البحث العلمي في الفنون

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

لم لا نعود إلى مستقبل انعكاسات الذكاء الاصطناعي على الإبداع الثقافي؟ الغاية في الحقيقة: هل المشتغلون بأجناس الأدب والفن في العالم العربي، يسافرون إلى أصقاع الخيال بحثاً عن التجديد؟ مأساة أن يكون ما يقدمونه هو منتهى ما يمكن أن يقدموه.
السفر إلى فضاءات الإبداع يتسنّى بفضل البحث العلمي الذي يشق دروباً تفضي إلى اكتشاف تجارب مشعة غير مسبوقة، وطرق غير مطروقة. بواقعية، لا تظهر دلائل على وجود بحث وتحقيق في الإنتاج السائد. لهذا نرى الكثير من اللجوء إلى الافتعال. يقول القلم: الإبداع فعل لا يحتاج إلى الافتعال. يحتاج إلى افتعال الحرائق ما ليس مصدر إشعاع أصيل. معذرة، الذين لا يدركون هذا الفكر النظري الجوهري في الفن، يسيئون إلى الذوق العام ومنظومة القيم الفنّية والثقافية.
في ميدان استخدام البحث العلمي في صميم العملية الإبداعية، المعلم الكبير هو جان سباستيان باخ. الرجل، قبل ثلاثة قرون، جعل التأليف الموسيقي معادلات رياضية. علاقة الموسيقى بالرياضيات معروفة منذ اليونانيين القدامى والحضارة الإسلامية، لكن باخ طبّق الكثير من نظريات الرياضيات موسيقياً. أبطل وهم أن الرياضيات نقيض الفن. العبارة الشائعة: «موسيقى باخ رياضيّة جدّاً». التجارب ازدادت في القرن العشرين. لكن، ما حقيقة العلل التي تحول دون مدّ الجسور بين البحث العلمي والفنون؟
الأمور ليست مبهمة، فبكل بساطة توجد في مصر خصوصاً كفاءات عالية في العلوم الموسيقية، في مجالات متعددة منها، ولها دراسات تنشر، لكنها تحفظ وتصان في الأرشيفات، حتى لا يراها أحد، لا قدّر الله، فتصاب بالعين، فالدراسات هي الأخرى من ربّات الخدور. عقبة أخرى: أولئك الباحثون لا سبيل إلى قيام تعاون بينهم وبين منتجي الأغاني السائدة، فهذه تفتقر إلى ما دون الحدّ الأدنى من مقوّمات التأليف الموسيقي. لا تتوافر فيها العناصر الدنيا من الموسيقى الجادّة.
لا يمكن حدوث تطوّر حقيقي من دون بحوث وتحقيقات، لأنها مصدر الأفكار الرائدة، التي تتيح الانتقال من النظري الجادّ إلى التطبيقي الجادّ. العالم العربي لم يبلغ بعد الإيمان بضرورة تأسيس كل شيء على البحث العلمي في الميادين الحيوية بامتياز، «بكّير على الفنون».
لزوم ما يلزم: النتيجة البرهانية: منذ ثلاثة عقود ونحن في العصر الرقمي، إلى الآن لم ينعكس ذلك على الفنون. الذكاء الاصطناعي عليه بالصبر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"