عادي
بعد توقف وتعطيل طال النقل الجوي العالمي منذ «كورونا»

فوضى السفر تؤرق صناعة الطيران في صيف ساخن

21:50 مساء
قراءة 6 دقائق

إعداد: هشام مدخنة

هل حان الوقت أخيراً للتفكير في السفر وتمضية إجازة قصيرة تنسيك إلى حد ما كوارث الجائحة؟ فها هي قيود السفر تتراجع، ومعدلات الإصابة تستقر، وتم تطعيمك بالكامل. إذن، ماذا بعد؟ يبدو أنه العام الأمثل للتعويض عن الإجازات التي ادخرتها ولم تستمتع بها خلال العامين الماضيين. أو هكذا يبدو الأمر. على الرغم من كل الإيجابيات السابقة، لا يمكن قياس نفس الشيء على مجمل صناعة السفر. فليست قواعد الاختبارات واللقاحات والحجر الصحي التي يجب الالتزام بها عند السفر هي المتغير الدائم فحسب، ولكن مجرد الوصول إلى وجهتك المطلوبة سيكون محفوفاً بالتوتر، وصناعة الطيران بلا شك في رأس هرم فوضى السفر لهذا الصيف.

وبعد أن ضرب الوباء القطاع في شبه مقتل، وخرج بصعوبة لبر الأمان، يبدو أن العديد من شركات الطيران والمطارات حالياً لم تعد قادرة على التعامل مع عودة السفر الآمن والمثالي إلى عهده السابق.

تحدث تقرير لشبكة «سي إن إن» الإخبارية عن أن البلدان على جانبي المحيط الأطلسي تشهد إلغاء عدد كبير من الرحلات الجوية بسبب نقص الطواقم والموظفين، والازدحام داخل المطارات، فضلاً عن معدلات الأسعار الجديدة، وحتى شركات تأجير السيارات التي جعلت شراء سيارة يبدو أرخص من استئجارها. ومع ذلك، لم يكن الجميع في الكفة الخاسرة بعد أن أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «دلتا إيرلاينز» إد باستيان، أن مارس/ آذار 2022 كان أفضل شهر للمبيعات في تاريخ شركة الطيران الأمريكية. وبينما تحسنت الأمور قليلاً في الولايات المتحدة؛ حيث عاد السفر المحلي مرة أخرى، تصدّرت الفوضى في المطارات الرئيسية داخل المملكة المتحدة عناوين الأخبار والصحف المحلية اليومية على مدار الأسبوعين الماضيين، وأبلغت الخطوط الجوية البريطانية المنظمين باحتمال وجود انتهاكات لقانون الصناعة. قد تكون تجربة الطيران أكثر سلاسة في أي مكان آخر في أوروبا، لكن تأجير السيارات ليس كذلك، هذا قبل أن تضع في اعتبارك الارتفاع العالمي لأسعار الوقود. فهل نقول مرحباً بصيف مملوء بفوضى السفر، ونوافق رأي أناس وخبراء تحدثوا عن الأمر بسوداوية نسبية؟

أنظمة قديمة

نقلت «سي إن إن» عن كريستوفر إليوت، الصحفي المدافع عن حقوق المستهلك في الولايات المتحدة وأوروبا، اعتقاده بأننا نتلمس الآن ما سيكون عليه المستقبل القادم، وبأن الأمور ستزداد سوءاً. ونصح إليوت مناصريه بتجنب السفر إلى أوروبا في أغسطس/ آب، ذروة موسم السفر، محملاً شركات الطيران مسؤولية الفوضى الحاصلة، قائلاً: «إنه بسبب خطأ منهم، فلو نظروا قليلاً إلى الوراء لوجدوا أنه خلال الجائحة هم من سرحوا الموظفين وقلصوا أعدادهم، والآن وبعد أن ارتفع الطلب على السفر الجوي من جديد تجدهم باتوا عاجزين على تعيين كوادر فنية بالسرعة الكافية لتلبية الطلب». مضيفاً: تستخدم الخطوط الجوية في الولايات المتحدة أنظمة قديمة بحاجة ماسة إلى التحديث، وعندما تتعطل، تكون النتيجة عمليات إلغاء جماعية.

