اضطراب سلسلة توريد الألمنيوم

22:27 مساء
قراءة 4 دقائق

آندي هوم*
تلعب الصين دوراً حاسماً في إعادة التوازن لسلسلة توريد الألمنيوم العالمية في أعقاب الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وقد رفعت البلاد صادرات الألومينا، أو أكسيد الألمنيوم، إلى روسيا لتعويض خسارة المواد الخام بعد أن حظرت أستراليا الصادرات رداً على العملية العسكرية الأخيرة.

وعززت الصين أيضاً صادراتها من الألمنيوم هذا العام، لا سيما إلى أوروبا، حيث تكافح المصاهر مع ارتفاع أسعار الطاقة جرّاء انخفاض تدفقات الغاز الروسي، كما تتسارع صادرات البلاد من المنتجات شبه المصنّعة. ومع ذلك فهو تطور غير مُرحب به من قبل الغرب الذي يتهم الصين منذ فترة طويلة بإغراق الألمنيوم بهذا الشكل.

لم يتم استهداف الألمنيوم الروسي بالعقوبات الغربية، لكن المنتج العملاق في البلاد (روسال)، يواجه عقبات مستمرة في إمدادات المواد الخام، خصوصاً بعد فرض أستراليا حظراً على صادرات خام «البوكسيت» و«الألومينا» إلى روسيا في مارس/آذار، مما أدى فعلياً إلى تجميد مشتريات «روسال» من «كوينزلاند ألومينا ليمتد» الأسترالية، وهي واحدة من أكبر مصافي الألومينا من حيث الطاقة الإنتاجية في العالم، والمملوكة بنسبة 20% للشركة الروسية.

وقالت الحكومة الأسترالية في ذلك الوقت إن الحظر يقضي على نحو 20% من متطلبات «الألومينا» الخاصة بشركة «روسال» لمصاهرها في سيبيريا. وبناء عليه، تولت شركة «ريو تينتو» السيطرة الكاملة على «كوينزلاند»، وهي خطوة تجابه قانوناً من قبل «روسال»، مما يزيد من تعقيد أي استئناف مستقبلي لشحنات الألومينا.

سارعت الصين إلى سد هذه الفجوة، وإخراج العملاق الروسي من القمقم الذي علق فيه، وبينما كانت صادراتها من الألومينا إلى روسيا ضئيلة في عامي 2020 و2021 عند 1,258 طناً و1,747 طناً على التوالي، ارتفعت الشحنات على مدى الأشهر الأربعة الماضية إلى 471 ألف طن، مع تسجيل شهر يونيو/حزيران وحده 184 ألف طن، في أعلى صادرات شهرية للمادة حتى الآن.

كانت زيادة الأحجام هذه إلى روسيا كافية لإعادة الصين إلى وضعها كمُصدّر صافٍ للألومينا لأول مرة منذ عام 2018 وأوائل عام 2019. ثم جاء افتقار السوق الغربية إلى المواد الخام بعد أن أمرت محكمة برازيلية بالتعليق الجزئي لعمل مصفاة ألونورت؛ أكبر موقع إنتاج منفرد في العالم بطاقة سنوية تبلغ 6.3 مليون طن، فغمرت الصادرات الصينية من جديد، فجوة العرض الناتجة في ذلك الوقت، وها هي تفعل ذلك مرة أخرى الآن بالنسبة لروسيا.

تسببت الحرب في أوكرانيا في حدوث تحول جذري في تجارة الصين للألمنيوم الخام الأساسي. فمصاهر الألمنيوم المتعطشة للطاقة في أوروبا عملت على تقليص الإنتاج، في الوقت الذي يؤدي فيه انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى تضييق الخناق على أزمة الطاقة الحادة.

ورداً على ذلك، رفعت الصين صادراتها من الألمنيوم، وقفزت الشحنات إلى 177 ألف طن في الأشهر الستة الأولى من عام 2022، من 3,815 طناً فقط في النصف الأول من العام الماضي. وشملت صادرات النصف الأول 59100 طن إلى هولندا، و32900 طن إلى تركيا، و20100 طن إلى الجبل الأسود، و15 ألف طن إلى الولايات المتحدة، و5 آلاف طن إلى إيطاليا.

في المقابل تراجعت الواردات بنسبة 75% إلى 197 ألف طن في الفترة بين يناير/كانون الثاني، ويونيو/حزيران هذا العام، مقارنة ب 744 ألف طن في النصف الأول من عام 2021. ويشير مزيج الطلب الصيني المنخفض على المعادن وصادراتها المباشرة إلى تحول هائل في أنماط التجارة بين الشرق والغرب. واليوم تباطأت وتيرة الصادرات بشكل ملحوظ في يونيو، نفسه، ويبقى أن نرى إلى متى تستمر هذه الظاهرة غير العادية تاريخياً.

يتزايد إنتاج الألمنيوم في الصين مع انخفاض الطلب المحلي، ما يعني عدم وجود نقص في الوحدات للصادرات المستقبلية المحتملة إذا احتاج بقية العالم إلى ورادات إضافية.

وحتى لو شحنت الصين مزيداً من الألمنيوم غير المشغول في الأشهر المقبلة، فإن الجزء الأكبر من أي فائض محلي سيتحول إلى منتجات نصف مصنّعة. ومثل هذه المنتجات ليست مسؤولة عن رسوم التصدير، ولكنها تستفيد من خصم ضريبة القيمة المضافة. يُذكر أن صادرات المواد شبه المصنعة قد زادت بنسبة 18% لتصل إلى 5.5 مليون طن العام الماضي، ونمت بوتيرة أسرع بنسبة 28% حتى الآن هذا العام.

تنظر كثير من دول العالم إلى صادرات الصين شبه المصنّعة على أنها إغراق مدعوم من الحكومة، وبناء عليه واجهت هذه الصادرات العديد من الحواجز الجمركية. ويجري العمل على فرض المزيد تزامناً مع تسارع التدفقات الصينية العابرة للحدود من هذه المنتجات إلى الأسواق الغربية.

ومع ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق، أنه لن يمدد تعليق رسوم مكافحة الإغراق لمدة تسعة أشهر على المنتجات الصينية المسطحة، التي تخضع الآن لرسوم تراوح بين 14% و25%. كما أن وزارة التجارة الأمريكية بدأت للتو في إجراءات للالتفاف على واردات رقائق الألمنيوم المنتجة في الصين والتي انتقلت إليها عبر المحيط قادمة من تايلاند وكوريا الجنوبية.

هذه هي هيمنة الصين في سلسلة التوريد العالمية وتأثير صادراتها في أسواق المنتجات والسلع في كل مكان. وبطبيعة الحال، فإن تلك الهيمنة نفسها هي التي شهدت تدخل البلاد في اختراق الإمداد في الجزء العلوي من «الألومينا» والأجزاء المعدنية غير المشغولة من سلسلة المعالجة.

* كاتب في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"