عادي

«بلاك آدم» أسطورة خيالية بإسقاطات واقعية في دور السينما بالإمارات

19:22 مساء
قراءة 4 دقائق
مشهد من الفيلم
مشهد من فيلم بلاك أدم

* الأحداث تدور في زمنين أحدهما في الماضي السحيق والآخر في العصر الحديث

* الحبكة الدرامية تقدّم للمشاهد فيلماً أسطورياً مستوحى من القصص الخيالية

دبي: مها عادل

يجسد الفيلم الأمريكي العملاق إنتاجاً وتمثيلاً وإخراجاً «بلاك آدم» حالة غير تقليدية من المزج بين الأسطورة والواقع، فيجمع بين بهاء الخرافات وجاذبيتها وإسقاطات واقعية على الأزمات والحروب والصراعات التي يعانيها العديد من شعوب العالم.

برع صناع الفيلم في تقديم توليفة سينمائية محكمة، تعيد إحياء الأفكار الخالدة والمتوارثة التي تمت معالجتها عبر وسائط فنية متعددة، سواء بالكتابة أو المسرح أو السينما، بأسلوب عصري، بلغة المستقبل، وتقنياته، وأهم هذه الأفكار بحث الشعوب عن الحرية واللهث وراء بطل مخلص يغير الأحوال، ويقودهم لمستقبل أفضل.

تدور أحداث الفيلم الذي يطرح بدور السينما بالدولة، اليوم الخميس، في زمنين مختلفين أحدهما في الماضي السحيق، والآخر في العصر الحديث، فيصحبنا إلى عصر ينتمي إلى حقبة ما قبل التاريخ، وقبل بناء الأهرامات، حيث يتجبر حاكم قوي يتمتع بسلطة هائلة على شعبه، يخضع له الجميع على أمل ظهور بطل حقيقي شجاع يقاوم الظلم، ويحررهم، ليظهر البطل الشجاع من أبناء الشعب، ويمنحه الكهنة قوة سحرية خارقة، وتتوالى الأحداث في سلسلة من المفاجآت والصراعات التي تبقي الأفواه فاغرة والأعين مشدوهة وتتنقل الأحداث في العصور لتمثل الصراع الأزلي بين القوى المتضاربة، بينما يذهلنا الفيلم بمؤثراته البصرية والسمعية الخاصة التي تجعل من الخيال حقيقة واقعية والتي جسدتها إمكانات وتقنيات سينما ريل بدبي مول، حيث عقد العرض الافتتاحي للفيلم الذي طال انتظاره، خصوصاً من فئة الشباب.

وتلعب الموسيقى التصويرية المصاحبة للأحداث دوراً مهماً في نقل المشاهد بين الأزمنة والعصور، حيث نجد موسيقى الراب وأغنياته تعبر عن اللحظات الحماسية بالفيلم والانتصارات أحياناً.

أبدع المخرج في اختيار أماكن التصوير في مختلف العصور التي يمثلها الفيلم ما بين التصوير أعلى الجبال وداخل الكهوف وعلى سطح الماء ووسط السحاب والغيوم.

أما عن الإبهار في استخدام الجرافيك بإتقان ينافس الواقع، فحدث ولا حرج، وهي الآلية نفسها التي يديرها صنّاع الفيلم بإتقان، وتمكن في تشخيص أبطال الفيلم، ويجسد قدراتهم الخارقة للطبيعة الذين يشكلون فريقاً لمحاربة البطل العائد من السبات بعد 5 آلاف عام، ليجد مدينته بشكل مختلف، لكنها تحت وطأة الغزاة.

تقدم الحبكة الدرامية للمشاهد فيلماً أسطورياً من لحم ودم، ومستوحى من القصص الخيالية وأفلام الأنيميشن وأسطورة «شازام» الشهيرة، تسلسل الأحداث بالفيلم يمنح الحبكة بعداً آخر من التشويق والإثارة ومستوى مختلف من الأكشن وجرعة مكثفة من المفاجآت التي تتلاحق وتخطف المشاهد منذ اللحظة الأولى بالفيلم وحتى نهايته، فلا استراحة لالتقاط الأنفاس المبهورة من فرط التشويق طوال مدة عرض الفيلم التي تصل إلى ساعتين.

ويمثل مونتاج هذا العمل الضخم بطلاً من أبطاله، حيث يحافظ على إيقاع متسارع، ينقل المشاهد إلى عالم كامل من الأسطورة والخيال بقوة، ليخرج به من محيط مقعده في قاعة السينما إلى آفاق أوسع وأرحب يعجز الخيال عن تصورها أو التنبؤ بها مهما كان خصباً.

وفي ظل هذا الجو الأسطوري كان صناع الفيلم حريصين على أن يعودوا بالمشاهد إلى عالم الواقع كل حين، عبر كلمة أو جملة في الحوار أو لمحة من مشهد فنشاهد واقعنا المعاصر وصورة للصراع والدمار والحروب التي تهدده وتعانيها شعوب العالم التي ما زال بعضها يبحث عن الخلاص والحرية بواسطة البطل الخارق المخلص أو الزعيم الذي يحقق لها الانتصار.

واللافت للنظر في الفيلم هو وجود بعض الأسماء العربية التي تحملها شخصيات رئيسية بالفيلم تبحث عن الحرية والعدالة.

ومن المفاجآت الطريفة بالفيلم المشاركة المميزة للفنان محمد عامر الشهير ب «مو عامر» نجم الستاند أب كوميدي الأمريكي ذي الأصل الفلسطيني، حيث يلعب دور أحد المتمردين الباحثين عن الحرية في الفيلم ويلعب الشخصية بلمسات كوميدية راقية تتناسب مع طبيعة الفيلم وحبكته الدرامية.

ويحمل الفيلم العديد من الرسائل المهمة عن الحرب والسلام والحرية والعدالة واختلاط معايير الخير والشر أحياناً، فلا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق، فكل مقاتل من الخارقين لديه أهدافه التي يدافع عنها.

يؤكد الفيلم في النهاية أن الشعوب لا تحتاج إلى بطل يحررها؛ بل تحتاج إلى نيل حريتها بتكاتفها وتعاونها، ويكتشف الأبطال المتصارعون أيضاً أن اتحاد قواهم على تحقيق هدف واحد والتضحية، السبيل الوحيد لتحقيق الهدف المشترك، وهو تغيير المستقبل نحو الأفضل.

وكان المخرج موفقاً في كاستنج الفيلم، حيث جمع اختيار الممثلين بين توليفة متنوعة من الأبطال على رأسهم المصارع «ذا روك» أو الفنان «دوين جونسون» في دور البطل الأسطوري «بلاك أدم» الذي لا يقهر، مستخدماً ملامحه القوية وجسده الرياضي، ويجسد النجم «بيرس برسنان» المخضرم دور البطل الخارق الذي يتمتع برؤية وحكمة وقدرة على قراءة المستقبل وتداعيات الأحداث وقدرات سحرية خاصة تليق بهذا النجم الذي حوصر قبل وقت طويل في دور«جيمس بوند»، لكنه أثبت أن موهبته لا تنضب، وإمكاناته تتألق في كل دور يقوم به، ويشارك بالفيلم، سارة شاهي الديس هودج ونوح سنتينو وكوينتيسا سونيدل وتم تصويره ب«أتلانتا».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrydx67v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"