عادي

تعرف إلى أشهر أمير صغير في الأدب

17:25 مساء
قراءة دقيقتين

في السادسة من عمره رسم أنطوان دو سانت أكزوبيري ثعبان «بوا» وهو يلتهم فيلا، جاء الرسم كما يورده في كتابه «الأمير الصغير»، لمن يشاهده من الخارج على شكل قبعة، أما لمن يحاول أن يغمض عينيه ويتخيل صورة أخرى فربما يرى هضبة أو معدة منفوخة، أو ثعباناً يلتهم فيلاً، ولكننا بالتأكيد ولعوامل كثيرة تتعلق بالنضج، بالعقل، بالحواس، بالرغبة في الهروب من أحكام جمعية قد تطاردنا وتتهمنا بالجنون لا نفعل ذلك، فعندما ندرك القبعة على شكل ثعبان ندخل في حالة مستعادة من التخيل المنفلت من عقاله تذكرنا بطفولتنا جميعاً عندما كنا ننظر إلى القمر فنراه يغمز لنا أو يضحك أو يعبس، كان كل طفل فينا يشاهد وجهاً مختلفاً للقمر، وعندما كبرنا توحدت الرؤية، اتسعت العبارة وتمدد المنطق، وتعطل الخيال، وأصبح القمر ذلك التابع الأرضي السخيف الذي ندركه في بعد واحد، حالة شبيهة بهذه تعرض لها أكزوبيري الذي لا يزال قلب الطفل ينبض في صدره.
في طفولته كلما كان يعرض هذا الرسم على أشخاص راشدين ويسألهم ما إذا كان الرسم يخيفهم، كانوا يجيبونه:«ولماذا تخيفنا قبعة؟»، انتظر أكزوبيري حتى كبر وأصبح طياراً، وذات يوم تعطلت طائرته في الصحراء، واضطر لكي يقضي فيها عدة أيام، وفي الصحراء التقى مع الأمير الصغير، أجمل طفل وقعت عليه عيناه، وهو الوحيد الذي أعاد إليه قلبه الطفولي، إذ علق على لوحته قائلاً: «لماذا رسمت ثعبان بوا يلتهم فيلاً؟».
لم يكتب أكزوبيري، قصة للأطفال، تلك التي أطلق عليها «الأمير الصغير»، وإن كان هذا أحد أبرز أهدافه بالفعل، لقد كان يكتب نفسه أولاً، يرصد تحولاته، يغوص في داخل وجدانه، يحاكم مسلماته، يسأل روحه باستمرار، ويسألنا أيضاً: ما الذي حدث؟ لم نعد ندرك العالم إلا كما هو، لم نعد نعرف إلا ما نستطيع أن نراه، ونلمسه، ونشمه، ونحس بثقله المباشر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"