قصة الصورة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل أيام معدودة كرّم مهرجان «إكسبوجر» في دورته السادسة، المصور والمهندس رودريج مجامس تقديراً لدوره في تقديم واحدة من أكثر الصور تعبيراً، كان قد التقطها مصادفة حين لاحظ طفلاً يجلس على حافة حاوية للمهملات ويقرأ بشعف كتاباً وجده في الحاوية خلال رحلة بحث لجمع مخلفات البلاستيك والخردة لمساعدة عائلته.
تلك الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، أحدثت نقلة نوعية في حياة هذا الطفل، ونقلته من واقع إلى آخر مغاير بكل المقاييس، فهذا الطفل الذي أجبرته ظروف الحرب في بلده على ترك مقاعد الدراسة والهرب مع أسرته لدولة أخرى، بات يحظى بالعناية والدعم؛ إذ تكفل مهرجان «إكسبوجر» ومؤسسة القلب الكبير في الشارقة، بتكاليف تعليمه المدرسية.
الشاهد في مقدمة المقال هو التركيز على مدى أهمية الصورة وقوة تأثيرها، وبما أننا في دولة وفي إمارة تبحث عن تطوير أدوات المنظومة التعليمية، فإنني أرى من الضرورة نقل تجربة «إكسبوجر» إلى النظام الدراسي، من خلال مسابقة سنوية تبرز مهارات الطلبة في فن التصوير الهادف، الذي قد يسهم في إحداث نقلة نوعية في حياة شخص ما، أو يرفد المشهد الفني بتحفة تصويرية تدخل التاريخ.
وفي رأيي أن المسألة ليست بتلك الصعوبة، فلا يوجد طالب صَغُر سنه أو كَبُر، إلا ويحمل أحد أحدث الأجهزة النقالة، وبدل إضاعة الوقت في تصفح ما لا يفيد من مواقع باتت من أشد الأخطار على عقول أطفالنا، علينا أن نوجههم إلى ما هو أكثر فائدة ومنفعة، من خلال توفير هذه المساحة التفاعلية، مع إدراج حصة للحديث عن آليات التصوير ومهاراته ودوره وأهدافه.
ومن ناحية المتخصصين في مجالات التصوير فهم كثر ولن يعجزنا توظيف من هم من أصحاب الخبرة في هذا المجال، لإثراء مؤسساتنا التعليمية بجيل يتمتع بالعديد من المهارات والمواهب، إضافة إلى أن مسألة التصوير قد تتحول إلى شغف لدى بعض الطلبة فيلجؤون إلى تخصصات جامعية تتعلق بالإبداع التصويري.
ولكم أن تتخيلوا حجم التفاعل الذي ستحدثه مسابقة تصويرية منظمة في المدارس، حيث سنجد جميع الطلبة في حراك غير مألوف، كل منهم يبحث عن صورة لافتة ومتميزة، وهو لعمري شيء سيرتقي بذائقتهم الفنية، ويثري تجربتهم، ويصقل شخصياتهم، ويدفعها إلى السمو في فضاء الفن الهادف.
وفي المحصلة، فإن الصورة في حد ذاتها تعتبر أحد أشكال التعبير الإنساني الراقي، فكيف بها إذا تحولت إلى رسالة معبّرة، تخترق الحدود وتلهب العقول والقلوب، وتشغل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، عندها يمكن أن نقول إن الصورة ليست مجرد إطار؛ بل هي قصة وحكاية.. عبرة ورواية، ترصدها عدسة مبدع أو هاوٍ، وتترك لك الحرية لتضع تفاصيلها عبر الملامح والتعابير التي يحتويها الإطار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"