مستقبل الإحساس بالواقع

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف ستكون انعكاسات التقدم التكنولوجي على صورة الواقع في الأذهان؟ هل ستتغيّر طريقة التفكير وصور الخيال انطلاقاً من واقع رقميّ، تجريديّ، لم يعد للمادّة فيه بمفهومها المادّي الملموس وجود أو معنى؟
 من الناحية السيكولوجية، تلعب المكتبة دور المكانة الثقافية العلمية. الصورة الرسمية التي تلتقط لأي رئيس فرنسي جديد، تكون دائماً خلفيتها مجلدات فخمة. حتى الذين يتحدثون إلى الفضائيات، يجلسون وخلفهم الكتب. يعني أن كل المؤلفات في خزائن أمخاخهم، فلا يرتابنّ أحد في ما يقولون.
كم عدد الذين يملكون خمسين ألف كتاب في بيوتهم، في العالم كله؟ اليوم، يستطيع أيّ كان امتلاك مئتي ألف كتاب في جيبه، في تيرابايت واحد. أبّهة أن تلتقط لك صورة أمام مكتبتك الموسيقية، مع خمسة آلاف «سي.دي»، بمفهوم أسعار الملكية الفكرية، ثروة، خصوصاً مع الخمسين ألف كتاب المذكورة أعلاه.
اليوم، تضع مئتي ألف عمل موسيقي في جيبك، في تيرابايت. بعد عقد سيغدو هذا الواقع تجاوزه الزمن. الإحساس بالموسيقى سيختلف تماماً. اليوم لدينا «دولبي أتموس»، الصوت 360 درجة. شاشات تلفزيونية ذكية. قطارات ألف كم/ساعة. يقولون إن الجوّال سيختفي، يقولون إن الساعة الذكية ستقوم بالواجب وأكثر، إلاّ إذا قال ناظم الغزالي: «لا أحبّ القيود في معصميك».
الآن، نعود إلى شيء من التفكير النظري الذي يستوجب ممارسات عملية. بعبارة أوضح، هل ستظل مناهج التربية والتعليم سائرة نحو المستقبل على دابّة «تمشي على ثلاثةٍ.. كمشية العرنجلِ»، في حين لا يقنع السباق الفيزيائي بما دون قطار أينشتاين؟ لا أحد يقول إن المادّة ستندثر. لكن، يجب أن تضع أنظمة التعليم في الحسبان أن الكثير من مقاليد الحياة العامّة، في ميادين شتى، في طريقها إلى التحكم اللاّمادّي.
القضية لها بعدان مهمّان. بُعد ذكاء اصطناعي، مستقبله مفتوح على آفاق لا نهائية، فالخلايا العصبية الاصطناعية حقيقة وواقع. أي: نحن أمام نواة مخ، دماغ، لا أحد يعلم كيف سيتطوّر إذا أدرك ذاته يوماً ما واعياً عاقلاً. مأساة، إذا لم تضع المناهج هذا على رأس أهدافها. البعد الآخر فلسفي وعلميّ، وهو أن العلوم العصبيّة تتطوّر بسرعة كبيرة، وهذا سيؤدي إلى تحوّل الاختبارات الراهنة إلى إنجازات حقيقية عملية، في التحكم من الدماغ مباشرة.
كيف ستكون قدرات الدماغ إذا أضيفت إليها الإمكانات اللامحدودة للمعلوماتية في المستوى الكمومي؟ الرسالة وصلت إن شاء الله.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: ستصير التجريديّة هي الواقعية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"