النجاة من انخفاض أسعار الأصول للاستفادة من مرحلة الصعود

21:45 مساء
قراءة 4 دقائق

فيجاي فاليشا*
غالباً ما تترافق انخفاضات الأسهم في الأسواق بحالة من الذعر، لكنها قد تكون فرصة رائعة مستقبلاً لمن يستغلها بشكل صحيح.

ويمكن تعريف السوق الهابطة بأنها انخفاض بنسبة 20% في مؤشرات الأسهم. ويُمكن أن تتضمن تلك المؤشرات مؤشر «ستاندارد آند بورز» ومؤشر«NDX»، وعدداً من المؤشرات الأخرى، ويُمكن أن يتسبب هذا الهبوط في حالة من الذعر، ولكن في حقيقة الأمر الموضوع ليس مُخيفاً كما يبدو. عليك بالتعامل معه على أنه إنذار بالخطر منذ بدايته لتغيير قواعد اللعبة، وقد يشعر شباب المستثمرين في المقام الأول بالقلق بسبب نقص خبراتهم، بينما قد يشعر الأفراد الذين اقتربوا من سن التقاعد أو المتقاعدون بالفعل بالذعر الشديد، وقد يضعون في الاعتبار التخصيص المُبكر لأموالهم، ففي وقت الأزمات، قد تضر التحيزات السلوكية بالممتلكات على نحو كبير.

غالباً ما نسمع المعلقين يشيرون للرياضيين، وخاصة في رياضة كرة السلة، أن أيديهم موفقة اليوم، وبغض النظر عن نسبة التصويب الماضية للاعب، يفترض عشاق الرياضة في أغلب الأحيان أن اللاعب الذي نجح في تسجيل عدد من النقاط المتتابعة، لديه فرصة أكبر في تحقيق النجاح في تصويباته القادمة. كما هو الحال في سوق الأعمال فقد يخطئ المستثمرون في الكثير من الأحيان في اعتقادهم أن التوجهات الحالية هي أفضل مؤشر على ما سيحدث في المستقبل، فيبدأون بإصدار الأحكام تبعاً للمعلومات الحالية مقابل كل البيانات المتاحة لديهم، وهذا ما قد يدفع بعض المستثمرين للبيع أثناء مرحلة هبوط الأسواق؛ لأنهم يؤمنون أن العائد المنخفض سيستمر.

أما بالنسبة لليد الموفقة أو أن النجاح يؤدي للمزيد من النجاح، فمن الضروري على المستثمرين في مرحلة معينة أن ينظروا ببعد أكبر من أنشطة السوق الحالية مع الوضع في الاعتبار الصورة الأشمل للأوضاع الخاصة بالأسواق. وإحدى النصائح المهمة هي استخدام بيانات أسعار الفائدة الأساسية للمشاركة في نظرة تاريخية أكثر تعمقاً. وقد لا تكون بيانات أسعار الفائدة خلال الأسابيع أو الشهور القليلة الماضية كافية. كما أنه بات أمراً ضرورياً اليوم أن يكون لدى المستثمرين فهم كامل بالقيمة الماضية للأصول، وعلاوة على ذلك، ومن خلال تخطيط وجدولة إعادة موازنة المحفظة، يُمكن للمستثمرين تجنب المعطيات التي قد تكون مغرية في بعض الأحيان للتصرف بسرعة والاستجابة لتوجهات الأسواق المعاكسة والحديثة نسبياً.

لا يعترف المستثمرون بالخسارة إلا عندما تحدث فعلاً، ولذلك، ولتجنب التعرض لألم الخسارة «الحقيقية»، سيستمرون في التمسك باستثماراتهم وحتى إن كانت خسائرهم من تلك الاستثمارات تتزايد، وهذا بسبب محاولتهم لتجنب المواجهة النفسية أو العاطفية لتلك الخسائر في حالة عدم التوقف عن التداول. وتلك الخسائر لا تكون مهمة من وجهة نظرهم حتى يتم الانتهاء من الاستثمار، على الأقل في اللاوعي الخاص بهم.

