أعراض توعك تصيب أسواق الذهب الآسيوية

22:44 مساء
قراءة 3 دقائق

كلايد راسل *

عانى الذهب شيئاً يشبه الانهيار السريع في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الاثنين الماضي، وبلغت التقلبات حداً كبيراً نتيجة ضعف التداول بتأثير من أيام العطل، الأمر الذي يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المعدن النفيس وخصوصاً في ظل الركود الحاصل.

فقد انخفض السعر الفوري للذهب بنسبة 4.4% خلال فترة قصيرة مع بدء التداولات الآسيوية من مستوى الإغلاق عند 1762.69 دولاراً للأوقية في 6 أغسطس/ آب الجاري، إلى أدنى مستوى له عند 1684.37 دولار.

وتفاقمت عمليات البيع المكثفة بسبب انخفاض السيولة في اليابان وسنغافورة، وهما من المراكز التجارية الرئيسية في المنطقة. ومن المحتمل أيضاً أن تكون خوارزمية التداول قد أدت إلى ذلك، حيث تم اختراق مستويات الأسعار المحددة مسبقاً.

وتعافى الذهب إلى حد ما على مدار اليوم، وأغلق عند 1729.46 دولار للأوقية يوم الاثنين، بانخفاض 1.9% عن الإغلاق السابق.

ومع ذلك، اقترب المعدن من مطابقة أدنى مستوى له حتى الآن لعام 2021 خلال التعاملات الأخيرة، وانخفض سعره بنسبة 17% تقريباً من أعلى مستوى قياسي بلغه عند 2072.50 دولار للأوقية في نفس الفترة من العام الماضي، في وقت كان فيه الاقتصاد العالمي يرزح تحت ركود تاريخي، ويكافح لاحتواء جائحة فيروسية واقتصادية هائلة.

بالإضافة إلى انخفاض السيولة والديناميكيات الحاصلة، هناك سبب أساسي أيضاً وراء فقدان الذهب قوته، وهو زيادة توقعات السوق بتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة. فعادة ما تخلق أسعار الفائدة المرتفعة والدولار الأمريكي الأقوى المصاحب لها رياحاً معاكسة للذهب، نظراً لوضعه كاستثمار لا يحمل «فائدة».

وتتمثل إحدى طرق قياس اهتمام المستثمرين بهذا المعدن في إلقاء نظرة على ممتلكات أكبر صندوق يتم تداوله في بورصة الذهب، وهو «إس بي دي آر جولد ترست»، والتي انخفضت إلى 32.64 مليون أوقية في 6 أغسطس/آب الجاري، من أعلى مستوياتها في 9 سبتمبر/أيلول 2020 عند 45.12 مليون أوقية.

ومع تضاؤل شهية المستثمرين للذهب، يحتاج المعدن الأصفر إلى محركات أخرى داعمة لتوفير طوق نجاة نسبي للسعر الحالي.

ومن أهم هذه المحركات «الطلب المادي»، ولا سيما من كبار المستهلكين في الصين والهند، بالإضافة إلى مشتريات البنوك المركزية. وبهذا الشأن كانت الأخبار متباينة إلى حد ما، بالرغم من الانتعاش القوي الذي حققه الطلب الصيني في الأشهر الأخيرة. حيث قفز طلب الصين على المجوهرات الذهبية بنسبة 62% إلى 146.9 طن في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، وذلك بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

وتعكس هذه القفزة الكبيرة «الضعف» الذي تسبب فيه الوباء للربع الثاني من العام الماضي، وعمليات الإغلاق المرتبطة ذات الصلة، ولكن مقارنة بنفس الفترة من العام الذي قبله أي 2019، كان الطلب على المجوهرات في الصين أقوى بنسبة 8%. ومع ذلك، لا تزال هناك علامات تحذيرية موجودة بشأن الطلب الصيني، فرغم ارتفاعه عن العام الماضي، انخفض الرقم خلال الفصل الثاني فعلياً بنسبة 23% مقارنة ب 191.1 طن مسجلة في الربع الأول لعام 2021، ما يشير إلى أن الطلب على المجوهرات لا يزال هشاً إلى حد ما عند أكبر مستهلك للذهب في العالم.

وتأثر الطلب الهندي أيضاً على الذهب بانتشار فيروس كورونا، وبينما ارتفع الطلب على المجوهرات في الربع الثاني بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ظل ضعيفاً قياساً إلى المعايير التاريخية عند 55.1 طن فقط.

وبلغ الطلب على المجوهرات في الهند للنصف الأول من هذا العام 157.6 طن، أي أقل بنسبة 39% من متوسط النصف الأول بين أعوام 2015 و2019، وأيضاً وفقاً لبيانات المجلس.

ومن المرجح أيضاً أن يستمر تأثير تفشي فيروس كورونا في كل من الصين والهند على مستويات الطلب في الربع الحالي (الثالث)، ما يعني أن السعر الفوري قد لا يلقى الدعم المنتظر من المشترين الفعليين الرئيسيين.

وكانت مشتريات البنوك المركزية بمثابة نقطة مشرقة في هذه الصفحة، حيث ارتفعت إلى 199.9 طناً في الربع الثاني، وهو الرقم الأعلى منذ الربع الثاني لعام 2019، واعتبرت تايلاند والمجر والبرازيل أكبر المشترين.

وفي حين أن هذا أمر إيجابي للطلب على الذهب، إلا أن مشتريات البنوك المركزية وحدها لن تقدم الدعم الكافي والمنتظر في ظل غياب شهية المستثمرين والمستهلكين.

يبدو أن الذهب يواجه في الوقت الحالي عاصفة مزدوجة جرّاء احتمال ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وتهديدات الطلب المادي التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا المستمرة في جميع أنحاء آسيا.

* «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في رويترز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"