إعداد: معن خليل
شهد «الميركاتو» الأوروبي هذا الصيف العديد من التعاقدات المميزة، لعل أهمها انتقال النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي من برشلونة إلى باريس سان جيرمان، ولكن لم تخرج طريقة تقديمه عن المألوف، بعكس تقديمات أخرى للاعبين خطفت الأضواء قبل سنوات بالنظر إلى الابتكار في مخاطبة الجمهور.
مما لاشك فيه أصبحت طريقة تقديم الأندية للاعبيها الجدد غير تقليدية، فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، كان لزاماً عليها مواكبة هذا التطور، من خلال استعمال عناصر التشويق والإثارة، ونستعرض هنا أبرز التقديمات التي نالت الإعجاب في السنوات الأخيرة:
يأتي نادي أستون فيلا في المقدمة، فهو استعمل تطبيق (واتساب) لإخبار مشجعيه عن صفقة ضم قائد منتخب إنجلترا وتشيلسي السابق جون تيري عام 2017.
وجمعت المحادثة الافتراضية عبر واتساب بين الصيني توني تشيا، مالك النادي، والمدرب وقتها ستيف بروس، قبل أن يدخل تيري على الخط بإبداء سعادته بالانتقال لصفوف الفريق، ليجد ترحيباً شديداً من زميله الجديد جابي أجبونلاهور، وغضب آخرين من زملائه.
تبدأ المحادثة برسالة، يجمع خلالها مالك نادي أستون فيلا الذي كان يلعب وقتها في الدرجة الأولى، نسباً مئوية، ثم يسأله مدرب الفريق ستيف بروس عن أحوال التعاقدات: «هل ثمة أنباء جديدة توني؟»، فيرد الأخير معرفاً باللاعب القادم: «إنه كابتن»، فيقول بروس: «هل تمت الصفقة؟»، ليجيبه الأول: «50% + 50%»، ثم يضيف مالك النادي اسم جون تيري إلى المجموعة، حيث يشكره بروس، ثم يدخل تيري في المحادثة فيقول: «من الرائع أن أكون هنا، فلنعد الفريق إلى البريميرليج»، ثم يبدأ لاعبو الفريق بالترحيب بتيري، وأبرزهم جابريال أجبونلاهور الذي كتب: «سيكون أفضل مدافع في النادي»، ولزيادة مواقف الطرافة، فإن نجوم الدفاع السابقين في الفريق، بول ماكغراث والسويدي أولوف ميلبرج، والدانماركي مارتن لورسين، يخرجون من المجموعة في «واتساب»، في إشارة إلى امتعاضهم من كلمات أجبونلاهور الذي فضل تيري عليهم.
وكان تقديم النجم المصري محمد صلاح المنضم إلى نادي ليفربول عام 2017 قادماً من روما الإيطالي بصفقة قياسية وقتها وصلت إلى 50 مليون يورو مبتكراً أيضاً، وعكست الفكرة قيمة اللاعب ومدى شوق جماهير الفريق لرؤيته بقميص فريقهم الأحمر التقليدي.
وخلال التقديم، نشر موقع ليفربول مقطع فيديو يظهر فيه شخصاً لم يكشف عن وجهه، وهو يقوم بمطالعة هاتفه وقراءة تغريدات لجماهير «الريدز» تطالب فيها ناديها بإعلان التعاقد مع محمد صلاح، وفي النهاية تتجه الكاميرا نحو الشخص لتكشف أنه صلاح نفسه مرتدياً القميص الأحمر.
ولزيادة التشويق طرحت صحيفة أنفيلد التي تصدر في مدينة ليفربول استفتاء جماهيرياً قبل إتمام الصفقة، حول إمكانية التعاقد مع محمد صلاح، وأبدى 79% من المشجعين موافقتهم على ضم «الفرعون المصري»، بعد نجاحه منقطع النظير مع ناديه السابق روما.
كما يظهر محمد صلاح في فيديو آخر، وهو يجول في ملعب «أنفيلد» التاريخي ويشير إلى قميصه الأحمر والرقم 11 في غرفة خلع الملابس، إضافة إلى إشارته لكلمات اللوحة الشهيرة «هذا هو أنفيلد»، التي وضعت من أجل بث الرعب في نفوس الخصوم.
