«أمينة» العسم

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

مع كل إصدار نجد أحمد العسم متفرداً بصوته المختلف، بأسلوبه الذي لا يشاركه فيه شاعر، فيأتي حاملاً معه أسلحته الشعرية، مجموعة في قالب من جمال.
يأتي العسم مخفوراً بالشعر، فمن مشهدٍ في رئته يطل حاملاً وردَ عمره، يعلي صوتَ الرمانِ حين يهرب شفيفاً من بابِ النظرة، ويزيح الفائضَ من الرف كما تزاحُ الأسرارُ عن الروح.
يحدث هذا فقط حين ينزلقُ السكونُ ليلاً على ضوءِ الفنر، ليلٌ يبتلّ بالمهمل من الحياة.
في غفلةِ الماءِ يقصّ رؤياه وكأنه يسكنُ كوخاً مالحاً، يحكي «سوالف شوق» محروثةً من الوسطِ البعيدِ في الذاكرة.
تحت ظل الكثرة يراود قلبَه في غرفةِ يوسفَ عن ثلاثِ نقلات: روحُه والمدينةُ وأمينة.
هذا هو أحمد العسم في مسيرته الكتابية، التي أنتجت ثلاثةً وعشرين كتاباً، حملت ذاكرة ونبضاً وحنيناً وخيالاً.
أحمد العسم الذي احتفى مؤخراً بأمينة التي انتظرت طويلاً كي يحقق وعدَه لها. من خلال شعرٍ كتبه القلب قبل أن تقرأه الدموع، وكلمات كانت رسائلَ بوحٍ في زمنٍ ضائع، وحبٍ لم ينتصر لكنه بقي خالداً.
في ديوانه الشعري الصادر عن منشورات «غاف» والمعنون ب «أمينة» يكتب العسم معشوقته التي حاول مراراً أن يخرج المرارةَ من فمها، أن يجعل أصابعَه تهمسُ في أذنها، التي رآها في الاحتمالات سمكةً تفلت من الحوض إلى وهج متقوس، التي خاطبها قائلاً: «والزمن يمضي، أنت الشعرُ والديدنُ والحرفُ العذب، الروحُ الأنيقةُ والمأجورةُ في القلب، ذات صفات لا يستطيعُ أن يصلَ إليها أحد، يا كلَّ الحسنات وكلَّ الكلِّ في الأعماق، يا مرآةُ الصدق للناظرِ إلى وجهك وقلبك الخلوق السموح».
في هذا الكتاب الشعري لا نقرأ صوتاً بإيقاع واحد، ولا نقرأ الفرحَ دون الحزن، أو نقرأ الوصلَ دون الفراق، أو نسمعَ أمينة دون العسم.
فيه يأخذ العسم قارئه من خلال بوح وحب وألم وشوق إلى عنان السماء تارات، ويواريه تحت الأرض تارة، في رحلة مملوءة بالصدق والشغف والإصرار على إعطاء معشوقته ما لا يمكن أن يهديه إلا الشاعر: كتاب شعري مختلف.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"