وابتُليت أيضاً شركة الخطوط الجوية البريطانية، الناقل الوطني للمملكة المتحدة، بذات القضايا الفنية، ففي 26 فبراير/شباط الماضي، تسبب اضطراب في الأنظمة التقنية بإلغاء الشركة جميع الرحلات الجوية قصيرة المدى. وكان هذا هو الفشل التقني الثاني خلال 10 أيام، وتبع مشكلات مماثلة أعوام 2017 و2018. لكن منذ ذلك الحين، ساءت الأمور أكثر، وشهد مئات الآلاف من المسافرين تأخر رحلاتهم أو إلغاء تلك الرحلات، أو ببساطة فاتتهم بسبب الفوضى التي اجتاحت بعض مطارات المملكة المتحدة الرئيسية. ونادراً ما خلت الأخبار من عناوين مطاري هيثرو ومانشستر منذ نهاية شهر مارس/ آذار؛ حيث أدى النقص الحاد في الموظفين إلى ظهور طوابير طويلة لساعات عند تسجيل الوصول والأمن والجوازات، وأيضاً انتظار المسافرين زمناً طويلاً قبل وصول أمتعتهم. والفوضى تزداد سوءاً، حيث نصح مطار ستانستيد يوم الخميس الركاب المسافرين لقضاء عطلة عيد الفصح بتمرير أمتعتهم قبل 24 ساعة كاملة من موعد الرحلة.

ونقلت «سي إن إن» تجربة المسافر الإيطالي إنريكو فيرو الذي سافر إلى لندن على متن الخطوط الجوية البريطانية لقضاء 4 أيام هناك مع عائلته، وعند الوصول، أمضوا ثلاث ساعات في انتظار وصول أمتعتهم إلى مطار هيثرو. وقال فيرو: «لقد أمضينا اليوم الأول من إجازتنا في المطار».

وساءت الأمور في نهاية الإجازة، وتم إلغاء رحلة العودة إلى البندقية عندما كانوا بالفعل عند البوابة، وانتهى بهم الأمر في رحلة إلى بولونيا، وقيادة السيارة بعد ذلك لمدة ساعتين ليصلوا إلى المنزل فجراً. يقول فيرو: «اخترت الخطوط الجوية البريطانية بدلاً من الشركات منخفضة الكُلفة لأنني كنت على يقين بأن خدماتها أفضل، لكني اكتشفت أن الأمر لم يعد كذلك. ولن أعيد التجربة معهم مرة أخرى».

عن ذلك قال روري بولاند، من منظمة حماية المستهلك البريطانية Which: «خلص تحقيقنا إلى أن شركة الخطوط الجوية البريطانية أهملت تعويض الركاب وتركت العائلات حرفياً من دون نقود عندما فشلت في نقلهم إلى وجهاتهم الأخيرة». بدورها، قالت شركة الخطوط الجوية البريطانية: «نفي دائماً بالتزاماتنا القانونية». وقال بولاند: إن الفوضى الحالية في المملكة المتحدة، أسوأ مما هي عليه في العديد من البلدان الأخرى.

«بريكست» والوظائف

أثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي انقساماً حاداً في أوساط صناعة الطيران داخل المملكة المتحدة؛ حيث يعزو الكثيرون مشاكل البلاد الحالية وفوضى القطاع إلى تلك الخطوة المثيرة للجدل. وهو أمر أكده كولي ساندو، المدير الإداري لشبكة توظيف متخصصة في قطاع الطيران. والذي قال: «اعتدنا في السابق على تلقي نحو 60% من طلبات التوظيف للعمل في مطار لندن من مواطني دول الاتحاد الأوروبي، لكن عدم وجود هذه القوة العاملة الأوروبية اليوم تسبب بحدوث مشكلات كبيرة». ملقياً باللوم أيضاً على قيود السفر التي دعت أرباب العمل إلى تعينن موظفين «على أساس الحاجة فقط» بدلاً من إعطائهم عملاً منتظماً ودائماً، مما أدى إلى هجر المزيد والمزيد منهم أروقة الصناعة، ليبحثوا عن فرص أكثر استقراراً وربحية من سوق السفر المتقلب.