وقدم نادي تشيلسي الإنجليزي لاعبه الألماني أنطونيو رودريجر القادم من نادي روما في 2017 أيضاً، عبر نشر الحساب الرسمي لتشيلسي فيلماً قصيراً حول طفل ووالده في متجر النادي يحاولان شراء قميص «البلوز»، فطلب الطفل الحصول على قميص رودريجر ليجيبه والده بأن الألماني لم يوقع بعد، ويظهر رودريجر بعدها على الكاميرا مرتدياً قميص تشيلسي.
احزروا من؟
وسار نادي أرسنال على نفس النهج السائد، عندما أعلن عن تعاقده مع مهاجمه الفرنسي ألكسندر لاكازيت، حيث نشر مقطع فيديو يظهر لاعباً دون الكشف عن وجهه وهو يرتدي قميص الفريق ويجري التدريبات مع عبارة: «لن تحزروا من هو»، وبعد دقائق نشر النادي شريطاً ثانياً، حيث تصوب الكاميرا على كلمة أرسنال خارج مقر النادي ثم تسير لتصل إلى لاكازيت.
أما إعلان تعاقد «المدفعجية» مع الظهير الأيسر البوسني سياد كولاسيناتش، فقد كان أكثر إثارة ربما لأن أرسنال كسب لاعب شالكه الألماني بعد صراع مع مانشستر سيتي وتشيلسي، فقد نشر النادي اللندني على «تويتر» صورة لأسماء عشرة من لاعبيه بالترتيب، وطلب من المشجعين أن يلعبوا لعبة جمع أول حرف من كل اسم لتكون النتيجة: كولاسيناتش.
وكان اللافت أن التسعة لاعبين الذين طلب أرسنال من مشجعيه جمع أول حرف من كل اسم ليؤلفوا «كولاسيناتش »، كان بعضهم يعد قديماً من أساطير النادي مثل كامبل وأنيلكا وسانيا وأوفرمارس وليونجبرج، وقد أراد «المدفعجية» من وراء ذلك إظهار مدى قيمة الوافد الجديد، الذي لم يستطع لاحقاً معالجة مشاكل أرسنال الدفاعية، بل إن فريقه اللندني عاد وأعاره إلى شالكه الذي يلعب له حالياً منذ ديسمبر عام 2020.
ورغم أن روكي ماسا قدم من ناد متواضع نسبياً في الدوري الإسباني، هو لاس بالماس، فإن نادي سوانزي الويلزي والذي كان يلعب سابقاً في «البريميرليج» قدمه بطريقة لم تختلف عن سابقاتها مع بعض التعديل، حيث يظهر لاعب إسباني آخر في صفوف سوانزي هو أنخل رانغل في شريط فيديو وهو يعطي درساً باللغة الإنجليزية لشخص دون الكشف عن وجهه، حيث كان يردد وراءه الأخير هذه العبارات المترجمة: «مرحباً، من اللطيف مقابلتك، أنا ألعب في سوانزي سيتي. واسمي هو...»، لتتجه الكاميرا في النهاية إلى روكي ماسا الذي يعرف وقتها عن نفسه.
وبعيداً عن إنجلترا، فقد اختار نادي روما الإيطالي أن يقدم لاعبه لورنزو بيلليجريني القادم وقتها من فريق ساسولو على طريقة لعبة «فيفا» في «البلاستيشن»، حيث يظهر شخص وهو يلعب لعبة كرة القدم في ألعاب الفيديو مع فريق روما ويسجل هدفاً حيث يحتفل اللاعب في اللعبة بالإشارة إلى قميصه ليظهر اسم بيلليجريني، ثم تنتقل الكاميرا إلى الشخص الذي يلعب لتكشف أنه بيلليجريني نفسه.
حرب النجوم
والواقع أن الطرق الغريبة في تقديم اللاعبين، التي تحولت من التقليدية في الملعب إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليست جديدة، بل هي قديمة، ولكن لم تصبح ظاهرة، كما الحال الآن.
