ورقي أم إلكتروني؟

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل أيام سألتني إحدى الأخوات عن اسم مكتبة يتوفر فيها كتاب معين، فأجبتها، في حدود معلوماتي، أنه من الصعب الحصول على هذا الكتاب في الوقت الحاضر. وقبل أن أعرض عليها فكرة إرسال نسخة «بي دي. أف» من الكتاب نفسه متوفرة لدي، سألتها: «هل لديك صبر على قراءة الكتب الإلكترونية؟»، وفي ذهني، نفور الكثيرين من مطالعة مثل هذه الكتب، ففاجأتني إجابتها: أفضله أن يكون «بي. دي. أف»، مضيفة أنها قرأت عشرات الكتب بهذه الطريقة، وأنها غير ميالة لتكديس الكتب الورقية على الرفوف في محل سكنها صغير المساحة.

ليس هذا موضوعاً جديداً، فمنذ أن نشأت ظاهرة الكتب الإلكترونية، والسجال على أشدّه بين المتحمسين لها، ويرون فيها بداية النهاية للكتاب الورقي، وأولئك الذين ما زالوا مشدودين لهذا الأخير، ولا يلمسون في أنفسهم ميلاً أو صبراً على قراءة الكتاب إلكترونياً، ولديهم من الحجج على صواب رأيهم ما يعدونه دامغاً، ومن ذلك فإن دور النشر والمطابع ما زالت تطبع، وربما أكثر من أي وقت مضى، مئات آلاف الكتب الورقية، وما زالت معارض الكتب تستقطب ملايين الزوار في مختلف البلدان، ما يشير إلى أن الكتاب الورقي باقٍ بالتجاور مع نظيره الإلكتروني.

لن نعلن انحيازنا لرأي أي من الفريقين، ولكن حين يدور الحديث عن الذات، فأنا من الفئة التي ما زالت متعلقة بالكتاب الورقي، وحتى عندما أحصل على نسخة إلكترونية من أي كتاب، آخذها إلى أقرب مكتبة لطباعتها ورقياً وتجليدها على هيئة كتاب، فذلك أسهل لي للقراءة وأكثر متعة، ولكن هذا لا يعني خطأ من يرون العكس كما هو حال السيدة التي ذكرت ما قالت في مطلع الحديث.

وقعت العين، أمس، على عرض يتناول هذا الموضوع، مأخوذ عن «ديلي ميل»، ويشير إلى دراسة وضعها فريق أبرز أعضائه برفيسور ياباني، اسمه موتوياسو هونما، إليه نسب القول بأن «التنفس العميق (التنهد) يثبط نشاط الدماغ المفرط، وله تأثير إيجابي على الذاكرة وفهم القراءة»، وهذا يحققه الكتاب الورقي أكثر من الإلكتروني، وأنه بقياس التنفس والنشاط الدماغي ل 34 شخصاً أثناء القراءة لوحظ أن الناس تنهدوا بنسبة 45 في المائة أقل عند القراءة من هاتف ذكي، وعندما سئلوا لاحقاً أسئلة حول المقاطع، كانت درجاتهم في المتوسط أقل بنسبة 17 في المائة، لأن الشعور بالتركيز بشكل أكبر أثناء القراءة من الكتب الورقية عائد إلى التنهد أكثر حينها، فيما تبعث القراءة الإلكترونية، ربما بسبب الضوء الأزرق المنبعث من الشاشة، نشاطاً زائداً يضر بفهم المادة المقروءة.

وكاستدراك، لا نستبعد أن نجد دراسة أخرى ترى الرأي النقيض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"