تداعيات التعليم عن بُعد

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

من يتخيل أن يؤدي انخفاض علامة طالب في امتحان جامعي إلى شجار مع شقيقته الكبرى، والسبب طبعاً لأنها لم تؤدِّ عنه الامتحان بشكل جيد، ولم تحقق ما أراده من نتيجة.
هذا واقع حال دراسة بعض الطلبة أو كثير منهم. لا أحد يستطيع أن يجزم الأرقام بدقة، وهذا الأمر حدث في كل الدول، وفي كل الأماكن، ولا يمكن بأي شكل تحديد حجم الإهمال الذي انتاب طلبة في كثير من دول العالم عندما تسبب «كورونا» في التعليم عن بُعد، وأصبحت الدراسة والامتحانات تؤدى من على بُعد عشرات أو مئات الكيلومترات.
هذه الإشكالية ليست الوحيدة التي نتجت عن التعليم عن بُعد، بل هناك ما هو أكثر وأخطر، ومن ثم فإن انعكاس تداعيات هذا الوباء على الجيل الحالي، ستلمس آجلاً أم عاجلاً، ولا ننسى «النكات» أو الممازحات التي أطلقت على الطلبة الدارسين عن بُعد، وسوء تأدية مهامهم.
قد لا يكون جزافاً، أن تصبح بعض «النكات» واقعاً بعد مدة، خاصة أن المؤشرات تعطي أن الحياة اقتربت من العودة إلى طبيعتها، وقرب عودة جميع الأعمال وقطاعات الحياة إلى سابق عهدها.
هنا، هل لدينا خطط وبرامج لإعادة تأهيل الطلبة، أو اكتشاف مكامن الخلل التي تولّدت لديهم، نتيجة الدراسة عن بُعد، والانكفاء عن التعامل من الأصدقاء والزملاء في الدراسة؟
لا شك أن انعزال الأبناء خلق لديهم مشكلات كثيرة، منها صحية، نتيجة قلة الحركة، فأصيب من أصيب منهم بالسمنة والكسل، ومنها ما يتعلق بأبجديات التواصل والتعاطي مع المدرسين والأهل والأصدقاء.
 وإلى جانب ذلك، فإن طلبة المختبرات والتعليم المهني، فاتهم الكثير من مختبرات وتجارب ميدانية وتطبيقات عملية، وقد تكون دراستهم النظرية غير كافية إطلاقاً، لتمكين الخريج من ممارسة مهنته بالشكل الأمثل.
هؤلاء هم الأكثر حاجة إلى تكثيف الدروس والمختبرات، وما فاتهم من تعليم ميداني يصقلون به تعليمهم الأكاديمي؛ لأنه لو سمح لهم بعد التخرج، بممارسة ما تعلموه عن بُعد ونظرياً فقط، وفي حال كان أحد أشقاء الطالب هو من أدّى الامتحان أو حتى المذاكرة بدلاً من شقيقه، فإن «النكات» التي أطلقت على هذا الجيل ستتحول إلى حقيقة. 
«كورونا» وباء عالمي، اجتاح البشرية دون سابق إنذار، ولم يسلم منه أحد، وكان محظوظاً من أصيب منه وشفي، ورحم الله من فتك به وارتحل، ويبقى أثره الأكبر في الاقتصادات والأجيال التي خرجت أو قد تخرج إلى الدنيا في عهده، فعلى أصحاب القرار مراعاة التداعيات على الطلبة الذين كانت تحتاج دراستهم إلى تطبيقات عملية، حتى إن اضطر الأمر إلى تأخير تخرجهم، لكي لا يخرجوا إلى الحياة العملية، وتبدأ الكوارث.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"