هل نحتاج إلى إعلام وإعلاميين؟

00:56 صباحا
قراءة دقيقتين

لو بحثنا أكثر حول مفهوم كلمة إعلامي لوجدنا أنه لا يزال من المفاهيم العائمة ويزيده التطور التكنولوجي والاتصالي غموضاً، كما أن الدراسات التي تتناول القائم بالاتصال وما يتعلق بوظيفته كحارس للبوابة تركز على سلوك الأفراد الذين يسيطرون في نقاط مختلفة على المضامين الإخبارية في مؤسسات البث الإذاعي والتلفزيوني أو في مؤسسات النشر الصحفي، وهي على الأغلب دراسات تهتم بوظيفة محرر المادة الإخبارية بالدرجة الأولى، لكن ماذا عن ناقل الرسالة نفسه –الوسيط بين حارس البوابة والمتلقي- مذيع النشرة أو مقدم البرنامج؟ بل ماذا عن ناقل المادة الإخبارية المتحرر من القيود المؤسساتية كإعلامي حر، وهو الذي يقوم بدور الحارس والوسيط في آن؟
لا أعتقد أن دعوة برنارد شو إلى الفصل بين العمل الصحفي الإخباري وفلسفة السياسة الصحفية صالحة في هذا القرن الذي أفرز أشكالاً مهنية كثيرة في مقابل أخرى قضى عليها، أما من يقومون بأدوارهم في النقل والتحرير والجمع والتحليل الإعلامي فقد وجدوا أنفسهم في مواجهة آلة إعلامية لا تستطيع تحقيق التكامل المعرفي والفكري المنشود بمنأى عن الآلة الاقتصادية التكنولوجية.
إن تحديات الزمن والمساحة والدوافع النفسية والإيديولوجية إضافة إلى التحديات التكنولوجية دفعت أهل المهنة في كثير من الأحيان لارتداء معطف الشمولية في مقابل ترك التخصص، فإعلاميو اليوم هم المخبرون والمنتجون والمحررون والقائمون بالعملية الاتصالية، ليتحول الفرد في بعض الأحيان إلى مؤسسة إعلامية بحد ذاته.
يبرز هنا تساؤل آخر عن جدوى التخصص في زمن أصبح يتيح لكل من يمتلك جهازاً خلوياً صناعة مادته الإخبارية وتقديمها بشكل سريع ومباشر ليتم تداولها في دقائق معدودة بين مئات وأحياناً مئات الآلاف من الأشخاص.
هل نحتاج لمذيعين ومقدمين أكاديميين، أم متخصصين في مجالات مختلفة وقادرين على تسخير معارفهم في تقديم مواد ومضامين إعلامية متخصصة؟
لا شك أننا واقعون في حيرة كبيرة ونحن نشاهد هذا التهافت المؤسساتي والجماهيري على أشكال مختلفة من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي والرياضة والفن وغيرها ليتولوا منابر التقديم والحوار، الأمر الذي أذاب الفروق بين أصحاب المهنة الحقيقيين وأولئك المؤثرين، الأمر الذي يحتم علينا إعادة النظر في هذا المفهوم من خلال دراسات أكثر شمولاً وعمقاً لمهنة الإعلامي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ywhvy5wn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"