عادي

«الشارقة الدولي للراوي» يسلط الضوء على التراث السينمائي البحري الخليجي

18:47 مساء
قراءة 3 دقائق
قبل 51 عاماً من الآن، وبمجرد دخول السينما الى المنطقة، التف فنانون كويتيون كبار على نص مثير، جمعهم على أول عمل سينمائي في المنطقة عام 1971. المثير في هذا العمل أنه كان متعلقاً بالبحر -أهم روافد الحياة الخليجية- فصاغوا منه ملحمة فيلمية اختزلوا فيها علاقتهم بالبحر، فظهر فيلم «بس يا بحر» الذي وجّه الأنظار إلى سينما المنطقة، وأبطالها، وتراثها الشعبي، وحصد جوائز كبيرة.
الجوائز لم تكن وحدها هاجس الحاضرين في جلسة «بس يا بحر» التي أدارها الفنان خالد البناي، ضمن فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث في دورته الجديدة الـ22، وإنما تلك الشخصيات التي صاغها الفنانون سعد الفرج، وحياة الفهد، ومحمد المنصور، وعبدالرحمن الصالح لتظهر بشكل بارع من جهة، والذكريات التي لا تزال تتألق وهم يسردونها للجمهور على الرغم من مضي ما يزيد على خمسة عقود.
لكن لهذا النجاح سر، فما هو يا ترى؟ يذكر الفنان سعد الفرج أن السر كان لأمرٍ واحد، وهو أن كل فنان كان يشعر بأمانة تثقل رقبته، وعليه أن يحافظ عليها، وأن بين يديه رسالة لا بد أن يوصلها للناس، وما يميز الموضوع أيضاً أن الفنانين عاشوا أحداثاً حقيقية جعلتهم يؤمنون بأن عليهم إيصال هذه الحقائق للأجيال ليعرفوا كم قاسى الأجداد من أجل أن يصلوا بعائلاتهم وأبنائهم إلى بر الأمان.
الفنانة حياة الفهد شاطرت الفرج في أن الفيلم كان أكثر من مجرد عمل فني، وإنما كان رسالة وأمانة، وأن مشاركتها فيه كانت رغبة في إيصالها، وكان جلّ همها أن تنقل كل ما تشعر به من مشاعر تخصّ هذه الفترة التي كان الناس فيها على علاقة بالبحر، والتي يمكن تلخيصها بهذه العبارة أنه (من الصعب جداً أن تصاحب الوحش من أجل لقمة العيش)، وهذا ما حصل، مؤكدة أن الرسالة وصلت ولا تزال تؤدي دورها إلى اليوم.
وبعده تفسيره لمعنى «بس يا بحر» وتعني بس (يكفي)، أكد الفنان محمد المنصور أن الفيلم كان صرخة في وجه الظلم، ودلالة من دلالات الرفض والتمرد التي كانت متأججة في نفوس البحارة الذين كانوا يعرفون أنهم في رحلاتهم في هذا البحر قد يموتون ولا يعودون لأهاليهم، لذلك كان عليهم الصراخ في وجه الوجع والغياب، مهما كلفهم هذا الأمر.
وشارك المنصور الجمهور إحدى ذكرياته عن الفيلم قائلاً «كانت والدتي ضمن الحضور في افتتاح الفيلم، وكنت أمسك يدها لكي أجلسها في المقعد المخصص لها، فهمست لها في أذنها وهي تجلس وقلت لها يا أمي في نهاية الفيلم سأموت فلا تبكي علي فهذا فيلم وليس حقيقة، ولكنها لم تتمالك نفسها وهي تراني أمامها أموت فبكت وأبكت من حولها، وعندما سألتها قالت بكيت من أجلك ولأنني تذكرت حياتنا القديمة فأبكتني معها».
وكشف كاتب الفيلم الفنان عبدالرحمن الصالح في حديثه للجمهور بأنه استلهم قصة وحوارات الفيلم من وحي التجربة الحياتية التي عاشها والده الذي عمل بحاراً، وهي من وحي الحكايات والقصص التي خبرها البحارة الكويتيون القدامى أثناء رحلاتهم الطويلة بحثاً عن اللؤلؤ، لذلك جاءت الصورة مطابقة للواقع، وأحدثت في الجمهور تأثيراً لا يزال يتواصل بين الأجيال.
وشهدت الجلسة تكريم د.عبدالعزيز المسلم لشخصيات فيلم «بس يا بحر» ومدير الجلسة خالد البناي، وأثنى على عطاء الفنانين الكبير في خدمة الفن عامة، والتراث الشعبي الخليجي خاصة، لاسيما المتعلق بالبحر، ودورهم في حفظ الذاكرة الشعبية للحفاظ عليها أمام الأجيال اللاحقة، ونقلها لهم بشكل تام وأمين.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4p8srt5x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"