ومن غرائب تقديم اللاعبين قديماً، ما فعله نادي باتشوكا المكسيكي عام 2015، حين قدم لاعبه الأمريكي عمر جونزالز وذلك في ملابس «دارث فيدر»، إحدى شخصيات فيلم «حرب النجوم».
ووصل المدافع الأمريكي الذي تعاقد معه باتشوكا وقتها قادماً من صفوف لوس أنجلوس جالاكسي الأمريكي، إلى صالة الإعلام في مقر النادي المكسيكي بملابس الشخصية السينمائية «دارث فيدر»، وكان في استقباله رئيس الفريق خيسوس مارتينيز، وإلى جانب جونزالز، تم تقديم الكولومبيين ستيفان ميدينا وأوسكار فابيان موريلو والبرازيلي لوكاس سيلفا، وجميعهم تنكروا في شخصيات من فيلم «حرب النجوم».
وفي عام 2016، كان نادي سانت باولي المتواضع والذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بألمانيا، هو حديث مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصرف إدارته الغريب في الكشف عن صفقة جديدة تم التعاقد معها خلال الانتقالات الصيفية، حيث قررت تعويض غياب مدرب الفريق، الذي يقضي إجازته الصيفية، عن مراسم تقديم اللاعب رسمياً إلى وسائل الإعلام، وتم استخدام قناع يحمل وجه المدرب الغائب.
وظهر في الصورة المثيرة للجدل وقتها، اللاعب الجديد مارفين دوسكتش القادم من الفريق الرديف لبوروسيا دورتموند، وهو يمسك بقميص ناديه الجديد، وبجواره شخص يرتدي قناعاً عليه وجه المدرب إيوالد لينين، وقد كانت فكرة غير مسبوقة ونالت تفاعلاً واسعاً من قبل المشجعين في ألمانيا وخارجها.
ومن التقديمات القريبة التي مازالت في الذاكرة وأثارت جدلاً ما حصل قبل تعاقد نادي مانشستر يونايتد مع الفرنسي بول بوجبا في صيف 2016، حيث أرادت شركة «أديداس» للأدوات الرياضية أن تشارك على طريقتها في تقديم اللاعب الأغلى في العالم والذي كلف «الشياطين الحمر» وقتها حوالي 120 مليون يورو، وذلك عندما نشرت مقطع فيديو لبوجبا وهو يرقص مع المغني استرومزي، والذي كان يرتدي قميص مانشستر يونايتد، ليكشف إتمام الصفقة.
وفي بداية الفيديو يظهر اللاعب الفرنسي ممسكاً بصحيفة ويتحدث بالفرنسية ويقول: «لا تصدقوا كل ما يقال في الصحف»، ثم يظهر المغني البريطاني سترومزي، والذي كان يرتدي قميص مانشستر يونايتد، وينظر إلى لوحة عليها شعار مانشستر يونايتد ويقول «اصمت»، وأخيراً يظهر بوجبا وهو يدخل إلى ملعب صغير لكرة القدم ليسدد إحدى الكرات، ويوجه كلامه للكاميرا قائلاً «الأول لا يتابع»، ثم يرقص بوجبا بطريقة مثيرة للسخرية.
أما حين قدم نادي نابولي الإيطالي لاعبه جوخان اينلر في عام 2010 فقد ظهر المدافع السويسري القادم من فريق أودينيزي وقتها في مؤتمر تقديمه وهو مرتدياً قناع «الأسد» ثم أظهر رقم القميص، لكن اينلر لم يكن أسداً بالفعل ولم يبرز بشكل لافت مع فريق الجنوب الإيطالي لينتقل بعد فترة ليلعب في الدوري التركي مع نادي بشكتاش ثم إسطنبول.
وطالت ظاهرة التقديمات الغريبة حتى الشركات الرياضية، حيث لفتت النظر طريقة إعلان «أديداس» عن الحذاء الجديد الذي سيرتديه الأرجنتيني ليونيل ميسي، ووصفت نجم برشلونة السابق وسان جيرمان حالياً من خلال محادثة على «تويتر» بأنه الأعظم في التاريخ، وعندما سئل أحد المغردين «هل ترعون رونالدو؟»، يعود حساب أديداس ليكتب: «كما قلنا سابقاً: نحن نرعى الأفضل في التاريخ».