ولكن بالطبع يتسبب هذا في مشكلة قيام المستثمرين في الكثير من الأحيان بالتمسك بالاستثمارات التي تُسبب الخسائر لفترات أطول، مما ينتج عنه خسائر أكبر، وبينما تساعدهم تلك السلوكيات في تجنب البيع بسبب الذعر أو الخوف، ولكن يُمكنها كذلك أن تضر بمحافظهم الاستثمارية؛ حيث يتم التجاهل الكامل لممارسات التوقف عن تحقيق الخسائر.

ولخفض مقدار الخسائر، يجب على المستثمرين الالتزام المسبق بالحد من المخاطر لتجنب فخ الوقوع في النفور من الخسارة أو كرهها الشديد.

وتعتبر غريزة محاربة السوق الهابطة أو محاولة الهروب منها أمراً طبيعياً جداً، ولكن فقط هؤلاء الذين ينجحون في التعامل مع الأزمات هم الذين يتمكنون من الاستفادة من المكاسب في المراحل التي تلي المراحل الصعبة، وبالرغم من السنوات العديدة من الخبرة والقدرة غير المحدودة للوصول لمختلف البيانات، ما زال العديد من المستثمرين لا يستطيعون التعامل مع ظروف الأسواق الصعبة؛ نتيجة لارتكابهم خطأً مباشراً مثل القتال في الأسواق الهابطة أو محاولة الهروب منها.

وبالرغم من أنه قد يكون من الصعب في العديد من الأوقات البقاء في الحياد أثناء فترات هبوط الأسواق، إلا أنه يُمكن للمستثمر إعادة ترتيب محفظة أعماله والحفاظ على سلامة أصوله؛ حيث يعتبر ترتيب أوضاع محفظة الأعمال لتحقيق الازدهار على المدى الطويل والكفاح بقوة في الأسواق الهابطة أمرين مختلفين، وبغض النظر عن حالة السوق، فإن المحاولة الثانية تُعد سعياً جديراً بالاهتمام. وفي حالة الأسواق الصاعدة، عندما يكون التوجه يخدم مصالح المستثمر، قد يكون كافياً إجراء بحث سريع حول الأوراق المالية فقط، ولكن من الضروري فحص البيانات المالية والأمور الأساسية للشركة بدقة قبل اتخاذ القرار بالاستمرار في تلك الاستثمارات، وفي نفس الوقت التعامل مع الصعوبات، وسواء كانت الغاية شراء الأسهم أو أي أشياء أخرى، فمن الحكمة شراء منتجات عالية الجودة عندما تنخفض أسعارها.

وعندما يتم تصفية الممتلكات طبقاً لجودتها، من الضروري عدم متابعة الأسواق من كثب، وقد يحدث هذا أثناء هبوط الأسواق أو في الفترات التي تشهد بعض الانتعاش أثناء مراحل هبوط الأسواق، وطبقاً للبيانات التاريخية، فإن أفضل أيام التداول في مؤشر «S&P 500» حدثت أثناء هبوط الأسواق، وفي المتوسط، تعود الأسواق للارتفاع بنسبة 10% بعد 12 شهراً من الدخول في مرحلة الهبوط أو الانخفاض. إن الاضطرابات التي تحدث في الأسواق لا تكون بسيطة حتى بالنسبة للمستثمرين المخضرمين، فلا أحد يستطيع أن يتنبأ متى ستصل قيمة الأسهم لأدنى درجاتها، وهناك احتمالية أن تسوء حالة الهبوط في الأسواق قبل أن تتحسن.

ويوجد لدى سوق الأسهم نسبة نجاح تبلغ 100% عندما يتعلق الأمر بالتعافي من التصحيحات والانهيار والأسواق الهابطة، بالرغم من التعرض للعديد من تلك الظروف على مر السنين. ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد أي ضمانات حقيقية للاستثمارات، ولكن بما أن السوق يمتلك سجلاً ممتازاً من التعافي حتى من أسوأ حالات وظروف الانهيار عبر العصور، فمن الممكن القول إنه سيتعافى هذه المرة كذلك. وحدث أن شهد مؤشر «S&P 500» عائداً وصل إلى 166%، بالرغم من فقاعة الإنترنت والركود الاقتصادي الكبير والأحداث التي وقعت في 2020.

* كبير مسؤولي الاستثمار «سنشري فاينانشال»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كبير مسؤولي الاستثمار «سنشري فاينانشال»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"