مغني الحي لا يطرب

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

في مكان ما، كان هناك أب لسبعة أبناء بلغوا مرحلة الشباب، واقتحموا ساحة الفن بخطى ثابتة. الأول مصور مشهور يشار إليه بالبنان، والثاني فنان مبدع في صناعة الفيديوهات والمونتاج، والثالث خبير في نشر المحتوى وتسويقه على السوشيال ميديا، أما الرابع فإعلامي مرموق في مجال التلفزيون والأخبار، والخامس كاتب فذ وصحفي معروف، والسادس أحد المؤثرين على اليوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي، بينما السابع منظم حفلات ذاع صيته في سائر الأرجاء.
ذات يوم، كان الأب بصدد افتتاح أحد فروع شركاته الكبرى، فاستقدم من خارج محيط معارفه مصوراً، وصانع فيديوهات يتقن المونتاج، وناشر محتوى على مواقع التواصل، وصحفياً يكتب الخبر، وشخصاً يغطي الحدث إعلامياً، وأحد نجوم السوشيال ميديا، إلى جانب منظم حفلات من الخارج أيضاً.
الغريب في الأمر، أن الأب جلب أشخاصاً لا يعرفهم على أرض الواقع، رغم أن أبناءه السبعة يملكون خبرة طويلة ومهارات إبداعية تفوق بأشواط ما لدى أقرانهم في المجال الذي يبرعون فيه، فضلاً عن تمتعهم بشهرة واسعة داخل البلاد وخارجها، ما كان سيضمن له تنظيماً ممتازاً للحدث، وتغطية ابتكارية أفضل بكثير، فضلاً عن توفيره لتكاليف كبيرة.
إن حال هذا الأب، هو حال بعض الجهات التي تستعين بأشخاص من الخارج بهدف التسويق أو الاحتفاء بحدث مهم وتغطيته، رغم وجود شريحة واسعة من أبناء الوطن المؤثرين داخل الدولة وخارجها، ممن يستطيعون تغطية أي حدث أو مناسبة بكفاءة عالية، فضلاً عن قدرتهم على التحدث والشرح بأسلوب مؤثر.
اليوم لدينا شباب وشابات يتقنون التحدث بمختلف لغات العالم، ويمكننا الاستعانة بهم لنشر أي محتوى، فالوضع الآن ليس كما كان عليه في السابق، حيث كل شيء تطور. فإذا أردت أن تنشر أي شيء وتوجهه لأي بلد كان، فما عليك سوى أن تضع الهاشتاج المخصص للبلد أو المكان المستهدف بجانب منشورك لتصل رسالتك إلى هناك.
هذا يعني أننا لم نعد بحاجة إلى الاستعانة بمؤثر من البلد الذي نريد إيصال رسالتنا إليه، ونحن لا نعلم ما هي خلفيته أو طريقته وأسلوبه في نقل المعلومة، فضلاً عن أن بعض أصحاب المحتوى في الخارج لا يرقون إلى المستوى المطلوب لاستضافتهم بهدف الترويج لمكان يتمتع بمكانة بارزة، وإذا استعنا بأحدهم فرسالتنا لن تصل إلا إلى محيط متابعيه ممن يغلب عليهم عدم الاهتمام بما يغطيه وينقله إليهم.
لهذا كله، يعد استثمار طاقات شبابنا ومهاراتهم العالية، مع عدم التفريط في هذه الثروة البشرية، هدفاً جوهرياً يجب أن نضعه نصب أعيننا، لأنه السبيل إلى الحفاظ على سمعة الوطن، ودفع عجلة التقدم، وتحقيق التنمية الشاملة على الأصعدة كافة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"