في غضون ذلك، قالت لوسي موريتون، الأمينة العامة لاتحاد خدمات الهجرة، ل«بي بي سي»: إن قوات حرس الحدود المعنية بفحص وتدقيق الأشخاص القادمين إلى المملكة المتحدة تعاني نقصاً كارثياً في الموظفين، في الوقت الذي تزداد فيه أعداد المسافرين خلال أعياد الفصح والمناسبات. ومع ورود تقارير عن اندلاع معارك جسدية، وخروج الركاب في طوابير، وإلغاء رحلات آلاف المسافرين يومياً، سيفكر الكثيرون ملياً قبل اتخاذ قرار السفر إلى لندن لتمضية إجازة ما بعد الوباء.

تأجير السيارات

هل وصلت إلى وجهتك حسب الموعد المخطط؟ وهل كنت محظوظاً باستلام حقائبك بسرعة؟ إن كان الأمر كذلك يؤسفنا القول إن الفوضى لم تنتهِ بعد، والتحدي الآن متمثل في السيارات المستأجرة؛ حيث أدى ارتفاع أسعار المركبات وعدم كفايتها، بالنظر إلى استمرار أزمة سلسلة التوريد، إلى نقص عالمي في السيارات الجديدة المصنّعة، مما يعني أن شركات التأجير لا تزال تكافح لملء أساطيلها.

كيف تتعامل مع الأزمة

في محاولة لتجاوز هذه العاصفة.. يتفق جميع الخبراء على المرونة والحجز المبكر للرحلة، ولكن هناك المزيد:

* اعرف حقوقك: في الولايات المتحدة على سبيل المثال، إذا ألغت شركة طيران رحلتك، فهي ملزمة بإيجاد طريقة أخرى لتوصيلك إلى وجهتك. وفي الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، يتعين على شركات الطيران إعادة توجيه الركاب إلى وجهتهم النهائية في أقرب فرصة ممكنة.

هذا يعني أنه يجب عليهم حجز مقعد لك على شركة طيران منافسة، أو قطار، أو أي وسيلة نقل أخرى. وإذا تقطعت السبل بك طوال الليل، يجب على شركة الطيران أن تدفع ثمن إقامتك في فندق، إضافة إلى وجبات الطعام. وغير ذلك.

* احجز سيارة عن طريق وسيط أو عن طريق شركات تأجير سيارات صغيرة ومستقلة لأنها قد تكون أرخص بكثير من سلاسل الشركات الكبيرة والعالمية.

* اختر شركة الطيران بحكمة.

* احجز منتصف الأسبوع للحصول على سعر أفضل والابتعاد قليلاً عن زحمة المطارات.

* احجز عن طريق خبير أو مستشار سفر: إن وجود طرف ثالث يهتم بالحجز الخاص بك يزيل التوتر، فهو يعرف لوائح الدخول لوجهتك، والفنادق المتاحة، وإذا تم إلغاء رحلتك فيمكنه تعيين أخرى بيسر وسهولة. فالحجز عن طريق مستشار سفر يسمح لك بالجلوس والاستمتاع بإجازتك بدلاً من القلق بشأن التفاصيل التي يمكن أن تجعل الحياة بائسة.

* اختر فندقاً وليس بيتاً للإيجار: بينما ارتفعت أسعار الإيجارات الخاصة بشكل صاروخي، فإن أسعار الفنادق ثابتة في الوقت الحالي، ومخفّضة أيضاً في بعض الأماكن لأن الناس يفضلون البقاء في بيوت الإيجارات؛ لذلك احرص على الاستفسار عن أسعار الغرف الفندقية قبل كل شيء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"