طريقك إلى الصلابة المهنية

22:19 مساء
قراءة 3 دقائق

د. راسل قاسم

دائماً ما كانت الشخصية القوية شخصية جاذبة ومؤثرة في الصعيدين الشخصي والمهني، وقد ظهر ذلك لدينا على شكل رغبة في امتلاك شخصية صلبة ناجحة.

تم تداول مفهوم الشخصية الصلبة لأول مرة في العام 1979 وقد اسُتخدم هذا المفهوم وقتها ليدل على الشخص القادر على التعامل مع الأحداث السلبية، أو التصدي للإجهاد المهني.

هناك العديد من الصفات التي يتسم بها صاحب الشخصية المهنية الصلبة، وربما من المفيد أن نجملها في ثلاث همسات متتالية، لربما ترنّ في أذن من أراد إلى الصلابة سبيلاً.

الالتزام: وهو مرافق دائماً للانخراط الكامل في العمل ومتطلباته، يستطيع قلة من المهنيين الانغماس في أعمالهم إرادياً خلال أوقات محددة، والشعور بحالة من التوافق مع ما يقومون به، بحيث تزداد إنتاجيتهم بشكل كبير دون الشعور بالإجهاد أو الإنهاك، أو أنهم قد بذلوا جهداً كبيراً غير اعتيادي.

يتميز المهني الملتزم بقدرته على الشعور بأهمية عمله، والقيمة التي يقوم بتقديمها، وهذا ما يحفّزه على بذل المزيد والاستمرار في تقديم أداء متميز، فنراه يصحو كل يوم مفعماً بالنشاط لاستكمال عمل أوقفه يوم أمس، أو بدء عمل جديد. نلاحظ أيضاً أن هذا المهني يمتلك دائماً إجابة واضحة إذا ما سألناه عن العمل الذي يقوم به، والأسباب التي تدفعه للقيام بهذا العمل، فوضوح الرؤية بالنسبة إليه جزء من التزامه وتفانيه.

التحكّم: وتظهر هذه السمة عندما نرى أحدهم ميّالاً إلى الاعتقاد بقدرته على التأثير في مجرى الأمور، وتصرفه اعتماداً على ذلك. يبتعد المهني المتحكم عن التسلط في عمله، فلا نراه مستغلاً لجهود الآخرين، أو مستقوياً بسلطته أو منصبه على مرؤوسيه، وإنما نراه يطوّع ذلك بشكل إيجابي فيندفع وراء طموحه وأهدافه، فيعمل بها وصولاً وتحقيقاً.

كذلك يتميز المتحكم برفضه الإبطاء والتريث كأحد الحلول للمواقف التي تواجهه في عمله، وهو يعتبر أن طريق النجاح المهني لا توجد عليه محطات للاستراحة. يؤمن المهني المتحكم بالعمل الجماعي، ويقدّر إمكانات الآخرين ومهاراتهم، لذلك نراه يسعى إلى التشبيك ويؤمن بقدرة الآخرين على إحداث الأثر الإيجابي كلٌ في مكانه.

التحدي: لا يعلق المهني الصلب في عجلة الروتين، كما أنه لا يؤمن بالسكون وبقاء الأمور على ما هي عليه. عوضاً عن ذلك، يسعى دوماً نحو التغيير والتطوير، ويعتبر هذا من بداهات الحياة المهنية، فالتطوّر والتغيير بالنسبة له متلازمان، يغذيهما من وقود التحدي والجرأة على الوضع الحالي.

يتميز المتحدي بقدرته على اتخاذ القرارات الشجاعة، والتي تنطوي على بعض المخاطر، فيمكنه مثلاً بسهولة اتخاذ قرار التخلي عن دخله الثابت إذا ما شعر بتحول بيئة العمل إلى مناخ محبط أو سلبي. كما أنه لا يقع في حب خططه ومشاريعه، فلا يسوؤه أن تتعثر إحدى الخطط أو يفشل أحد المشاريع، فلديه من المرونة والقدرة على التحدي ما يمكنّه من تعديل خططه وإطلاق مبادرات جديدة. ومن الأمور التي تستفز المهني في هذا المقام وجود وقت فراغ لا يعرف كيف يملؤه، فنراه حريصاً أشد الحرص على استغلال وقته بالشكل الأمثل.

كما نرى، فإن الصلابة المهنية ليست هي القسوة ولا هي التعنت ولا العناد، وإنما هي الالتزام بالإنجاز، والتحكم في النفس المهنية، وتحدي الوضع القائم سعياً نحو الأفضل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"