عادي

رمضان.. محبة وتناغم إنساني بين الديانات

23:46 مساء
قراءة 4 دقائق
1
حضارات وثقافات وخلفيات تاريخية وتجارب دينية تجتمع على مائدة رمضان

تحقيق: راندا جرجس
تجمع الإمارات بلد السلام والتسامح والعطاء، العديد من الجنسيات من مختلف الديانات، وتسجّل أسمى لحظات العمق الإنساني في رمضان، شهر الخير، حيث تندمج الشعوب لتعيش لحظات الحاضر، ممزوجة بذكريات الماضي عن شهر الصيام؛ إذ ينتظر المسلمون والمسيحيون قدومه للمشاركة الإنسانية في التقاليد والعادات الاجتماعية، حيث تتجلى أسمى معاني الألفة والمحبة بين الناس، ويجتمع الأصدقاء في جوّ من البهجة والسرور، والخروج إلى الشوارع والميادين التي تكسوها الزينة والأنوار والفوانيس، وتبادل الأطباق والحلويات الرمضانية المتميزة التي تدخل البهجة وتُشيع الفرح بين الناس.

1
ميسون عمر

تحتقول ميسون عمر (مدرِّسة): «رمضان مناسبة للتعبير عن المحبة الإنسانية والانسجام، والتواصل بين أتباع الأديان، حيث التأمل والخشوع والرحمة والحنان، والسباق في العبادة، والاستماع بروحانيتها، ولذلك يعتبر شهر الصيام تأكيداً واضحاً أن هذه الحضارات والثقافات والخلفيات التاريخية والتجارب الدينية نضجت، لتكون ممتدة ومتداخلة ومتكاملة، ليجمعنا الحس الإنساني البسيط الذي يصلنا بالخالق العظيم».

وتضيف: «تربّينا في بيت والدي على عدم وجود حواجز، أو اختلافات بين المسيحين والمسلمين، فكان التواصل الإنساني مصدر الوعي لنا ونحن أطفال، وبداية الطريق لتأسيس علاقات عميقة منهجها الرحمة والحنان والاحترام والوفاء والتعبير عن الإنسانية البسيطة. ومن أهم هذه المحطات اجتماعاتنا في الاحتفالات الدينية في أحد بيوت المنطقة، للالتفاف حول المائدة الرمضانية، وتزيين الشجرة في أعياد الميلاد، وعمل الكعك في عيد الفصح، وتلوين البيض في شم النسيم، وكم كانت هذه المشاركات تعزز حالة الطمأنينة الداخلية والسلام».

وتُلفت ميسون إلى حالة التقاء المعاني الروحانية السامية التي تشكلت داخلها في طفولتها عندما كانت تستمتع بشغف إلى التراتيل المسيحية التي تميل إلى اللحن الأوبرالي مع التواشيح الرمضانية، حيث غرست هذه التجربة الروحانية سلوكاً إيجابياً وسمواً في النفس من خلال الشعور المبني على فطرة الإنسان والمحبة الصادقة تجاه الآخر.

تفاصيل متناغمة

1
كارولين مجدي

وتتفق كارولين مجدي (موظفة خدمة العملاء)، مع رأي ميسون، وتقول: «عندما يأتي شهر رمضان، فإنه يحمل معه العديد من التفاصيل والذكريات الجميلة الراسخة في الذاكرة. ففي طفولتي كنا ننتظر قدومه بشغف، وعند تأكيد الهلال تعم الفرحة، ويشارك الجميع في تزيين المنازل والشوارع بالشعارات ومجسم الكعبة والفوانيس المصنوعة يدوياً، ويمتد هذا التعاون على مدى 30 يوماً».

وتضيف: «في النهار يجتمع الجيران لعمل أصناف الطعام الشهية، والمختلفة لتقديمها في مائدة الرحمن التي تمتد من أول الشارع إلى نهايته لأهل المنطقة والغرباء والفقراء، وكان الأطفال يصطفون على الجانبين لتقديم حبات التمر، ويتواصل السهر بعد تناول الإفطار حتى السحور وتحضيره وتوزيعه على المارة. وفي العديد من السنوات يتصادف قدوم الأعياد المسيحية مع أيام شهر رمضان المبارك، وفي هذه الأوقات كان الشباب يعلقون الصور الدينية إلى جانب مجسم الكعبة والفوانيس الرمضانية».

وتؤكد كارولين أن شهر رمضان له طابع خاص ومميز، فلا تخلو مائدة في كل بيت مسيحي أو مسلم من أطباق الحلويات كالكنافة والقطايف والمكسرات، أو العصائر كالخشاف وقمر الدين، كما تعتبر الخيم الرمضانية من أكثر مظاهر البهجة التي تنتظرها مع قدوم الشهر الكريم، فهي المكان المفضّل للقاء الأصدقاء بعد الإفطار سواء في الماضي أو الحاضر.

1
لينا رشراش

وتقول لينا رشراش (مدربة تطوير الذات): «رمضان شهر لأجمل معاني المحبة والإنسانية من خلال قنوات التواصل المتبادل والعلاقات الاجتماعية الوثيقة، خصوصاً تحت مظلة دولة الإمارات التي تجمع تحت سمائها العديد من الجنسيات من مختلف الديانات، وتنطبع في ذاكرتي أجمل وأروع الذكريات عن تبادل العزائم ومختلف أصناف الطعام مع جيراننا المسيحيين، وكم كان الحب والمودة نابعين من كلا الطرفين».

وتضيف: «إن أكثر اللحظات التي لا يمكن أن أنساها هي وقت التعاون بين الأمهات أثناء تحضير مائدة الإفطار والانضمام للاحتفال المشترك كعائلة واحدة، وتأخذني ذاكرة الطفولة عند مشهد في غاية النقاء عندما كانت جارتنا الطيبة تسأل والدتي ألا تنساها من دعائها في صلاة التراويح».

وتؤكد لينا أن رمضان فرصة لتكثيف التواصل والعلاقات الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء، وتزداد لحظات المشاركة في إعداد الطعام مع الجيران والأحبة، والاستمتاع معاً بأجواء العائلة الواحدة واللمة الدافئة، وأكثر ما يُسعدني هو رؤية بريق الفرح يتراقص في عيون الأطفال عند تلاقيهم، والصحبة الطيبة في قلوب الأصدقاء، وهذا هو جُل معاني الدين والروحانيات الجميلة، وما يريد أن يخبرنا به هذا الشهر الفضيل، فتمتد وتغمر ذبذباته الإيجابية العالية باقي أشهر السنة لاستكمال رحلة التناغم والتفاعل الاجتماعي الحضاري بين الجميع كأسرة واحدة كبيرة.

مظاهر البهجة

وتشير نيفين مرجان (مدققة ضرائب)، إلى أن شهر رمضان أفضل أوقات العام التي تحمل الفرحة والسعادة، وتظهر فيه المحبة الصادقة في أوضح وأجمل وأروع صورها، كما يخلق حالة من السرور والبهجة تكتسي بها الشوارع والميادين والساحات، كما يكون فرصة رائعة للقاء الأصدقاء والاستمتاع بالفعاليات التي تقام في الأماكن المتفرقة في دولة الإمارات، كما تغمرني صديقاتي وجاراتي بمحبتهن وإرسال المأكولات والأطباق المميزة من المطابخ المختلفة كالسورية والفلسطينية والأردنية والعراقية والإماراتية في رمضان، ونتبادل هذه العادات طوال الشهر الكريم؛ لأنني أهوى عمل الحلويات الرمضانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"