سوق الأسهم الأمريكية وحققت مستويات قياسية يومية.

وتباطأت تدفقات الصفقات بشكل كبير هذا الشهر بعد أن منع المنظمون الصينيون عملاق مشاركة النقل التشاركي والملقب بأوبر الصين «ديدي جلوبال» من تسجيل مستخدمين جدد بعد أيام فقط من الاكتتاب العام في الولايات المتحدة. وتبعت ذلك إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا والتعليم الخاص.

في مقابلة مع رويترز في وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت مفوضة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، أليسون لي، إن الشركات الصينية المدرجة في بورصات الأوراق المالية الأمريكية يجب أن تكشف للمستثمرين عن مخاطر تدخل الحكومة الصينية في أعمالهم كجزء من التزامات الإبلاغ المنتظمة. وتمثل خطوة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أحدث ضربة من قبل المنظمين الأمريكيين ضد الشركات الصينية، والتي أحبطت وول ستريت لسنوات بسبب إحجامها عن الخضوع لمعايير التدقيق الأمريكية وتحسين حوكمة الشركات.

وتعرضت الهيئة لضغوط شديدة من المشرعين الأمريكيين لاتخاذ موقف أكثر صرامة. كتبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، بما في ذلك الجمهوريان جون كينيدي وبيل هاغرتي، إلى رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري جينسلر هذا الأسبوع تحثه على «إجراء تحقيقات شاملة بشأن الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بانعدام الشفافية».

ويبلغ عدد الشركات الصينية المدرجة في البورصات الأمريكية 418 شركة، وفقاً لرفينيتيف.

وفقد مؤشر (S&P/BNY Mellon China Select ADR)، الذي يتتبع الشركات الصينية الكبرى المدرجة في الولايات المتحدة، 22% من قيمته منذ بداية العام حتى تاريخه، مقارنة بارتفاع 18% في مؤشر ستاندرد آند بورز.

ولا يوجد طرح عام أولي كبير في الولايات المتحدة لشركة صينية منذ طرح شركة ديدي، حيث يحاول مجتمع الأعمال في الصين استيعاب نوايا المنظمين.

وألغت بعض الشركات الصينية الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة هذا الشهر بشكل استباقي. حيث سحبت شركة البيانات (LinkDoc Technologies) عرضها لجمع 211 مليون دولار بعد وقت قصير من ظهور مشاكل ديدي، بينما أعلنت شركة النقل التشاركي بالدراجات الهوائية «هيللو» أن خطط الإدراج في الولايات المتحدة معلقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"