النمل أستاذ الروبوت

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف يمكن للروبوتات أن تتحاور إذا صارت أسراباً وقطعاناً؟ على طريق الاقتباس من قدرات الدماغ البشري، المسيرة هيّنة، فالإنسان العاقل ظهر قبل قرابة ثلاثمئة ألف عام. لكن العمل الجماعي لدى الروبوتات يحتاج قطعاً، في نظر خبراء الذكاء الاصطناعي، إلى أساتذة من نوع آخر من الكائنات فتحت عيونها على عالم الوجود قبل مئات ملايين السنين، كالنمل، النحل، الأسماك.. هذه المخلوقات تقضي حوائجها ومآربها بما قل ودل من لغات التعبير.
تحت عنوان: «كيف تتخذ أسراب الروبوتات القرارات»؟ نشرت المجلة العلمية الفرنسية «لا روشيرش» مقالاً يوم 3 سبتمبر الجاري فيه عواصف من الخيال، غير أنها رياح ترسم أجواء مرعبة بغربان هيتشكوك. المسألة أوضح من الشمس، فالمجلة في إشارة خاطفة غير مقصودة على الأرجح، تلقي في الذهن أن أكبر مراكز بحوث الذكاء الاصطناعي، في الجهات الأربع عاكفة على هذا الإنجاز التكنولوجي المعلوماتي وربما الآلي البيولوجي مستقبلاً، فإلى أين انصرف ذهنك؟ هل أدركت الإشارات والتنبيهات المدوخة؟ ببساطة: الروبوتات تسير بخطى حثيثة نحو التحاور والتفاهم فيما بينها، ولن تحتاج إلى عشرات السنين، أو بالأحرى عثرات السنين كالعرب، لدرء الخلافات والاتفاق على كلمة سواء. سينمو دماغ الإنسان الآلي وتتطور حواسه وملكاته وقواه الإدراكية إلى نشوء الوعي وارتقائه ذات سنة، عندها ستكون مقاليد الحياة على الأرض في قبضة الخوارزميات. البقية سهلة، فنتيجة المباراة: روبوت مقابل إنسان، تحبس الأنفاس.
بعد هذا الاستطراد الغرائبي نعود إلى موضوع المجلة، نقتطف ما تيسّر: الحيوانات الاجتماعية تتخذ قراراتها بكل يسر. لديها طريقتان جليتان للاتصالات. في الاتصال المباشر تطلق أصواتاً، روائح، أو تبدي حركات تفهمها نظيراتها. النحل برقصاته يحدد الاتجاه نحو الغذاء والمسافة التي تفصله عن الخلية. الطريقة الأخرى تتمثل في الاتصال غير المباشر: نقل المعلومات يكون عبر البيئة، إما بإحداث تغيير فيها، وإما بترك أثر معين. بعض النمل يشق طريقاً بالفيرومونات، تركيبات كيمياوية معقدة، للدلالة على وجود مصدر غذاء. تسأل: وكيف ستتدبر الروبوتات أمورها؟ الأشعة ما دون الحمراء والواي فاي، سيحلان محل الأصوات والروائح والحركات. وكيف يقتفي بعضها أثر بعض؟ تكون لها أضواء تدل عليها. بما دون الحمراء والواي فاي، تتناقل المعلومات عن المسافة والسرعة. العمل جار على تعليمها اتخاذ القرار الجماعي الأفضل، لا مجرد الاتفاق على قرار بالمصادفة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الإرجائية: التشويق في البقية، إن غداً لناظره قريب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"