شريان التعليم

02:06 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد أحمد الملا*

قبل أيام أعلنت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، بالتنسيق مع لجنة الأزمات والطوارئ في الإمارة، العودة الكاملة لجميع الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية في مطلع الفصل الدراسي المقبل الذي يبدأ في الأول من أبريل. ومما لا شك فيه أن هذا القرار ينطوي على أبعاد كثيرة من أبرزها بعدان رئيسيان يمثلان شريان العملية التعليمية والتربوية في أي مجتمع.

البعد الأول يتمثل في الجانب الصحي الذي يعتبر العمود الفقري للمجتمعات، فلا يمكن لمجتمع أن يبني ويطور واقعه في ظل تردي أو تراجع واقعه الصحي، وبما أن دولة الإمارات أثبتت قدرتها ومرونتها وجاهزيتها للتعامل مع الأزمات الصحية بخطط استباقية، فضلاً عن سرعة الاستجابة للتحول بالمنظومة التعليمية إلى الواقع الافتراضي، الذي وإن حققنا من خلاله نجاحاً لافتاً ومنجزات عديدة، إلا أنه لا يغني عن التعليم المباشر الذي يتطلب ضمن بديهياته ومرتكزاته، حضوراً والتزاماً طوال أيام التمدرس.

وفي الواقع، فإن الإعلان عن العودة الكاملة للطلبة، يؤكد أننا دخلنا في مرحلة التعافي من تداعيات «كوفيد  19»، وبالتالي علينا الآن، التعامل مع هذه المرحلة بنوع من الحذر، وذلك من خلال تكاتف جهود كافة أطراف المنظومة التعليمية، ومختلف أفراد المجتمع من حيث التقيد بالتدابير الوقائية التي تعزز الواقع الصحي، وتقود مرحلة التعافي إلى مرحلة الانتهاء التام من الوباء، والمضي قدماً إلى مرحلة ما بعد كورونا.

هذا في ما يتعلق بالبُعد الأول. أما البعد الثاني فهو أهمية الوجود الفيزيائي للطالب، بمعنى الوجود بكيانه وشخصه وعقله، نظراً لما لمنظومة التعليم الحضوري من تأثير في فهم الطالب وحضوره الذهني، فضلاً عن المكتسبات المصاحبة للعملية التدريسية، والتي تعتمد على احتكاك الطلبة في ما بينهم، وخوضهم تجارب الطفولة للمراحل السنية الصغيرة، واكتساب مهارات جديدة وخبرات أكثر لهم وللمراحل الأكبر سناً.

كما أن عودة الطلبة الكاملة ترتقي بحس المسؤولية لديهم، وتعزز من ثقتهم بأنفسهم، فضلاً عن إزاحة العبء الثقيل عن كاهل أولياء الأمور الذين يحسب لهم دورهم المحوري خلال الجائحة، حيث تحولوا إلى معلمين بدوام كامل مع أبنائهم، حرصاً على استمرارية أبنائهم في منظومتهم التعليمية، ولا يعني هذا الكلام بأي حال من الأحوال، أن عودة الطلبة، تعني بالضرورة تراجع دور الآباء والأمهات؛ بل البناء على المكتسبات التي تم تحقيقها وتطبيق الخبرة التي تولدت نتيجة تلك الفترة، ليكون حضور أولياء الأمور دائماً، وليطلعوا بشكل كامل على مجريات الأيام التدريسية التي يعيشها أبناؤهم.

وفي المحصلة، فإن استعادة الحياة الطبيعية في المدارس بكامل مظاهرها، تضمن الاستمرارية للمنظومة التعليمية وفق المسارات الصحيحة التي تقود إلى تأهيل الطلبة نحو المراحل التالية، مع مواصلة دعم الطلبة والكوادر التعليمية على حد سواء، كجزء راسخ وهدف أصيل من أهداف الدولة، التي تسعى إلى توفير بيئة تعليمية آمنة تكون فيه أطراف المنظومة قادرة على العطاء والأخذ من ناحية المعلم والمتعلم، وصولاً إلى تحقيق المخرجات الأكاديمية التي نطمح لها.

* أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"