المسرح بوابةالطلبة نحو الإبداع

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

من المعروف تاريخياً أن بدايات العمل الفني المنطوق والمجسد بشخصيات إنسانية انطلقت من المسرح، الذي يحمل عن جدارة لقب «أبو الفنون»، وهو لقب يحمل العديد من المعاني التي تؤكد على مكانة المسرح في المجتمعات، إذ إن تأثيره لا ينحصر عند فئة معينة، بل يمتد من الأطفال حتى الكبار.
ولعل أثره الأكبر يتجلى عند الأطفال نظراً لمخرجاته التي تسهم في صقل شخصياتهم، وتعزيز مداركهم، ورفد معارفهم بالعديد من القضايا المحورية التي لا تتوقف عند حالة معينة، بل تمتد إلى عمق التاريخ، لتنقل أحداثه وتروي حكاياته بطريقة متميزة تجد طريقها بسهولة إلى قلوبهم وعقولهم.
أردت من خلال هذه الاستهلال أن أتحدث عن العرض المسرحي اللافت، «سرد المكان» الذي قدمه مسرح المجاز أحد الصروح والتحف المعمارية التي افتتحها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يعتبر أكبر الداعمين للمسرح والثقافة والعلوم، والعمل إلى جانب كونه عملاً مسرحياً متميزاً، يعتبر توثيقاً تاريخياً لما شهدته إمارة الشارقة على مدى أكثر من خمسة قرون من الزمن، وليس هذا فحسب بل إن العنوان الذي يحمله العمل يفسر نفسه، ف «سرد المكان»، رحلة مسرحية نحو تاريخ الإمارة وحاضرها.
لقد أردت من هذا الحديث أيضاً إبراز دور المسرح وضرورته التعليمية، وإبراز أهمية مسرحية «سرد المكان» كعمل إبداعي، ونظراً لهذه الأهمية، فإنني الآن أتحدث من واقع المسؤولية المناطة بي كأب، ومعلم، وطرف من أطراف العمل التربوي والتعليمي، الذي يحرص على تعزيز مدارك الطلبة، ورفد مواهبهم، والارتقاء بقدراتهم، وإطلاعهم على تاريخهم وتاريخ المجتمع الذي يعيشون فيه.
وليس أفضل من المسرح مكاناً بعد الأسرة والمدرسة، قادراً على صقل شخصيات الأطفال من المراحل السنية المدرسية الابتدائية وصولاً إلى المراحل الجامعية، فالمسرح برأيي الشخصي أحد أبرز الأدوات التي باتت النظم التعليمية الحديثة تستند إليها في تطوير مهارات الطلبة، وذلك من عدة نواح، منها على سبيل المثال لا الحصر، تمكينهم لغوياً، تطوير مهاراتهم الحسية والحركية، تشجيعهم على المبادرة والعمل الجماعي، غرس ثقتهم بأنفسهم وتعزيزها.
وعلى الرغم من أهمية ما ذكرته آنفاً، إلا أن الأهم يكمن في قدرة المسرح على التحول إلى كتاب مفتوح، وباب لعبور شخصيات المسرحية، والحديث مع الطلبة، وسرد حكايات مجتمعهم أمامهم، والتفاعل معهم حول تاريخهم بمختلف مراحله، الأمر الذي يقود إلى رسوخ هذا التاريخ في قلوبهم وعقولهم على حد السواء، الأمر الذي يدفعني إلى التذكير بضرورة رفع وتيرة العمل المسرحي في المدارس، وقيام أولياء الأمور بدورهم في تشجيع أبنائهم على المشاركة في الأعمال المسرحية، واصطحابهم إلى المسارح لاكتساب المهارة والمعرفة والثقافة والاطلاع وربما المواهب.
وفي المحصلة فإن المسرح عموماً لا يقل شأناً عن الفصل الدراسي في كثير من الأحيان، وأن الأعمال المسرحية الهادفة، تعتبر من أهم الوسائل التي يمكن لها تعزيز مهارات الطلبة، وإطلاق العنان لمخيلاتهم الإبداعية، وإطلاعهم على تاريخ المجتمع، واستحضار صور بطولاته، والسير به في رحلة ضمن مراحل مختلفة، على غرار سرد المكان التي تجولت بنا عبر التاريخ وسارت معنا بهدوء تروي لنا حكاية مشرقة اسمها الشارقة.
أمين عام مجلس الشارقة للتعليم
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"